للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَي تُشَدِّدُونها بِذِكْرِ اللَّهِ. قَالَ: وَقَوْلُهُ عُرْضةً فُعْلة مَنْ عَرَضَ يَعْرِضُ. وَكُلُّ مانِعٍ مَنَعَك مِنْ شُغُلٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الأَمراضِ، فَهُوَ عارِضٌ. وَقَدْ عَرَضَ عارِضٌ أَي حَالَ حائلٌ ومَنَعَ مانِعٌ؛ وَمِنْهُ يُقَالُ: لَا تَعْرِضْ وَلَا تَعْرَض لِفُلَانٍ أَي لَا تَعْرِض لَهُ بمَنْعِك باعتراضِك أَنْ يَقْصِدَ مُرادَه وَيَذْهَبَ مَذْهَبَهُ. وَيُقَالُ: سَلَكْتُ طَريق كَذَا فَعَرَضَ لِي فِي الطَّرِيقِ عَارِضٌ أَي جَبَلٌ شَامِخٌ قَطَعَ عَليَّ مَذْهَبي عَلَى صَوْبي. قَالَ الأَزهري: وللعُرْضةِ مَعْنًى آخَرُ وَهُوَ الَّذِي يَعْرِضُ لَهُ النَّاسُ بِالْمَكْرُوهِ ويَقَعُونَ فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وإِنْ تَتْرُكوا رَهْطَ الفَدَوْكَسِ عُصْبةً ... يَتَامى أَيَامى عُرْضةً للْقَبائِلِ

أَي نَصْباً لِلْقَبَائِلِ يَعْتَرِضُهم بالمكْرُوهِ مَنْ شاءَ. وَقَالَ اللَّيْثُ: فُلَانٌ عُرْضةٌ لِلنَّاسِ لَا يَزالون يَقَعُونَ فِيهِ. وعَرَضَ لَهُ أَشَدَّ العَرْضِ واعْتَرَضَ: قابَلَه بِنَفْسِهِ. وعَرِضَتْ لَهُ الغولُ وعَرَضَت، بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ، عَرَضاً وعَرْضاً: بَدَتْ. والعُرْضِيَّةُ: الصُّعُوبَةُ، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَرْكَبَ رأْسه مِنَ النَّخْوة. وَرَجُلٌ عُرْضِيٌّ: فِيهِ عُرْضِيَّةٌ أَي عَجْرَفِيَّةٌ ونَخْوَةٌ وصُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ فِي الْفَرَسِ: أَن يَمْشِيَ عَرْضاً. وَيُقَالُ: عَرَضَ الفرسُ يَعْرِضُ عَرْضاً إِذا مَرَّ عارِضاً فِي عَدْوِه؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

يَعْرِضُ حَتَّى يَنْصِبَ الخَيْشُوما

وَذَلِكَ إِذا عدَا عارِضاً صَدْرَه ورأْسَه مَائِلًا. والعُرُضُ، مُثَقَّل: السيرُ فِي جَانِبٍ، وَهُوَ مَحْمُودٌ فِي الْخَيْلِ مَذْمُومٌ فِي الإِبل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ حُمَيْدٍ:

مُعْتَرِضاتٍ غَيْرَ عُرْضِيَّاتِ، ... يُصْبِحْنَ فِي القَفْرِ أتاوِيّاتِ «١»

أَي يَلْزَمْنَ المَحَجَّةَ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ فِي هَذَا الرَّجَزِ: إِن اعْتِرَاضَهُنَّ لَيْسَ خِلْقَةً وإِنما هُوَ لِلنَّشَاطِ وَالْبَغْيِ. وعُرْضِيٌّ: يَعْرِضُ فِي سَيْرِهِ لأَنه لَمْ تَتِمَّ رِيَاضَتُهُ بَعْدُ. وَنَاقَةٌ عُرْضِيَّةٌ: فِيهَا صُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ: الذَّلولُ الوسطِ الصعْبُ التصرفِ. وَنَاقَةٌ عُرْضِيَّة: لَمْ تَذِلّ كُلَّ الذُّلِّ، وَجَمَلٌ عُرْضِيٌّ: كَذَلِكَ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُهُ

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ وَصَفَ فِيهِ نَفْسَهُ وسِياسَته وحُسْنَ النَّظَرِ لِرَعِيَّتِهِ فَقَالَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِني أَضُمُّ العَتُودَ وأُلْحِقُ القَطُوفَ وأَزجرُ العَرُوضَ

؛ قَالَ شَمِرٌ: العَرُوضُ العُرْضِيَّةُ مِنَ الإِبل الصَّعْبة الرأْسِ الذلولُ وسَطُها الَّتِي يُحْمَلُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُساقُ وَسَطَ الإِبل المحمَّلة، وإِن رَكِبَهَا رَجُلٌ مَضَتْ بِهِ قُدُماً وَلَا تَصَرُّفَ لِرَاكِبِهَا، قَالَ: إِنما أَزجر العَرُوضَ لأَنها تَكُونُ آخِرَ الإِبل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَرُوض، بِالْفَتْحِ، الَّتِي تأْخذ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَا تَلْزَمُ الْمَحَجَّةَ، يَقُولُ: أَضربه حَتَّى يَعُودَ إِلى الطَّرِيقِ، جَعَلَهُ مَثَلًا لِحُسْنِ سِيَاسَتِهِ للأُمة. وَتَقُولُ: نَاقَةٌ عَرَوضٌ وَفِيهَا عَرُوضٌ وَنَاقَةٌ عُرْضِيَّةٌ وَفِيهَا عُرْضِيَّةٌ إِذا كَانَتْ رَيِّضاً لَمْ تُذَلَّلْ. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: نَاقَةٌ عَرُوضٌ إِذا قَبِلَتْ بَعْضَ الرِّيَاضَةِ وَلَمْ تَسْتَحْكِم؛ وَقَالَ شِمْرٌ فِي قَوْلِ ابْنِ أَحمر يَصِفُ جَارِيَةً:

ومَنَحْتُها قَوْلي عَلَى عُرْضِيَّةٍ ... عُلُطٍ، أُداري ضِغْنَها بِتَوَدُّدِ


(١). قوله [معترضات إلخ] كذا بالأَصل، والذي في الصحاح تقديم العجز عكس ما هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>