وما كانَ غَضُّ الطرْفِ مِنَّا سَجِيَّةً، ... ولَكِنَّنا فِي مَذْحِجٍ غُرُبان
وَيُقَالُ: غُضَّ مِنْ بَصَرِكَ وغُضَّ مِنْ صَوْتِكَ. وَيُقَالُ: إِنك لَغَضِيضُ الطرْفِ نَقِيُّ الظَّرْفِ؛ قَالَ: والظَّرْفُ وِعاؤه، يَقُولُ: لسْتَ بِخَائِنٍ. وَيُقَالُ: غُضَّ مِنْ لِجَامِ فرَسك أَي صَوِّبْه وانْقُص مِنْ غَرْبِه وحِدّتِه. وغَضَّ مِنْهُ يَغُضُّ أَي وَضَعَ ونَقَصَ مِنْ قَدْرِهِ. وغَضَّه يَغُضُّه غَضّاً: نَقَصَه. وَلَا أَغُضُّكَ دِرْهَماً أَي لَا أَنْقُصُكَ. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: لَوْ غَضَّ الناسُ فِي الوصِيَّة مِنَ الثلُث
أَي نَقَصُوا وحَطُّوا؛ وَقَوْلُهُ:
أَيّامَ أَسْحَبُ لِمَّتي عَفَرَ المَلا، ... وأَغُضُّ كلَّ مُرَجَّلٍ رَيّان
قِيلَ: يَعْنِي بِهِ الشَّعَر، فالمُرَجَّلُ عَلَى هَذَا المَمْشُوطُ، والرّيانُ المُرْتَوِي بِالدُّهْنِ، وأَغُضُّ: أَكُفُّ مِنْهُ، وَقِيلَ: إِنما يَعْنِي بِهِ الزِّقّ، فالمُرَجَّلُ عَلَى هَذَا الَّذِي يُسْلَخُ مِنْ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ، والرّيّانُ المَلآنُ. وَمَا عَلَيْكَ بِهَذَا غَضاضةٌ أَي نَقْصٌ وَلَا انْكسارٌ وَلَا ذُلٌّ. وَيُقَالُ: مَا أَرَدْت بِذَا غَضيضةَ فُلَانٍ وَلَا مَغَضَّتَه كَقَوْلِكَ: مَا أَردت نَقِيصَتَهُ ومَنْقَصَته. وَيُقَالُ: مَا غَضَضْتك شَيْئًا أَي مَا نَقَصْتُك شَيْئًا. والغَضْغَضةُ: النَّقْصُ. وتَغَضْغَضَ الماءُ: نقَص. اللَّيْثُ: الغَضُّ وَزْعُ العَذْلِ؛ وأَنشد:
غُضّ المَلامةَ إِنِّي عَنْك مَشْغُولُ «١»
وغَضْغَضَ الماءَ والشيءَ فَغَضْغَضَ وتَغَضْغَضَ: نقَصه فنَقَصَ. وَبَحْرٌ لَا يُغَضْغَضُ وَلَا يُغَضْغِضُ أَي لَا يُنْزَحُ. يُقَالُ: فُلَانٌ بَحْرٌ لَا يُغَضْغَضُ؛ وَفِي الْخَبَرِ: إِن أَحد الشُّعَرَاءِ الَّذِينَ اسْتَعانَتْ بِهِمْ سَلِيطٌ عَلَى جَرِيرٍ لَمَّا سَمِعَ جَرِيرًا يُنْشِدُ:
يَتْرُكُ أَصْفانَ الخُصى جَلاجِلا
قَالَ: عَلِمْتُ أَنه بَحْرٌ لَا يُغَضْغَضُ أَو يُغَضْغِضُ؛ قَالَ الأَحوص:
سَأَطْلُبُ بالشامِ الوَلِيدَ، فإِنَّه ... هوَ البَحْرُ ذُو التَّيّارِ، لَا يَتَغَضْغَضُ
وَمَطَرٌ لَا يُغَضْغِضُ أَي لَا يَنْقَطِعُ. والغَضْغَضَةُ: أَن يَتَكَلَّمَ الرجلُ فَلَا يُبِين. والغَضاضُ والغُضاضُ: مَا بَيْنَ العِرْنينِ وقُصاصِ الشعَر، وَقِيلَ مَا بَيْنَ أَسفل رَوْثَةِ الأَنف إِلى أَعْلاه، وَقِيلَ هِيَ الرَّوْثةُ نَفْسُهَا؛ قَالَ:
لَمَّا رَأَيْتُ العَبْدَ مُشْرَحِفّا ... لِلشَّرِّ لَا يُعْطِي الرِّجالَ النِّصْفا،
أَعْدَمْتُه غُضاضَه والكَفّا
وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ فِي الأَلفاظ عُضاضَه، وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: هُوَ مُقَدَّمُ الرأْس وَمَا يَلِيهِ مِنَ الْوَجْهِ، وَيُقَالُ لِلرَّاكِبِ إِذا سأَلته أَن يُعَرّج عَلَيْكَ قَلِيلًا: غُضّ سَاعَةً؛ وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:
خَلِيلَيَّ غُضَّا سَاعَةً وتَهَجَّرا
أَي غُضّا مِنْ سَيرِكما وعَرّجا قَلِيلًا ثُمَّ رَوِّحَا مُتَهَجِّرَيْنِ. وَلَمَّا مَاتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: هَنِيئاً لَكَ يَا ابْنَ عَوْفٍ خَرَجْتَ مِنَ الدُّنْيَا بِبِطْنَتِكَ وَلَمْ يَتَغَضْغَضْ مِنْهَا شَيْءٌ؛ قَالَ الأَزهري: ضَرَبَ البِطْنةَ مَثَلًا لِوُفُورِ أَجره الَّذِي اسْتَوْجَبَهُ
(١). قوله [غض الملامة] كذا هو في الأَصل بضاد بدون ياء وفي شرح القاموس بالياء خطاباً لمؤنث.