والمِخْيَطَ
؛ أَراد بالخِياط هَاهُنَا الخَيْطَ، وبالمِخْيَطِ مَا يُخاطُ بِهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: هِيَ الإِبرة. أَبو زَيْدٍ: هَبْ لِي خِياطاً ونِصاحاً أَي خَيْطاً وَاحِدًا. وَرَجُلٌ خائطٌ وخَيَّاطٌ وخاطٌ؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ. والخِياطةُ: صِناعةُ الخائِط. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ
؛ يَعْنِي بياضَ الصبحِ وسوادَ اللَّيْلِ، وَهُوَ عَلَى التَّشْبِيهِ بالخَيْطِ لدِقَّته، وَقِيلَ: الخيطُ الأَسود الْفَجْرُ الْمُسْتَطِيلُ، وَالْخَيْطُ الأَبيض الْفَجْرُ المُعْتَرِضُ؛ قَالَ أَبو دُواد الإِيادي:
فلمَّا أَضاءتْ لَنا سُدْفةٌ، ... ولاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أَنارا
قَالَ أَبو إِسحاق: هُمَا فَجْرانِ، أَحدهما يَبْدُو أَسود مُعْترضاً وَهُوَ الْخَيْطُ الأَسود، وَالْآخَرُ يَبْدُو طَالِعًا مُسْتَطِيلًا يَمْلأُ الأُفق فَهُوَ الْخَيْطُ الأَبيض، وَحَقِيقَتُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الليلُ مِنَ النَّهَارِ، وَقَوْلُ أَبي دُوَادٍ: أَضاءت لَنَا سُدْفَةً، هِيَ هَاهُنَا الظُّلمة؛ ولاحَ مِنَ الصُّبْحِ أَي بَدا وَظَهَرَ، وَقِيلَ: الخيْطُ اللَّوْنُ، وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِهِ مَا قَالَهُ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي تَفْسِيرِ الخَيْطَيْنِ: إِنما ذَلِكَ سوادُ الليلِ وبياضُ النَّهَارِ
؛ قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
الخَيْطُ الأَبْيَضُ ضَوْء الصُّبْحِ مُنْفَلِقٌ، ... والخَيْطُ الأَسْودُ لوْنُ الليلِ مَرْكُومُ
وَيُرْوَى: مَكْتُومُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عَدِيّ بْنَ حَاتِمٍ أَخذَ حَبْلًا أَسودَ وَحَبْلًا أَبيضَ وَجَعَلَهُمَا تَحْتَ وِسادِه لِيَنْظُرَ إِليهما عِنْدَ الْفَجْرِ، وَجَاءَ إِلى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَعلمه بِذَلِكَ فَقَالَ: إِنك لعَريضُ القَفا، لَيْسَ الْمَعْنَى ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ بياضُ الفجرِ مِنْ سوادِ الليلِ
، وَفِي النِّهَايَةِ: وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ بياضَ النَّهَارِ وَظُلْمَةَ اللَّيْلِ. وخَيَّطَ الشيبُ رأْسَه وَفِي رأْسِه ولِحْيَتِه: صَارَ كالخُيوطِ أَو ظَهَرَ كالخُيوطِ مِثْلُ وخَطَ، وتَخَيَّطَ رأْسُه كَذَلِكَ؛ قَالَ بَدْرُ بْنُ عَامِرٍ الْهُذَلِيُّ:
تاللهِ لَا أَنْسَى مَنِيحةَ واحدٍ، ... حَتَّى تَخَيَّطَ بالبَياضِ قُروني
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إِذا اتَّصَلَ الشيبُ فِي الرأْس فَقَدْ خَيَّطَ الرأْسَ الشيبُ، فَجَعَلَ خَيَّطَ مُتعدِّياً، قَالَ: فَتَكُونُ الرِّوَايَةُ عَلَى هَذَا حَتَّى تُخَيَّطَ بالبَياضِ قُروني، وجُعِل البياضُ فِيهَا كأَنه شَيْءٌ خِيطَ بعضُه إِلى بَعْضٍ، قَالَ: وأَمّا مَنْ قَالَ خَيَّطَ فِي رأْسِه الشيبُ بِمَعْنَى بَدا فإِنه يُرِيدُ تُخَيَّطُ، بِكَسْرِ الْيَاءِ، أَي خَيَّطَتْ قُروني، وَهِيَ تُخَيَّطُ، وَالْمَعْنَى أَن الشَّيْبَ صَارَ فِي السَّوَادِ كالخُيوطِ وَلَمْ يَتَّصِلْ، لأَنه لَوِ اتَّصَلَ لَكَانَ نَسْجاً، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ الْبَيْتُ بِالْوَجْهَيْنِ: أَعني تُخَيَّطُ، بِفَتْحِ الْيَاءِ، وتُخَيِّطُ، بِكَسْرِهَا، وَالْخَاءُ مَفْتُوحَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ. وخَيْطُ باطِلٍ: الضَّوْء الَّذِي يدخُل مِنَ الكُوَّةِ، يُقَالُ: هُوَ أَدَقُّ مِنْ خَيْطِ باطِلٍ؛ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ، وَقِيلَ: خَيْطُ باطِلٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ لُعابُ الشَّمْسِ ومُخاطُ الشَّيْطَانِ، وَكَانَ مَرْوانُ بْنُ الحَكَمِ يُلَقَّب بِذَلِكَ لأَنه كَانَ طَوِيلًا مُضْطَرِباً؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
لَحى اللهُ قَوْماً مَلَّكُوا خَيْطَ باطِلٍ ... عَلَى النَّاسِ، يُعْطِي مَن يَشاءُ ويَمْنَعُ
وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: خَيْطُ باطِل هُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ فَمِ العَنْكَبوتِ. أَحمد بْنُ يَحْيَى: يُقَالُ فُلَانٌ