للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعْتادَ أَرْباضاً لَهَا آرِيُّ، ... مِنْ مَعْدِنِ الصِّيرانِ، عُدْمُلِيُ

العُدْمُلِيُّ: الْقَدِيمُ. وأَراد بالأَرْباض جَمْعَ رَبَض، شبَّه كِناسَ الثَّوْرِ بمأْوَى الْغَنَمِ. والرُّبوضُ: مَصْدَرُ الشَّيْءِ الرابِضِ. وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِلضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ حِينَ بَعَثَهُ إِلى قَوْمِهِ:

إِذا أَتيتَهُم فارْبِضْ فِي دارِهم ظَبْياً

؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ قَوْلَانِ: أَحدهما، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ قُتَيْبَةَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، أَنه أَراد أَقِمْ فِي دَارِهِمْ آمِناً لَا تَبْرَحْ كَمَا يُقِيم الظَّبْي الآمِنُ فِي كِناسِه قَدْ أَمِنَ حَيْثُ لَا يَرَى أَنيساً، وَالْآخَرُ، وَهُوَ قَوْلُ الأَزهري: أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمره أَن يأْتيهم مُسْتَوْفِزاً مُسْتَوْحِشاً لأَنهم كفَرةٌ لَا يَأْمَنُهم، فإِذا رابَه مِنْهُمْ رَيْبٌ نَفَرَ عَنْهُمْ شارِداً كَمَا يَنْفِرُ الظَّبْيُ، وظَبْياً فِي الْقَوْلَيْنِ مُنْتَصِبٌ عَلَى الْحَالِ، وأَوقع الِاسْمَ مَوْقِعَ اسْمِ الْفَاعِلِ كأَنه قَدَّرَهُ مُتَظَبِّيًا؛ قَالَ: حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مثَلُ المنافِقِ مثلُ الشَّاةِ بَيْنَ الرَّبَضَينِ إِذا أَتتْ هَذِهِ نَطَحَتْها

، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:

بَيْنَ الرَّبِيضَينِ

، فَمَنْ قَالَ بَيْنَ الرَّبَضَينِ أَراد مَرْبِضَيْ غَنَمَين، إِذا أَتتْ مَرْبِضَ هَذِهِ الْغَنَمِ نَطَحَهَا غَنَمُهُ، وَمَنْ رَوَاهُ بَيْنَ الرَّبِيضَينِ فالربِيضُ الْغَنَمُ نَفْسُهَا، والرَّبَضُ موضِعها الَّذِي تَرْبِضُ فِيهِ، أَراد أَنه مُذَبْذَبٌ كَالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ بَيْنَ قَطِيعَيْنِ مِنَ الْغَنَمِ أَو بَيْنَ مَرْبِضَيْهِما؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

عَنَتاً باطِلًا وظُلْماً، كما يُعْتَرُ ... عَنْ حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ

وأَراد النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الْمَثَلِ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لَا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ. قَالُوا: رَبَضُ الْغَنَمُ مأْواها، سُمِّيَ رَبَضاً لأَنها تَرْبِضُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ رَبَضُ الوَحْش مأْواهُ وكِناسُه. وَرَجُلٌ رُبْضَة ومُتَرَبِّضٌ: مُقِيمٌ عَاجِزٌ. ورَبَضَ الكبشُ: عَجز عَنِ الضِّرابِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ غَيْرُهُ: رَبَضَ الكبشُ رُبُوضاً أَي حَسَرَ وتَرَكَ الضِّرابَ وعَدَلَ عَنْهُ وَلَا يُقَالُ فِيهِ جَفَرَ. وأَرْنَبةٌ رابِضةٌ: مُلْتَزِقَةٌ بِالْوَجْهِ. وَرَبَضَ اللَّيْلُ: أَلقى بِنَفْسِهِ، وَهَذَا عَلَى الْمَثَلِ؛ قَالَ:

كأَنَّها، وَقَدْ بَدَا عُوارِضُ، ... والليلُ بَينَ قَنَوَيْنِ رابِضُ،

بِجَلْهَةِ الوادِي، قَطاً رَوابِضُ

وَقِيلَ: هُوَ الدُّوّارةُ مِنْ بَطْنِ الشَّاءِ. ورَبَضُ النَّاقَةِ: بَطْنُهَا، أُراه إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن حِشْوَتَها فِي بَطْنِهَا، وَالْجَمْعُ أَرْباض. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: الَّذِي يَكُونُ فِي بُطُونِ الْبَهَائِمِ مُتَثَنِّياً المَرْبِضُ، وَالَّذِي أَكبر مِنْهَا الأَمْغالُ، وَاحِدُهَا مُغْل»

، وَالَّذِي مِثْلُ الأَثْناء حَفِثٌ وفَحِثٌ، وَالْجَمْعُ أَحفاثٌ وأَفحاثٌ. وربَّضْتُه بِالْمَكَانِ: ثَبَّتُّه. اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ إِنه لرُبُضٌ عَنِ الْحَاجَاتِ وَعَنِ الأَسفار عَلَى فُعُل أَي لَا يَخْرُجُ فِيهَا. والرَّبَضُ والرُّبُضُ والرُّبَضُ: امرأَة الرَّجُلِ لأَنها تُرَبِّضُه أَي تُثَبِّتُه فَلَا يَبْرَحُ. ورَبَضُ الرَّجُلِ ورُبْضُه: امرأَته. وَفِي حَدِيثِ

نَجَبةَ: زوَّج ابنتَه مِنْ رَجُلٍ وجَهَّزَها وَقَالَ لَا يَبِيتُ عَزَباً وَلَهُ عِنْدَنَا رَبَضٌ

؛ رَبَضُ الرَّجُلِ: امرأَتُه الَّتِي تَقُومُ بشأْنه، وَقِيلَ: هُوَ كُلُّ مَنِ اسْتَرَحْتَ إِليه كالأُمّ والبنت


(٣). قوله [الأمغال واحدها مغل] كذا بالأَصل مضبوطاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>