وَيُرْوَى: هَذَا أَبو الْقَاسِمِ. تَعَرَّضِي: خُذِي يَمْنةً ويَسْرةً وتَنَكَّبي الثَّنَايَا الغِلاظ تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ لأَن الْجَوْزَاءَ تَمُرُّ عَلَى جَنْبٍ مُعارضةً لَيْسَتْ بِمُسْتَقِيمَةٍ فِي السَّمَاءِ؛ قَالَ لَبِيدٍ:
أَو رَجْعُ واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها ... كِفَفاً، تَعَرَّضَ فَوْقَهُنّ وِشامُها
قَالَ ابْنُ الأَثير: شَبَّهَهَا بِالْجَوْزَاءِ لأَنها تَمُرُّ مُعْتَرِضَةً فِي السَّمَاءِ لأَنها غَيْرُ مُسْتَقِيمَةِ الْكَوَاكِبِ فِي الصُّورَةِ؛ وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
مَدْخُوسةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ
أَي أَنها تَعْتَرِضُ فِي مَرْتَعِها. والمَدارِجُ: الثَّنَايَا الغِلاظُ. وعَرَّضَ لِفُلَانٍ وَبِهِ إِذا قَالَ فِيهِ قَوْلًا وَهُوَ يَعِيبُه. الأَصمعي: يُقَالُ عَرَّضَ لِي فُلَانٌ تَعْرِيضاً إِذا رَحْرَحَ بِالشَّيْءِ وَلَمْ يبيِّن. والمَعارِيضُ مِنَ الْكَلَامِ: مَا عُرِّضَ بِهِ وَلَمْ يُصَرَّحْ. وأَعْراضُ الكلامِ ومَعارِضُه ومَعارِيضُه: كَلَامٌ يُشْبِهُ بعضهُ بَعْضًا فِي الْمَعَانِي كَالرَّجُلِ تَسْأَله: هَلْ رأَيت فُلَانًا؟ فَيَكْرَهُ أَن يَكْذِبَ وَقَدْ رَآهُ فَيَقُولُ: إِنَّ فُلَانًا لَيُرَى؛ وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ: مَا أُحِبُّ بمَعارِيضِ الكلامِ حُمْرَ النَّعَم؛ وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ حِينَ اتَّهَمَتْهُ امرأَته فِي جَارِيَةٍ لَهُ، وَقَدْ كَانَ حَلِفَ أَن لَا يقرأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنب، فأَلَحَّتْ عَلَيْهِ بأَن يقرأَ سُورَةً فأَنشأَ يَقُولُ:
شَهِدْتُ بأَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ، ... وأَنَّ النارَ مَثْوَى الكافِرِينا
وأَنَّ العَرْشَ فوْقَ الماءِ طافٍ، ... وفوقَ العَرْشِ رَبُّ العالَمِينا
وتَحْمِلُه ملائكةٌ شِدادٌ، ... ملائكةُ الإِلهِ مُسَوَّمِينا
قَالَ: فَرَضِيَتِ امرأَته لأَنها حَسِبَتْ هَذَا قُرْآنًا فَجَعَلَ ابْنُ رَوَاحَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هَذَا عَرَضاً ومِعْرَضاً فِرَارًا مِنَ الْقِرَاءَةِ. والتعْرِيضُ: خِلَافُ التَّصْرِيحِ. والمَعارِيضُ: التَّوْرِيةُ بِالشَّيْءِ عَنِ الشَّيْءِ. وَفِي الْمَثَلِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُخَرَّجٌ عَنْ
عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، مَرْفُوعٌ: إِنَّ فِي المَعاريضِ لَمَنْدُوحةً عَنِ الْكَذِبِ
أَي سَعةً؛ المَعارِيضُ جَمْعُ مِعْراضٍ مِنَ التعريضِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَا فِي المَعارِيض مَا يُغْني الْمُسْلِمَ عَنِ الْكَذِبِ
؟ وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أُحب بمَعارِيضِ الْكَلَامِ حُمْر النعَم.
وَيُقَالُ: عَرّض الكاتبُ إِذا كَتَبَ مُثَبِّجاً وَلَمْ يُبَيِّنِ الْحُرُوفَ وَلَمْ يُقَوِّمِ الخَطّ؛ وأَنشد الأَصمعي لِلشَّمَّاخِ:
كَمَا خَطَّ عِبْرانِيّةً بيَمينه، ... بتَيماءَ، حَبْرٌ ثُمَّ عَرَّضَ أَسْطُرا
والتَّعْرِيضُ فِي خِطْبةِ المرأَة فِي عِدَّتِهَا: أَن يَتَكَلَّمَ بِكَلَامٍ يُشْبِهُ خِطْبتها وَلَا يُصَرِّحَ بِهِ، وَهُوَ أَن يَقُولَ لَهَا: إِنك لَجَمِيلَةٌ أَو إِن فِيكِ لبقِيّة أَو إِن النِّسَاءَ لَمِنْ حَاجَتِي. وَالتَّعْرِيضُ قَدْ يَكُونُ بِضَرْبِ الأَمثال وَذِكْرِ الأَلغاز فِي جُمْلَةِ الْمَقَالِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه قَالَ لعَديّ بْنِ حَاتِمٍ إِن وِسادَكَ لعَرِيضٌ
، وَفِي رِوَايَةٍ:
إِنك لعَريضُ القَفا
، كَنى بالوِساد عَنِ النَّوْمِ لأَن النَّائِمَ يتَوَسَّدُ أَي إِن نَوْمَكَ لَطَوِيلٌ كَثِيرٌ، وَقِيلَ: كَنَى بِالْوِسَادِ عَنْ مَوْضِعِ الْوِسَادِ مِنْ رأْسه وَعُنُقِهِ، وَتَشْهَدُ لَهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فإِنّ عِرَضَ الْقَفَا كِنَايَةٌ عَنِ السِّمَن، وَقِيلَ: أَراد مَنْ أَكل مَعَ الصُّبْحِ فِي صَوْمِهِ أَصبح عَريضَ الْقَفَا لأَن الصَّوْمَ لَا يؤثِّر فِيهِ.