فَمَعْنَى الْخَاوِيَةِ وَالْمُنْقَعِرِ فِي الْآيَتَيْنِ وَاحِدٌ، وَهِيَ المُنقلِعة مِنْ أُصولها حَتَّى خَوى مَنْبتُها. وَيُقَالُ: انقَعَرَتِ الشَّجَرَةُ إِذا انقلَعتْ، وانقَعَر النبتُ إِذا انقلَعَ مَنْ أَصله فَانْهَدَمَ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ فِي خَرَابِ الْمَنَازِلِ مِنْ أَبلغ مَا يُوصَفُ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ مَا دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ؛ أَي قَلَعَ أَبنيتَهم مِنْ أَساسها وَهِيَ القواعِدُ فَتَسَاقَطَتْ سُقوفُها، وَعَلَيْهَا الْقَوَاعِدُ، وحيطانُها وَهُمْ فِيهَا، وإِنما قِيلَ للمُنقَعِرِ خاوٍ أَي خالٍ، وَقَالَ بَعْضِهِمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها*
؛ أَي خَاوِيَةٌ عَنْ عُرُوشِهَا لتهدُّمِها، جَعَلَ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ كَمَا قَالَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ؛ أَي اكْتَالُوا عَنْهُمْ لأَنفسهم، وعُروشُها: سُقوفها، يَعْنِي قَدْ سقَط بعضُه عَلَى بَعْضٍ، وأَصل ذَلِكَ أَن تسقُط السقوفُ ثُمَّ تسقُط الحيِطان عَلَيْهَا. خَوَتْ: صَارَتْ خاوِيةً مِنَ الأَساس. والعَرْش أَيضاً: الخشَبة، وَالْجَمْعُ أَعراشٌ وعُروشٌ. وعرَش العَرْشَ يعرِشه ويعرُشه عَرْشاً: عَمِلَه. وعَرْشُ الرَّجُلِ: قِوام أَمره، مِنْهُ. والعَرْش: المُلْك. وثُلَّ عَرْشُه: هُدِم مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ قِوام أَمره، وَقِيلَ: وَهَى أَمره وذهَب عِزُّه؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
تَداركْتُما الأَحْلافَ، قَدْ ثُلَّ عَرْشُها، ... وذُبيانَ إِذ زَلَّتْ بأَحلامِها النَّعْلُ «٢»
والعَرْش: الْبَيْتُ وَالْمَنْزِلُ، وَالْجَمْعُ عُرُش؛ عَنْ كُرَاعٍ. والعَرْش كواكِبُ قُدَّام السِّماك الأَعْزَلِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والعَرْشُ أَربعةُ كَواكِبَ صِغَارٌ أَسفل مِنَ العَوَّاء، يُقَالُ إِنها عَجُزُ الأَسَدِ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
بَاتَتْ عَلَيْهِ ليلةٌ عَرْشيَّةٌ ... شَرِبَتْ، وَبَاتَ عَلَى نَقاً مُتهدِّمِ
وَفِي التَّهْذِيبِ: وعَرْشُ الثُّريَّا كواكِبُ قَرِيبَةٌ مِنْهَا. والعَرْشُ والعَرِيش: مَا يُستَظلُّ بِهِ.
وَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ بَدْرٍ: أَلا نَبْني لَكَ عَرِيشاً تتظلَّل بِهِ؟
وَقَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
كَانَ أَبو حَسَّانَ عَرْشاً خَوَى، ... ممَّا بَناه الدَّهْرُ دَانٍ ظَلِيلْ
أَي كَانَ يظلُّنا، وَجَمْعُهُ عُروش وعُرُش. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن عُروشاً جَمْعُ عَرْش، وعُرُشاً جمعُ عَرِيش وَلَيْسَ جمعَ عَرْشٍ، لأَن بَابَ فَعْل وفُعُل كرَهْن ورُهُن وسَحْل وسُحُل لَا يتَّسع. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَتْ حُمَّرةٌ جَعَلَتْ تُعَرِّشُ
؛ التَّعْرِيش: أَن تَرْتَفِعَ وتظلِّل بِجَنَاحَيْهَا عَلَى مَنْ تَحْتَهَا. والعَرْش: الأَصل يَكُونُ فِيهِ أَربعُ نَخْلات أَو خمسٌ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي عَمْرٍو، وإِذا نبتتْ رواكِيبُ أَربعٌ أَو خمسٌ عَلَى جِذْع النَّخْلَة فَهُوَ العَرِيشُ. وعَرْشُ الْبِئْرِ: طَيُّها بِالْخَشَبِ. وعرشْت الرَّكِيَّة أَعرُشها وأَعرِشُها عَرْشاً: طَويْتُها مِنْ أَسفلها قدرَ قامةٍ بِالْحِجَارَةِ ثُمَّ طَوَيْتُ سائرَها بِالْخَشَبِ، فَهِيَ مَعْرُوشةٌ، وَذَلِكَ الْخَشَبُ هُوَ العَرْش، فأَما الطيُّ فَبِالْحِجَارَةِ خاصَّة، وإِذا كَانَتْ كُلُّهَا بِالْحِجَارَةِ، فَهِيَ مطويَّة وَلَيْسَتْ بِمَعْرُوشَةٍ، والعَرْشُ: مَا عَرَشْتها بِهِ مِنَ الْخَشَبِ، وَالْجَمْعُ عُروشٌ. والعَرْشُ: الْبِنَاءُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى فَمِ الْبِئْرِ يَقُومُ عَلَيْهِ السَّاقِي، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَكُلَّ يومٍ عَرْشُها مَقِيلي
وَقَالَ القَطامي عُمَيْرُ بنُ شُيَيْمٍ:
وَمَا لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ، ... إِذا استُلَّ مِنْ تَحْتِ العُرُوشِ الدَّعائمُ
(٢). في الديوان: بأَقدامها بدلًا من بأَحلامها.