للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَنا عَلَى المَنامةِ، فقامَ إِلَى شَاةٍ بَكِيءٍ، فَحلَبها.

وَفِي حَدِيثِ

عُمَر أَنه سأَل جَيْشاً: هَلْ ثَبتَ لَكُمُ العَدوّ قَدْرَ حَلْبِ شاةٍ بَكيئةٍ؟

قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:

وَشَدُّ كَوْرٍ عَلَى وَجْناء ناجِيةٍ، ... وَشدّ سَرْجٍ عَلَى جَرْداءَ سُرْحُوبِ

يقالُ مَحْبِسُها أَدْنى لِمَرْتَعِها، ... وَلَوْ نُفادِي بِبَكْءٍ كلَّ مَحْلُوب

أَراد بِقَوْلِهِ مَحْبِسُها أَيْ مَحْبِسُ هَذِهِ الإِبل وَالْخَيْلِ عَلَى الجَدْب، وَمُقَابَلَةُ الْعَدُوِّ عَلَى الثَّغْر أَدنى وأَقربُ مِنْ أَن تَرتعَ وتُخْصِب وتُضَيِّعَ الثَّغْرَ فِي إِرسالِها لتَرْعى وتُخْصِب. وناقةٌ بَكيئةٌ وأَيْنُقٌ بِكاء، قَالَ:

فَلَيَأْزِلَنَّ «١» وتَبْكُؤُنَّ لِقاحُه، ... ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّه بِسَمارِ

السَّمارُ: اللَّبَنُ الَّذِي رُقِّق بِالْمَاءِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: سَماعُنا، فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ، بَكُؤَتْ تَبْكُؤُ، قَالَ: وَسَمِعْنَا فِي الْمُصَنَّفِ لِشَمِرٍ عَنْ أَبي عُبيد عَنْ أَبي عَمْرو: بَكَأَتِ الناقةُ تَبْكَأُ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: كُلُّ ذَلِكَ مَهْمُوزٌ. وَفِي حَدِيثِ

طاؤوس: مَن مَنَحَ مَنِيحةَ لَبن فَلَهُ بكُلّ حَلْبةٍ عشرُ حَسَناتٍ غَزُرَتْ أَو بَكَأَتْ.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

مَن مَنَحَ مَنِيحةَ لَبَنٍ بكِيئةً كَانَتْ أَو غَزِيرةً.

وأَما قَوْلُهُ:

أَلا بَكَرَتْ أُمُّ الكِلابِ تلُومُنِي، ... تَقُولُ: أَلا قَدْ أَبْكَأَ الدَّرَّ حَالِبُهْ

فَزَعَمَ أَبو رِياش أَنّ مَعْنَاهُ وجدَ الحالِبُ الدَّرَّ بَكِيئاً، كَمَا تَقُولُ أَحْمَدَه: وجَده حَمِيداً. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَجُوزُ عِنْدِي أَن تَكُونَ الْهَمْزَةُ لِتَعْدِيَةِ الْفِعْلِ أَي جَعَلَهُ بَكِيئاً، غَيْرَ أَني لَمْ أَسمع ذَلِكَ مِنْ أَحد، وإِنما عَامَلْتُ الأَسبق والأَكثر. وبَكأَ الرجُل بَكاءَةً، فَهُوَ بَكِيءٌ مِنْ قَوْمٍ بِكاء: قلَّ كلامُه خِلْقةً. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنّا مَعْشر النُّبَآءِ بِكاءٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ:

نحنُ مَعاشِرَ الأَنبياء فِينَا بُكْءٌ وبُكاءٌ

: أَي قِلَّة كلامٍ إِلَّا فِيمَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ. بَكُؤَتِ النَّاقةُ: إِذَا قلَّ لبنُها؛ ومَعاشِرَ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ. والاسمُ البُكْءُ. وبَكِئَ الرَّجل: لَمْ يُصِبْ حَاجَتَهُ. والبُكْءُ: نَبْتٌ كالجَرْجِير، وَاحِدَتُهُ بُكْأَةٌ.

بهأ: بَهَأَ بِهِ يَبْهَأُ وبَهِئَ وبَهُؤَ بَهْأً وبهَاءً وبَهُوءاً: أَنِسَ بِهِ. وأَنشد:

وقَدْ بَهأَتْ، بالحاجِلاتِ، إفالُها، ... وسَيْفٍ كَرِيمٍ لَا يَزالُ يصُوعها

وبَهَأْتُ بِهِ وبَهِئْتُ: أَنِسْتُ. والبَهاءُ، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ: النَّاقَةُ الَّتِي تَسْتأْنِسُ إِلَى الحالِب، وَهُوَ مِن بَهَأْتُ بِهِ، أَي أَنِسْتُ بِهِ. وَيُقَالُ: نَاقَةٌ بَهاء، وَهَذَا مَهْمُوزٌ مَنْ بَهَأْت بِالشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنه رأَى رَجُلًا يَحْلِف عِنْدَ المَقامِ، فَقَالَ أَرى النَّاسَ قَدْ بَهَئُوا بِهَذَا المَقامِ

، مَعْنَاهُ: أَنهم أَنِسُوا بِهِ. حَتَّى قَلَّتْ هَيْبَتُه فِي قُلوبهم. وَمِنْهُ حَدِيثُ

مَيْمُون بْنِ مِهرانَ أَنه كَتَبَ إِلَى يُونُس بْنِ عُبَيْدٍ: عليكَ بكِتابِ اللَّهِ فإِنَّ الناسَ قَدْ بَهَئُوا بِهِ، واسْتَخَفُّوا عَلَيْهِ أَحادِيثَ الرِّجال.

قَالَ أَبو عُبيد: رُوِي بَهَوا بِهِ، غَيْرَ مَهْمُوزٍ، وَهُوَ في الكلام مهموز.


(١). قوله [فليأزلن] في التكملة والرواية وليأزلن بالواو منسوقاً عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ:
فليضربن المرء مفرق خاله ... ضرب الفقار بمعول الجزار
والبيتان لأَبي مكعت الأسدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>