للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فشبَّه الدَّمَ بنَوْرِ الحُمّاض. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الحُمَّاض مِنَ العُشْب وَهُوَ يَطُولُ طُولًا شَدِيدًا وَلَهُ وَرَقَةٌ عَظِيمَةٌ وَزَهْرَةٌ حَمْرَاءُ، وإِذا دَنَا يُبْسُه ابيضَّت زَهْرَتُهُ، وَالنَّاسُ يأْكلونه؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

مَاذَا يُؤَرِّقُني، والنومُ يُعْجِبُني، ... مِنْ صَوْتِ ذِي رَعَثاتٍ سَاكِنِ الدَّارِ؟

كأَن حُمَّاضةً فِي رأْسِه نَبَتَتْ، ... مِنْ آخِرِ الصَّيف، قَدْ همَّت بإِثْمارِ

فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ وَبْرةَ وَهُوَ لِصٌّ مَعْرُوفٌ يصف قوماً:

على رؤُوسِهمُ حُمَّاضُ مَحْنِية، ... وَفِي صُدورِهمُ جَمْرُ الغَضَا يَقِدُ

فَمَعْنَى ذلك أَن رؤُوسهم كالحُمّاض فِي حُمْرة شُعُورِهِمْ وأَن لِحاهم مَخْضوبة كجَمر الْغَضَا، وجعلَهَا فِي صُدُورِهِمْ لِعِظَمِهَا حَتَّى كأَنها تَضْرِبُ إِلى صُدُورِهِمِ، وَعِنْدِي أَنه إِنما عَنَى قولَ الْعَرَبِ فِي الأَعداء صُهْب السِّبال، وإِنما كُنِيَ عَنِ الأَعداء بِذَلِكَ لأَن الرُّومَ أَعداءُ الْعَرَبِ وَهُمْ كَذَلِكَ، فوُصِف بِهِ الأَعداءُ وإِن لَمْ يَكُونُوا رُوماً. الأَزهري: الحُمَّاض بَقْلَةٌ بَرِّيَّة تَنْبُتُ أَيام الرَّبِيعِ فِي مَسَايِلِ الْمَاءِ وَلَهَا ثَمَرَةٌ حَمْرَاءُ وَهِيَ مِنْ ذُكُورِ الْبُقُولِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

فتداعَى مَنْخَراهُ بِدَم، ... مِثلَ مَا أَثمرَ حُمّاض الجبَلْ

ومَنابتُ الحُمّاضِ: الشُّعَيْبات ومَلاجئ الأَودية وَفِيهَا حُموضةٌ، وَرُبَّمَا نبَّتها الحاضرةُ فِي بَساتِينهم وسَقَوْها ورَبَّوْها فَلَا تَهِيجُ وَقْتَ هَيْجِ البُقولِ البَرِّيَّةِ. وَفُلَانٌ حَامِضُ الفُؤاد فِي الْغَضَبِ إِذا فَسَدَ وَتَغَيَّرَ عَداوةً. وفُؤادٌ حَمْضٌ، ونَفْسٌ حَمْضة: تَنْفِر مِنَ الشَّيْءِ أَولَ مَا تَسْمَعُهُ. وتَحَمَّض الرجلُ: تحوَّل مِنْ شيءٍ إِلى شيءٍ. وحَمَّضه عَنْهُ وأَحْمَضَه: حَوَّله؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:

لَا يَني يُحْمِضُ العَدُوَّ، وذو الخُلمَّة ... يُشْفَى صَداهُ بالإِحْمَاض

قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ حَمَضَتِ الإِبلُ، فَهِيَ حامِضَة إِذا كَانَتْ تَرْعَى الخُلَّة، وَهُوَ مِنَ النَّبْتِ مَا كَانَ حُلْواً، ثُمَّ صَارَتْ إِلى الحَمْض تَرْعَاهِ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنَ النَّبْتِ مَالِحًا أَو حَامِضًا. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِذا أَتى الرجلُ المرأَة فِي غَيْرِ مأْتاها الَّذِي يَكُونُ مَوْضِعَ الْوَلَدِ فَقَدْ حَمَّضَ تَحْمِيضاً كأَنه تَحَوَّلَ مِنْ خَيْرِ الْمَكَانَيْنِ إِلى شرِّهما شَهْوَةً مَعْكوسة كَفِعْلِ قَوْمِ لوطٍ الَّذِينَ أَهلكهم اللَّهُ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيل. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ وَسُئِلَ عَنِ التَّحَمُّض قَالَ: وَمَا التَّحَمُّض؟ قَالَ: يأْتي الرَّجُلُ المرأَة فِي دُبُرِها، قَالَ: ويَفْعَلُ هَذَا أَحدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ

وَيُقَالُ للتَّفْخيذ فِي الْجِمَاعِ: تَحْمِيض. وَيُقَالُ: أَحْمَضْتُ الرجلَ عَنِ الأَمر حَوَّلْته عَنْهُ وَهُوَ مِنْ أَحْمَضَتِ الإِبلُ إِذا مَلَّتْ مِنْ رَعْي الخُلَّة، وَهُوَ الحُلْوُ مِنَ النَّبَاتِ، اشْتَهَت الحَمْضَ فتحوَّلَت إِليه؛ وأَما قَوْلُ الأَغلب الْعَجْلِيِّ:

لَا يُحْسِنُ التَّحْمِيضَ إِلا سَرْدا

فإِنه يُرِيدُ التَّفْخِيذ. والتَّحْمِيضُ: الإِقلال مِنَ الشَّيْءِ. يُقَالُ: حَمَّضَ لَنَا فلانٌ فِي القِرَى أَي قلَّل. وَيُقَالُ: قَدْ أَحْمَضَ القومُ إِحْمَاضاً إِذا أَفاضوا فِيمَا يُؤْنِسُهم مِنَ الْحَدِيثِ والكلامِ كَمَا يُقَالُ فَكِهٌ ومُتَفَكِّهٌ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ يَقُولُ إِذا أَفاضَ مَنْ عِنْده

<<  <  ج: ص:  >  >>