أَي وَصَلَ إِليه، وخَلَصَ إِذا سَلِم ونَجا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
هِرَقْلَ: إِني أَخْلُص إِليه.
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه قَضَى فِي حُكُومَةٍ بالخَلاصِ
أَي الرجوعِ بالثَّمن عَلَى الْبَائِعِ إِذا كَانَتِ العينُ مُسْتَحِقَّةً وَقَدْ قَبَضَ ثمَنَها أَي قَضَى بِمَا يُتَخَلّص بِهِ مِنَ الْخُصُومَةِ. وخلَص فلانٌ إِلى فُلَانٍ أَي وَصَل إِليه. وَيُقَالُ: هَذَا الشَّيْءُ خالِصةٌ لَكَ أَي خالِصٌ لَكَ خَاصَّةً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقالُوا مَا فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا
؛ أَنَّثَ الخالصةَ لأَنه جَعَلَ مَعْنَى مَا التأْنيثَ لأَنها فِي مَعْنَى الْجَمَاعَةِ كأَنهم قَالُوا: جماعةُ مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الأَنعامِ خالصةٌ لِذُكُورِنَا. وَقَوْلُهُ: وَمُحَرَّمٌ، مَرْدُودٌ عَلَى لَفْظِ مَا، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَنَّثَه لتأْنيث الأَنْعامِ، وَالَّذِي فِي بُطُونِ الأَنعام لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ بَعْضِ الشَّيْءِ لأَن قَوْلَكَ سقَطَتْ بعضُ أَصابِعه، بَعْضُ الأَصابِع أُصبعٌ، وَهِيَ وَاحِدَةٌ مِنْهَا، وَمَا فِي بَطْنِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الأَنعام هُوَ غَيْرُهَا، وَمَنْ قَالَ يَجُوزُ عَلَى أَن الْجُمْلَةَ أَنعام فكأَنه قَالَ وَقَالُوا: الأَنعامُ الَّتِي فِي بُطُونِ الأَنعام خالصةٌ لِذُكُورِنَا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والقولُ الأَول أَبْيَنُ لِقَوْلِهِ وَمُحَرَّمٌ، لأَنه دَلِيلٌ عَلَى الحَمْلِ عَلَى الْمَعْنَى فِي مَا، وقرأَ بَعْضُهُمْ خَالِصَةً لِذُكُورِنَا يَعْنِي مَا خلَص حَيّاً، وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ
، قُرئَ خالصةٌ وخالِصَةٌ، الْمَعْنَى أَنها حَلال لِلْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ يَشْرَكُهم فِيهَا الْكَافِرُونَ، فإِذا كَانَ يومُ الْقِيَامَةِ خَلَصت لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَشْرَكُهم فِيهَا كَافِرٌ، وأَما إِعْراب خالصةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَهُوَ عَلَى أَنه خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ كَمَا تَقُولُ زيدٌ عاقلٌ لبيبٌ، الْمَعْنَى قُلْ هِيَ ثابتةٌ لِلَّذِينِ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي تأْويل الْحَالِ، كأَنك قُلْتَ قُلْ هِيَ ثَابِتَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فِي الحياة الدنيا خالصةٌ يوم الْقِيَامَةِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ
؛ يُقْرَأُ
بخالصةِ ذِكْرى الدَّارِ
عَلَى إِضافة خَالِصَةٍ إِلى ذِكْرى، فَمَنْ قرأَ بِالتَّنْوِينِ جَعَلَ ذِكْرى الدَّارِ بَدَلًا مِنْ خَالِصَةٍ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى إِنا أَخْلَصْناهم بِذِكْرَى الدار، ومعنى الدار هاهنا دارُ الْآخِرَةِ، وَمَعْنَى أَخلصناهم جَعَلْنَاهُمْ لَهَا خَالِصِينَ بأَن جَعَلْنَاهُمْ يُذَكِّرون بِدَارِ الْآخِرَةِ ويُزَهِّدون فِيهَا الدُّنْيا، وَذَلِكَ شأْن الأَنبياء، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ يُكْثِرُون ذِكْرَ الْآخِرَةِ والرُّجوعِ إِلى اللَّهِ، وأَما قَوْلُهُ خَلَصُوا نَجِيًّا
فَمَعْنَاهُ تَميّزوا عَنِ النَّاسِ يَتَناجَوْن فِيمَا أَهَمَّهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه ذَكَر يومَ الخلاصِ فَقَالُوا: وَمَا يومُ الخَلاصِ؟ قَالَ: يَوْمَ يَخْرج إِلى الدَّجَّالِ مِنْ أَهل الْمَدِينَةِ كلُّ مُنافِقٍ ومُنافقة فيتميَّز الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ ويَخْلُص بعضُهم مِنْ بَعْضٍ.
وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:
فَلْيَخْلُصْ هُوَ وولدُه
أَي ليتميّزْ مِنَ النَّاسِ. وخالَصَهُ فِي العِشْرة أَي صَافَاهُ. وأَخْلَصَه النَّصِيحةَ والحُبَّ وأَخْلَصه لَهُ وَهُمْ يَتَخالَصُون: يُخْلِصُ بعضُهم بَعضاً. والخالصُ مِنَ الأَلوان: مَا صَفا ونَصَعَ أَيَّ لَوْنٍ كَانَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والخِلاصُ والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخُلُوصُ: رُبٌّ يُتَّخَذُ مِنْ تَمْرٍ. والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخِلاصُ: التمرُ والسويقُ يُلْقى فِي السَّمْن، وأَخْلَصَه: فَعَل بِهِ ذَلِكَ. والخِلاصُ: مَا خَلَصَ مِنَ السَّمْن إِذا طُبِخَ. والخِلاصُ والإِخْلاصُ والإِخْلاصةُ: الزُّبْدُ إِذا خَلَصَ مِنَ الثُّفْل. والخُلوصُ: الثُّفْلُ الَّذِي يَكُونُ أَسفل اللبَنِ. وَيَقُولُ الرَّجُلُ لصاحبةِ السَّمْنِ: أَخْلِصي لَنَا، لَمْ يُفَسِّرْهُ أَبو حَنِيفَةَ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن مَعْنَاهُ الخِلاصة والخُلاصة أَو الخِلاصُ. غَيْرُهُ: وخِلاصةُ وخُلاصةُ السَّمْنِ مَا خَلَصَ مِنْهُ لأَنهم إِذا طَبَخُوا الزُّبدَ ليتَّخذوه سَمْناً طرَحُوا فِيهِ شَيْئًا