للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولَيْلة مَرِضَتْ مِنْ كلِّ ناحِيةٍ، ... فَلَا يُضِيءُ لهَا نَجْمٌ وَلَا قَمَرُ

ورَأْيٌ مَرِيضٌ: فِيهِ انحِراف عَنِ الصَّوَابِ، وَفَسَّرَ ثَعْلَبٌ بَيْتَ أَبي حَبَّةَ فَقَالَ: وَلَيْلَةٍ مَرِضَتْ أَظلَمت ونقصَ نُورُهَا. وليلةٌ مريضةٌ: مُظْلِمة لَا تُرَى فِيهَا كواكِبُها؛ قَالَ الرَّاعِي:

وطَخْياء مِنْ لَيْلِ التَّمامِ مَرِيضة، ... أَجَنَّ العَماءُ نَجْمَها، فَهُوَ ماصِحُ

وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

رأَيتُ أَبا الوَلِيدِ غَداةَ جَمْعِ ... بِهِ شَيْبٌ، وَمَا فَقَدَ الشَّبابا

ولكِن تحْت ذاكَ الشيْبِ حَزْمٌ، ... إِذا مَا ظَنَّ أَمْرَضَ أَو أَصابا

أَمْرَضَ أَي قارَبَ الصَّواب فِي الرأْي وإِن يُصِبْ كلَّ الصَّوَابِ. والمَرْضُ والمرَضُ: الشَّكُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ

أَي شَكٌّ ونِفاقٌ وضَعْفُ يَقِين؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةُ: مَعْنَاهُ شَكٌّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً

، قَالَ أَبو إِسحاق: فِيهِ جَوَابَانِ أَي بكُفْرهم كَمَا قَالَ تَعَالَى: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ. وَقَالَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ: فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً

بِمَا أَنزل عَلَيْهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ فشكُّوا فِيهِ كَمَا شَكُّوا فِي الَّذِي قَبْلَهُ، قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا؛ قَالَ الأَصمعي: قرأْت عَلَى أَبي عَمْرٍو فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ

فَقَالَ: مَرْضٌ يَا غُلام؛ قَالَ أَبو إِسحاق: يُقَالُ المرَضُ والسُّقْم فِي البدَن والدِّينِ جَمِيعًا كَمَا يُقَالُ الصِّحةُ فِي البدَن وَالدِّينِ جَمِيعًا، والمرَضُ فِي الْقَلْبِ يَصْلُح لِكُلِّ مَا خَرَجَ بِهِ الإِنسان عَنِ الصِّحَّةِ فِي الدِّينِ. وَيُقَالُ: قَلْبٌ مَرِيضٌ مِنَ العَداوةِ، وَهُوَ النِّفاقُ. ابْنُ الأَعرابي: أَصل المرَضِ النُّقْصانُ، وَهُوَ بدَنٌ مَرِيضٌ ناقِصُ الْقُوَّةِ، وَقَلْبٌ مَريضٌ ناقِصُ الدِّينِ. وَفِي حَدِيثِ

عَمْرِو بْنِ معْدِيكرِبَ: هُمْ شِفاء أَمْراضِنا

أَي يأْخُذون بثَأْرِنا كأَنهم يَشْفُون مرَضَ القلوبِ لَا مرَض الأَجسام. ومَرَّضَ فُلَانٌ فِي حَاجَتِي إِذا نقَصَت حَرَكَتُه فِيهَا. وَرَوِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَيضاً قَالَ: المرَضُ إِظْلامُ الطبيعةِ واضْطِرابُها بَعْدَ صَفائها واعْتدالها، قَالَ: والمرَضُ الظُّلْمةُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: المرَضُ فِي الْقَلْبِ فُتُورٌ عَنِ الْحَقِّ، وَفِي الأَبدان فُتورُ الأَعضاء، وَفِي الْعَيْنِ فُتورُ النظرِ. وَعَيْنٌ مَريضةٌ: فِيهَا فُتور؛ وَمِنْهُ: فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ

أَي فُتور عَمَّا أُمِرَ بِهِ ونُهِيَ عَنْهُ، وَيُقَالُ ظُلْمة؛ وَقَوْلُهُ أَنشده أَبو حَنِيفَةَ:

تَوائِمُ أَشْباهٌ بأَرْضٍ مَريضةٍ، ... يَلُذْنَ بِخِذْرافِ المِتانِ وبالغَرْبِ

يَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي مَعْنَى مُمْرِضة، عَنَى بِذَلِكَ فَسادَ هَوائها، وَقَدْ تَكُونُ مَرِيضَةٌ هُنَا بِمَعْنَى قَفْرة، وَقِيلَ: مَرِيضَةٌ سَاكِنَةُ الرِّيحِ شَدِيدَةُ الْحَرِّ. والمَراضانِ: وادِيانِ مُلْتَقاهما وَاحِدٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: المَراضان والمَرايِضُ مواضعُ فِي دِيَارِ تَمِيمٍ بَيْنَ كاظِمةَ والنَّقِيرةِ فِيهَا أَحْساء، وَلَيْسَتْ مِنَ المرَضِ وبابِه فِي شَيْءٍ وَلَكِنَّهَا مأْخوذة مِنِ اسْتِراضةِ الْمَاءِ، وَهُوَ اسْتِنْقاعُه فِيهَا، والرَّوْضةُ مأْخوذة مِنْهَا. قَالَ: وَيُقَالُ أَرْض مَرِيضةٌ إِذا ضَاقَتْ بأَهلها، وأَرض مَريضةٌ إِذا كثُر بِهَا الهَرْجُ والفِتَنُ والقَتْلُ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>