للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإِنه ذَهَبَ بالأَرض إِلى الْمَوْضِعِ وَالْمَكَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هَذَا رَبِّي؛ أَي هَذَا الشَّخْصُ وَهَذَا المَرْئِيُّ وَنَحْوُهُ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ؛ أَي وعْظ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: كأَنه اكْتَفَى بِذِكْرِ الْمَوْعِظَةِ عَنِ التَّاءِ، وَالْجَمْعُ آراضٌ وأُرُوض وأَرَضُون، الْوَاوُ عِوَضٌ مِنَ الْهَاءِ الْمَحْذُوفَةِ الْمُقَدَّرَةِ وَفَتَحُوا الرَّاءَ فِي الْجَمْعِ لِيَدْخُلَ الكلمةَ ضَرْبٌ مِنَ التَّكْسِيرِ، استِيحاشاً مِنْ أَن يُوَفِّرُوا لَفْظَ التَّصْحِيحِ لِيُعْلِمُوا أَن أَرضاً مِمَّا كَانَ سَبِيلُهُ لَوْ جُمِعَ بِالتَّاءِ أَن تُفتح راؤُه فَيُقَالُ أَرَضات، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَزَعَمَ أَبو الْخَطَّابِ أَنهم يَقُولُونَ أَرْض وآراضٌ كَمَا قَالُوا أَهل وَآهَالٌ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ فِيمَا حُكِيَ عَنْ أَبي الْخَطَّابِ أَرْض وأَراضٍ وأَهل وأَهالٍ، كأَنه جَمْعُ أَرْضاة وأَهلاة كَمَا قَالُوا لَيْلَةٌ وليالٍ كأَنه جَمْعُ لَيْلاة، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْجَمْعُ أَرَضات لأَنهم قَدْ يَجْمَعُونَ المُؤنث الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ هَاءُ التأْنيث بالأَلف وَالتَّاءِ كَقَوْلِهِمْ عُرُسات، ثُمَّ قَالُوا أَرَضُون فَجَمَعُوا بِالْوَاوِ وَالنُّونِ والمؤَنث لَا يُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ إِلا أَن يَكُونَ مَنْقُوصًا كثُبة وظُبَة، وَلَكِنَّهُمْ جَعَلُوا الْوَاوَ وَالنُّونَ عِوَضًا مِنْ حَذْفهم الأَلف وَالتَّاءَ وَتَرَكُوا فَتْحَةَ الرَّاءِ عَلَى حَالِهَا، وَرُبَّمَا سُكِّنَت، قَالَ: والأَراضي أَيضاً عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كأَنهم جَمَعُوا آرُضاً، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ أَن يَقُولَ جَمَعُوا أَرْضى مِثْلَ أَرْطى، وأَما آرُض فقياسُه جمعُ أَوارِض. وَكُلُّ مَا سفَل، فَهُوَ أَرْض؛ وَقَوْلُ خِدَاشِ بْنِ زُهَيْرٍ:

كذَبْتُ عَلَيْكُمْ، أَوْعِدُوني وعلِّلُوا ... بِيَ الأَرْضَ والأَقوامَ، قِرْدانَ مَوْظَبا

قال ابن سيبويه: يَجُوزُ أَن يَعْنِيَ أَهل الأَرض وَيَجُوزَ أَن يُرِيدَ علِّلُوا جَمِيعَ النَّوْعِ الَّذِي يَقْبَلُ التَّعْلِيلَ؛ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِي وَبِهِجَائِي إِذا كُنْتُمْ فِي سَفَرٍ فَاقْطَعُوا الأَرض بِذِكْرِي وأَنْشِدوا الْقَوْمَ هِجائي يَا قِرْدان مَوْظَب، يَعْنِي قَوْمًا هُمْ فِي القِلّةِ والحَقارة كقِرْدان مَوْظَب، لَا يَكُونُ إِلا عَلَى ذَلِكَ لأَنه إِنما يَهْجُو الْقَوْمَ لَا القِرْدان. والأَرْضُ: سَفِلة الْبَعِيرِ وَالدَّابَّةِ وَمَا وَلِيَ الأَرض مِنْهُ، يُقَالُ: بَعِيرٌ شَدِيدُ الأَرْضِ إِذا كَانَ شَدِيدَ الْقَوَائِمِ. والأَرْضُ: أَسفلُ قَوَائِمِ الدَّابَّةِ؛ وأَنشد لِحُمَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا:

وَلَمْ يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطارُ، ... وَلَا لِحَبْلَيْهِ بِهَا حَبارُ

يَعْنِي لَمْ يُقَلِّبْ قَوَائِمَهَا لِعِلْمِهِ بِهَا؛ وَقَالَ سُوِيدُ بْنُ كُرَاعٍ:

فرَكِبْناها عَلَى مَجْهولِها ... بصِلاب الأَرْض، فِيهنّ شَجَعْ

وَقَالَ خُفَافٌ:

إِذا مَا اسْتَحَمَّت أَرْضُه مِنْ سَمائِه ... جَرى، وَهُوَ مَوْدوعٌ وواعدُ مَصْدَقِ

وأَرْضُ الإِنسان: رُكْبتاه فَمَا بَعْدَهُمَا. وأَرْضُ النَّعْل: مَا أَصاب الأَرض مِنْهَا. وتأَرَّضَ فُلَانٌ بِالْمَكَانِ إِذا ثَبَتَ فَلَمْ يَبْرَحْ، وَقِيلَ: التَّأَرُّضُ التَّأَنِّي وَالِانْتِظَارُ؛ وأَنشد:

وصاحِبٍ نَبّهْتُه لِيَنْهَضا، ... إِذا الكَرى فِي عَيْنِهِ تَمَضْمَضا

يَمْسَحُ بِالْكَفَّيْنِ وَجْهاً أَبْيَضا، ... فَقَامَ عَجْلانَ، وَمَا تَأَرَّضَا

أَي مَا تَلَبَّثَ. والتَّأَرُّضُ: التَّثاقُلُ إِلى الأَرض؛

<<  <  ج: ص:  >  >>