اللَّحْمِ عَلَيْهِمَا. وَدَابَّةٌ نَهْشُ الْيَدَيْنِ أَي خَفِيفٌ، كأَنه أُخذ مِنْ نَهْشِ الْحَيَّةِ؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ ذِئْبًا:
مُتَوَضِّحَ الأَقْرابِ، فِيهِ شُكْلَةٌ، ... نَهْشَ الْيَدَيْنِ، تَخالُه مَشْكولا
وَقَوْلُهُ تَخاله مَشْكولا أَي لَا يَسْتَقِيمُ فِي عَدْوِه كأَنه قَدْ شُكِل بِشِكالٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاد هَذَا الْبَيْتِ: نهشَ الْيَدَيْنِ، بِنَصْبِ الشِّينِ، لأَنه في صِفَةُ ذِئْبٍ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِمَا قَبْلَهُ:
وقْع الرَّبيعِ وَقَدْ تَقارَبَ خَطْوُه، ... ورَأَى بعَقْوَتِه أَزَلَّ نَسولا
وعَقْوَتُه: ساحتُه. والأَزَلُّ: الذِّئْبُ الأَرْسحُ، والأَرْسَحُ: ضدُّ الأَسْته. والنَّسُولُ: مِنَ النَّسَلانِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ العَدْوِ؛ وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
يَعْدُو بِهِ نَهِش المُشَاشِ كأَنه ... صَدَعٌ سَلِيمٌ، رَجْعه لَا يَظْلع
ابْنُ الأَعرابي: قَدْ نَهَشَه الدهرُ فَاحْتَاجَ. ابْنُ شُمَيْلٍ: نُهِشَت عضدُه أَي دَقَّتْ. والمَنْهُوشُ مِنَ الأَحْراح: القليلُ اللَّحْمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنِ اكتَسَبَ مَالًا مِنْ نَهاوِشَ كأَنه نَهَشَ مِنْ هُنَا وَهُنَا
؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي وَلَمْ يُفَسِّرِ نَهَشَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَكِنَّهُ عِنْدِي أَخَذَ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: كأَنه أَخَذَه مِنْ أَفواه الْحَيَّاتِ وَهُوَ أَن يكتِسِبَه مِنْ غَيْرِ حِلِّه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، بِالنُّونِ، وَهِيَ المَظالمُ مِنْ قَوْلِهِ نهَشَه إِذا جهَدَه، فَهُوَ مَنْهوش، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ الهَوْشِ الخَلْطِ، قَالَ: ويُقْضى بِزِيَادَةِ النُّونِ وَيَكُونُ نظيرَ قَوْلِهِمْ تَباذِيرَ وتخارِيبَ مِنَ التَبْذِير والخَرابِ. والمُنْتَهِشةُ مِنَ النِّسَاءِ: الَّتِي تخْمِشُ وجهَها عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، والنَّهْشُ: لَهُ أَن تأْخذَ لحمَه بأَظفارِها. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن رَسُولَ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لعَنَ المُنْتَهِشةَ والحالِقةَ
؛ وَمِنْ هَذَا قيل: نهَشَتْه الكِلابُ.
نوش: ناشَه بيدِه يَنُوشُه نَوْشاً: تناوَله؛ قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ:
فَجِئْتُ إِليه، والرِّماحُ تَنُوشُه، ... كوَقْعِ الصَّياصي فِي النَّسِيج المُمَدَّدِ
والانْتِياشُ مِثْلُهُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
باتتْ تَنُوشُ العَنَقَ انْتِياشا
وتَناوَشَه كَنَاشَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ
؛ أَي فَكَيْفَ لَهُمْ أَن يتناوَلوا مَا بعُد عَنْهُمْ مِنَ الإِيمان وَامْتَنَعَ بعْد أَن كَانَ مَبْذُولًا لَهُمْ مَقْبُولًا مِنْهُمْ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: التناوُش،. بِلَا هَمْزٍ، الأَخْذُ مِنْ قُرْب، والتناؤشُ، بِالْهَمْزِ، مِنْ بُعْد، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَولَ الْفَصْلِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: التناوُش بِالْوَاوِ مِنْ قُرْب. قَالَ اللَّه تَعَالَى: وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: التَّناوُشُ بِغَيْرِ هَمْزٍ التَّناوُلُ والنَّوْشُ مِثْلُهُ، نُشْتُ أَنوشُ نَوْشاً. قَالَ الْفَرَّاءُ: وأَهل الْحِجَازِ تَرَكُوا همْزَ التَّناوُشِ وجعَلوه مِنْ نُشْتُ الشَّيْءَ إِذا تَناوَلْته. وَقَدْ تَناوشَ القومُ فِي القِتال إِذا تناوَلَ بعضُهم بَعْضًا بِالرِّمَاحِ وَلَمْ يَتدانَوْا كلَّ التَّداني. وَفِي حَدِيثِ
قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ: كُنْتُ أُناوِشُهم وأُهاوِشُهم فِي الْجَاهِلِيَّةِ
أَي أُقاتِلُهم؛ وقرأَ الأَعمش وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ التَّنَاؤُشُ بالهمز، يجعلونه مِنْ نَأَشْت وَهُوَ البُطْء؛ وأَنشد:
وجِئْتَ نَئِيشاً بعْدَ ما فاتَك الخَبَرْ
أَي بَطيئاً متأَخراً، مَنْ هَمَزَ فَمَعْنَاهُ كيف لهم بالحركة فيما لَا جَدْوى لَهُ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي تَرْجَمَةِ نأَش. قَالَ الزَّجَّاجُ: التَّناوُشُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، التناوُلُ؛ الْمَعْنَى وَكَيْفَ لَهُمْ أَن يَتَناوَلوا مَا كَانَ مَبْذُولًا لَهُمْ وَكَانَ قَرِيبًا مِنْهُمْ فَكَيْفَ يَتَناوَلونه حِينَ بَعُدَ عَنْهُمْ، يَعْنِي الإِيمان