للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجَمْعُ بَيْنَ المتفرِّق فَهُوَ الخِلاط، وذلك أَن يَكُونَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مَثَلًا لِكُلٍّ وَاحِدٍ أَربعون شَاةً، فَقَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شاةٌ، فإِذا أَظَلَّهم المُصَدِّقُ جَمَعُوهَا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلا شاةٌ وَاحِدَةٌ، وأَما تفريقُ الْمُجْتَمَعِ فأَن يَكُونَ اثْنَانِ شَرِيكَانِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شاةٍ وشاةٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِي مَالِهِمَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فإِذا أَظَلَّهما المصدِّق فرَّقا غَنَمَهُمَا فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إِلا شَاةً وَاحِدَةً، قَالَ الشَّافِعِيُّ: الخطابُ فِي هَذَا للمُصدّقِ ولربِّ الْمَالِ، قَالَ: فالخَشْيَةُ خَشْيَتانِ: خَشْيةُ السَّاعِي أَن تَقِلَّ الصدقةُ، وخشْيةُ ربِّ الْمَالِ أَن يقلَّ مالُه، فأُمر كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن لَا يُحْدِثَ فِي الْمَالِ شَيْئًا مِنَ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ؛ قَالَ: هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إِذ الخُلْطةُ مؤثِّرة عِنْدَهُ، وأَما أَبو حَنِيفَةَ فَلَا أَثر لَهَا عِنْدَهُ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ نَفْيُ الخِلاطِ لِنَفْيِ الأَثر كأَنه يَقُولُ لَا أَثر للخُلْطةِ فِي تَقْلِيلِ الزَّكَاةِ وَتَكْثِيرِهَا. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ أَيضاً:

وَمَا كَانَ مِنْ خَليطَيْنِ فإِنهما يَتراجَعانِ بَيْنَهُمَا. بالسويَّةِ

؛ الخَلِيطُ: المُخالِط وَيُرِيدُ بِهِ الشَّرِيكَ الَّذِي يَخْلِط مَالَهُ بِمَالِ شَرِيكِهِ، وَالتَّرَاجُعُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَن يَكُونَ لأَحدهما مَثَلًا أَربعون بَقَرَةً وَلِلْآخَرِ ثَلَاثُونَ بَقَرَةً وَمَالُهُمَا مُخْتَلِطٌ، فيأْخذ السَّاعِي عَنِ الأَربعين مُسِنّةً وَعَنِ الثَّلَاثِينَ تَبِيعاً، فَيَرْجِعُ باذِلُ المسنَّةِ بِثَلَاثَةِ أَسْباعها عَلَى شَرِيكِهِ، وَبَاذِلِ التَّبيعِ بأَربعة أَسْباعه عَلَى شَرِيكِهِ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ السنَّين وَاجِبٌ عَلَى الشُّيُوعِ، كأَنَّ الْمَالَ مِلْكُ وَاحِدٍ، وَفِي قَوْلِهِ بِالسَّوِيَّةِ دَلِيلٌ عَلَى أَن الساعيَ إِذا ظَلَمَ أَحدهما فأَخذ مِنْهُ زِيَادَةً عَلَى فَرْضِهِ فإِنه لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى شَرِيكِهِ، وإِنما يَضْمَنُ لَهُ قِيمةَ مَا يَخُصُّه مِنَ الْوَاجِبِ دُونَ الزِّيَادَةِ، وَفِي التَّرَاجُعِ دَلِيلٌ عَلَى أَن الخُلطة تَصِحُّ مَعَ تَمْيِيزِ أَعْيان الأَموال عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ، وَالَّذِي فَسَّرَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْخِلَاطِ أَن يَكُونَ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً، لأَحدهما ثَمَانُونَ وَلِلْآخَرِ أَربعون، فإِذا أَخذ المُصَدِّقُ مِنْهَا شَاتَيْنِ رَدَّ صاحبُ الثَّمَانِينَ عَلَى رَبِّ الأَربعين ثلثَ شَاةٍ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ شاةٌ وَثُلْثٌ، وَعَلَى الْآخَرِ ثُلْثَا شَاةٍ، وإِن أَخذ المُصَدّق مَنَ الْعِشْرِينَ وَالْمِائَةِ شَاةً، وَاحِدَةً رَدَّ صاحبُ الثَّمَانِينَ عَلَى رَبِّ الأَربعين ثُلْثَ شَاةٍ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ ثُلْثَا شَاةٍ وَعَلَى الْآخَرِ ثلثُ شَاةٍ، قَالَ: والوِراطُ الخديعةُ والغِشُّ. ابْنُ سِيدَهْ: رَجُلٌ مِخْلَطٌ مِزْيَلٌ، بِكَسْرِ الْمِيمِ فِيهِمَا، يُخالِطُ الأُمور ويُزايِلُها كَمَا يُقَالُ فاتِقٌ راتِقٌ، ومِخْلاطٌ كمِخْلطٍ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

يُلِحْنَ مِن ذِي دَأَبٍ شِرواطِ، ... صاتِ الحُداء شَظِفٍ مِخْلاطِ

وخلَط القومَ خَلْطاً وخالَطَهم: داخَلهم. وخَليطُ الرَّجُلِ: مُخالطُه. وخَلِيطُ الْقَوْمِ: مُخالطهم كالنَّديم المنادِمِ، والجَلِيسِ المُجالِسِ؛ وَقِيلَ: لَا يَكُونُ إِلا فِي الشِّرْكَةِ. وَقَوْلُهُ فِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ

؛ هُوَ وَاحِدٌ وَجَمْعٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يَكُونُ الخَليطُ جَمْعًا. والخُلْطةُ، بِالضَّمِّ: الشِّرْكة. والخِلْطةُ، بِالْكَسْرِ: العِشْرةُ. والخَلِيطُ: الْقَوْمُ الَّذِينَ أَمْرُهم وَاحِدٌ، والجمعُ خُلَطاء وخُلُطٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

بانَ الخَلِيطُ بسُحْرةٍ فتَبَدَّدُوا

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْصَرَمُوا

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَوَابُهُ:

إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا، ... وأَخْلَفُوك عِدَى الأَمْرِ الَّذِي وَعَدُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>