للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْكَ، وَفِي الصِّحَاحِ: وإِنْسِيُّها مَا أَقْبَل عَلَيْكَ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ وَحْشِيُّ اليدِ والرجْل وإِنْسِيُّهما، وَقِيلَ: وحْشِيُّها الجانبُ الَّذِي لَا يَقَعُ عَلَيْهِ السَّهمُ، لَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ أَعْجميّةٌ مِنْ غَيْرِهَا. ووَحْشِيُّ كلِّ دَابَّةٍ: شِقَّه الأَيمن، وإِنْسِيُّه: شقُّه الأَيسر. قَالَ الأَزهري: جوّدَ الليثُ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ فِي الوَحْشِيّ والإِنْسِيّ ووافَقَ قولُه قَوْلَ الأَئمة المُتْقِنِينَ. ورُوي عَنِ الْمُفَضَّلِ وَعَنِ الأَصمعي وَعَنْ أَبي عُبَيْدَةَ قَالُوا كلُّهم: الوَحْشِيُّ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ لَيْسَ الإِنسان، هُوَ الجانبُ الَّذِي لَا يُحْلَب مِنْهُ وَلَا يُرْكَبُ، والإِنسيُّ الجانبُ الَّذِي يَرْكَب مِنْهُ الرَّاكِبُ ويَحْلُب مِنْهُ الْحَالِبُ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِمَا مِنَ الإِنسان، فَبَعْضُهُمْ يُلْحِقه فِي الْخَيْلِ وَالدَّوَابِّ والإِبل، وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: الوَحْشِيّ مَا وَليَ الكتِفَ، والإِنْسِيُّ مَا وَليَ الإِبْطَ، قَالَ: هَذَا هُوَ الِاخْتِيَارُ لِيَكُونَ فَرْقًا بَيْنَ بَنِي آدَمَ وسائرِ الْحَيَوَانِ؛ وَقِيلَ: الوَحْشِيُّ مِنَ الدَّابَّةِ مَا يَرْكب مِنْهُ الراكبُ ويَحْتَلِبُ مِنْهُ الحالبُ، وإِنما قَالُوا: فَجالَ عَلَى وَحْشِيّه وانْصاعَ جانبُه الوَحْشِيُّ لأَنه لَا يؤْتى فِي الرُّكُوبِ وَالْحَلْبِ والمُعالجة وكلِّ شَيْءٍ إِلا مِنْهُ فإِنما خوْفُه مِنْهُ، والإِنْسِيُّ الجانبُ الْآخَرُ؛ وَقِيلَ: الْوَحْشِيُّ الَّذِي لَا يُقدَر عَلَى أَخذ الدَّابَّةِ إِذا أَفْلَتت مِنْهُ وإِنما يُؤْخَذُ مِنَ الإِنْسِيّ، وَهُوَ الْجَانِبُ الَّذِي تُرْكب مِنْهُ الدَّابَّةُ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْجَانِبُ الوَحِيشُ كالوَحْشِيّ؛ وأَنشد:

بأَقدامِنا عَنْ جارِنا أَجنَبِيّة ... حَياء، وللمُهْدى إِليه طَريقُ

لِجارتِنا الشِّقُّ الوَحِيشُ، وَلَا يُرى ... لِجارتِنا مِنَّا أَخٌ وصديقُ

وتَوَحَّشَ الرجلُ: رَمى بِثَوْبِهِ أَو بِمَا كَانَ. ووَحَشَ بِثَوْبه وَبِسَيْفِهِ وبرُمْحه، خَفِيف: رَمى؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، قَالَ: والناسُ يَقُولُونَ وَحَّشَ، مُشَدَّداً، وَقَالَ مَرَّةً: وحَشَ بِثَوْبِهِ وبدِرْعه ووَحَّش، مُخَفَّفٌ ومثقَّل، خافَ أَن يُدْرَك فرَمى بِهِ ليُخَفِّفَ عَنْ دَابَّتِهِ. قَالَ الأَزهري: ورأَيت فِي كتابٍ أَن أَبا النَّجْمِ وَحَّشَ بِثِيَابِهِ وارْتَدَّ يُنْشِد أَي رَمى بِثِيَابِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كانَ بَيْنَ الأَوْس والخَزْرج قِتال فَجَاءَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهُمْ نَادَى: أَيُّها الناسُ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [الْآيَاتِ] فوَحَّشُوا بأَسْلحتهم واعْتَنَق بعضُهم بَعْضًا

أَي رَمَوْها؛ قَالَتْ أُم عَمْرِو بِنْتُ وَقْدانَ:

إِن أَنتُمُ لَمْ تَطْلُبوا بأَخِيكُم، ... فذَرُوا السِّلاحَ وَوَحِّشُوا بالأَبْرَقِ

وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أَنه لَقي الخوارجَ فوَحَّشُوا برِماحِهم واستَلّوا السُّيُوفَ

؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:

كَانَ لِرَسُولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ «٦» فَوَحَّشَ بِهِ بَيْنَ ظَهْرانَيْ أَصحابهِ فَوحّشَ الناسُ بخواتيمهم

، وَفِي الْحَدِيثِ:

أَتاه سائلٌ فأَعطاه تَمْرَةً فَوَحَّشَ بِهَا.

وَالْوَحْشِيُّ مِنَ التِّين: مَا نَبَت فِي الْجِبَالِ وشَواحِط الأَوْدية، وَيَكُونُ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ: أَسود وأَحمر وأَبيض، وَهُوَ أَصغر التِّينِ، وإِذا أُكل جَنِيّاً أَحْرق الْفَمَ، ويُزَبَّبُ؛ كُلُّ ذَلِكَ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ. ووَحْشِيٌّ: اسْمُ رَجُلٍ، ووَحْشِيَّةُ: اسْمُ امرأَة؛ قَالَ الوَقَّافُ أَو الْمَرَّارُ الْفَقْعَسِيُّ:

إِذا تَرَكَتْ وَحْشِيَةُ النَّجْدَ لَمْ يَكُنْ ... لِعَيْنَيك، مِمَّا تَشْكُوانِ، طَبِيبُ


(٦). قوله [من حديد] الذي في النهاية من ذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>