الْبَقِيَّةُ تَبْقَى فِي الْحَوْضِ مِنَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ الَّذِي تُرَى أَرض الْحَوْضِ مِنْ وَرَائِهِ مِنْ صَفائه. والفَراشةُ: مَنْقَع الْمَاءِ فِي الصفاةِ، وجمعُها فَراشٌ. وفَراشُ القاعِ وَالطِّينِ: مَا يَبِسَ بَعْدَ نُضُوب الْمَاءِ مِنَ الطِّينِ عَلَى وَجْهِ الأَرض، والفَراشُ: أَقلُّ مِنَ الضَّحْضاح؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الحُمُر:
وأَبْصَرْنَ أَنَّ القِنْعَ صارَتْ نِطافُه ... فَراشاً، وأَنَّ البَقْلَ ذَاوٍ ويابِسُ
والفَراشُ: حَبَبُ الماءِ مِنَ العَرَقِ، وَقِيلَ: هُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَرَقِ: عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
فَراش المَسِيح فَوْقَه يَتَصَبَّبُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَعرف هَذَا الْبَيْتَ إِنما الْمَعْرُوفُ بَيْتُ لَبِيدٍ:
عَلا المسْك والدِّيباج فوقَ نُحورِهم ... فَراش المسيحِ، كالجُمَان المُثَقَّب
قَالَ: وأَرى ابْنَ الأَعرابي إِنما أَراد هَذَا الْبَيْتَ فأَحالَ الروايةَ إِلا أَن يَكُونَ لَبِيدٌ قَدْ أَقْوى فَقَالَ:
فَرَاشُ الْمَسِيحِ فَوْقَهُ يَتَصَبَّبُ
قَالَ: وإِنما قُلْتُ إِنه أَقْوى لأَنّ رَوِيَّ هَذِهِ القصيدةِ مجرورٌ، وأَوّلُها:
أَرى النفسَ لَجّتْ فِي رَجاءٍ مُكَذَّبِ، ... وَقَدْ جَرّبَتْ لَوْ تَقْتَدِي بالمُجَرَّبِ
وَرَوَى الْبَيْتَ: كَالْجُمَانِ المُحَبّبِ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَنْ رفعَ الفَراشَ ونَصَبَ المِسْكَ فِي الْبَيْتِ رفَعَ الدِّيباجَ عَلَى أَن الْوَاوَ لِلْحَالِ، ومَنْ نَصَبَ الفَراشَ رفعَهما. والفَرَاشُ: دوابٌّ مِثْلُ الْبَعُوضِ تَطير، واحدتُها فَراشةٌ. والفرَاشةُ: الَّتِي تَطير وتَهافَتُ فِي السِّراج، وَالْجَمْعُ فَراشٌ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ عز وجل: يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ
، قَالَ: الفَراش مَا تَراه كصِغارِ البَقِّ يَتَهافَتُ فِي النَّارِ، شَبَّهَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الناسَ يومَ البَعْث بِالْجَرَادِ المُنْتَشر وبالفَراش الْمَبْثُوثِ لأَنهم إِذا بُعِثُوا يمُوج بعضُهم فِي بَعْضٍ كَالْجَرَادِ الَّذِي يَمُوج بعضُه فِي بَعْضٍ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُرِيدُ كالغَوْغاءِ مِنَ الْجَرَادِ يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُول يَوْمَئِذٍ بعضُهم فِي بَعْضٍ، وَقَالَ اللَّيْثُ: الفَراشُ الَّذِي يَطِير؛ وأَنشد:
أَوْدى بِحِلْمِهمُ الفِياشُ، فِحلْمُهم ... حِلْمُ الفَراشِ، غَشِينَ نارَ المُصْطَلي «١»
:
أَزرَى بحِلمِكُمُ الفِياشُ، فأنتمُ ... مثلُ الفَراش غَشِين نَارَ الْمُصْطَلِي
وَفِي الْمَثَلِ: أَطْيَشُ مِنْ فَراشةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فتَتَقادَعُ بِهِمْ جَنْبةُ السِّراطِ تَقادُعَ الفَراشِ
؛ هُوَ بِالْفَتْحِ الطَّيْرُ الَّذِي يُلْقي نفسَه فِي ضَوْءِ السِّراج؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
جَعَلَ الفَراشُ وَهَذِهِ الدوابُّ تَقَعُ فِيهَا.
والفَراشُ: الخفيفُ الطَّيّاشَةُ مِنَ الرِّجَالِ. وتَفَرّش الطائرُ: رَفْرَفَ بِجَنَاحَيْهِ وبسَطَهما؛ قَالَ أَبو دُوَادٍ يَصِفُ رَبِيئَةً:
فَأَتانا يَسْعَى تَفَرُّشَ أُمّ البَيْض ... شَدّاً، وَقَدْ تَعالى النهارُ
وَيُقَالُ: فَرَّشَ الطائرُ تَفْرِيشاً إِذا جَعَلَ يُرَفْرِف عَلَى الشَّيْءِ، وَهِيَ الشَّرْشَرةُ والرَفْرَفةُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَجَاءَتِ الحُمَّرةُ فَجَعَلَتْ تفَرّش
؛ هُوَ أَن تَقْرب مِنَ الأَرض وتَفْرُش جَناحيها وتُرَفْرِف. وضرَبَه فَمَا أَفْرَش عَنْهُ حَتَّى قَتَلَه أَي مَا أَقْلعَ عَنْهُ، وأَفْرَش عَنْهُمُ الموتُ أَي ارْتفع؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَقَوْلُهُمْ: مَا أَفْرَشَ عَنْهُ أَي مَا أَقْلَع؛ قَالَ يزيد
(١). هذا البيت لجرير وهو في ديوانه على هذه الصورة