هَذِهِ الخِلال تَرْبِطُ صَاحِبَهَا عَنِ الْمَعَاصِي وتكفُّه عَنِ الْمَحَارِمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ رَبِيطَ بَنِي إِسرائيل قَالَ: زَيْنُ الحَكيِم الصمْتُ
أَي زاهِدهم وحكِيمهم الَّذِي يَرْبُطُ نَفْسَهُ عَنِ الدُّنْيَا أَي يَشُدُّها ويمنَعُها. وَفِي حَدِيثِ
عَدِيٍّ: قَالَ الشَّعْبِيُّ وَكَانَ لَنَا جَارًا ورَبيطاً بالنهْرَيْنِ
؛ ومنه حديث
ابن الأَكواع: فَرَبَطْتُ عَلَيْهِ أَسْتَبْقِي نفْسِي
أَي تأَخرت عَنْهُ كأَنه حبَس نفْسَه وَشَدَّهَا. قَالَ الأَزهري: أَراد النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِقَوْلِهِ فَذَلِكُمُ الرِّباطُ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا
؛ وجاءَ فِي تَفْسِيرِهِ: اصْبِرُوا عَلَى دِينكم وَصَابِرُوا عدوَّكم ورَابِطُوا أَي أَقيموا عَلَى جِهَادِهِ بِالْحَرْبِ. قَالَ الأَزهري: وأَصل الرِّبَاط مِنْ مَرَابِطِ الْخَيْلِ وَهُوَ ارْتِباطُها بِإِزاء الْعَدُوِّ فِي بَعْضِ الثغورِ، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْخَيْلَ إِذا رُبِطَتْ بالأَفنية وعُلِفَتْ: رُبُطاً، وَاحِدُهَا رَبِيطٌ، وَيُجْمَعُ الرُّبُطُ رِباطاً، وَهُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ
؛ قَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ رِبَاط الْخَيْلِ، قَالَ: يُرِيدُ الإِناث مِنَ الْخَيْلِ، وَقَالَ: الرِّباطُ مُرابَطةُ العدوِّ وملازَمةُ الثَّغْرِ، والرجلُ مُرابِطٌ. والمُرابِطاتُ: جَمَاعَاتُ الْخُيُولِ الَّتِي رابَطَت. وَيُقَالُ: ترَابَط الماءُ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا إِذا لَمْ يبرحْه وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ فَهُوَ ماءٌ مُترابِطٌ أَي دائمٌ لَا يَنْزَحُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ سَحَابًا:
تَرَى الْمَاءَ مِنْهُ مُلْتقٍ مُتَرَابِطٌ ... ومُنْحَدِرٌ، ضاقَتْ بِهِ الأَرضُ، سائحُ
والرِّباطُ: الفُؤَاد كأَنَّ الْجِسْمَ رُبِطَ بِهِ. وَرَجُلٌ رَابِطُ الجَأْشِ ورَبِيطُ الجأْشِ أَي شَدِيدُ الْقَلْبِ كأَنه يرْبُط نفْسَه عَنِ الفِرار يكُفُّها بجُرْأَته وشَجاعته. ورَبَطَ جأْشُه رِباطةً: اشتدَّ قلبُه ووَثُقَ وحَزُمَ فَلَمْ يَفِرّ عِنْدَ الرَّوْعِ؛ وَقَالَ الْعَجَّاجِ يَصِفُ ثَوْرًا وحْشيّاً:
فباتَ وَهُوَ ثابتُ الرِّباطِ
أَي ثابِتُ النفْسِ. وربَطَ اللهُ عَلَى قلبِه بالصبرِ أَي أَلهَمه الصبْرَ وشدَّه وقَوّاه. ونَفَسٌ رابِطٌ: واسِعٌ أَريضٌ، وَحَكَى ابْنُ الأَعْرابي عَنْ بَعْضِ الْعَرَبِ أَنه قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِر لِي والجِلْدُ بارِدٌ والنفْسُ رَابِطٌ والصُّحُفُ منتَشِرة والتوْبةُ مقبولةٌ، يَعْنِي فِي صحَّته قَبْلَ الحِمام، وذكَّر النفْسَ حَملًا عَلَى الرُّوحِ، وإِن شِئْتَ عَلَى النَّسَبِ. والرَّبِيطُ: التَّمْرُ اليابسُ يُوضَعُ فِي الجِرابِ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ. والرَّبيطُ: البُسْرُ المَوْدونُ. وارتَبَطَ فِي الحَبْل: نَشِبَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. والرَّبِيطُ: الذَّاهِبُ؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، فكأَنه ضِدٌّ، وَقِيلَ: الرَّبِيطُ الرّاهِبُ. والرِّباطُ: مَا تُشَدُّ بِهِ القِرْبةُ والدابةُ وَغَيْرُهُمَا، وَالْجَمْعُ رُبُطٌ؛ قَالَ الأَخطل:
مِثل الدَّعامِيصِ فِي الأَرْحامِ عَائِرَةٌ، ... سُدَّ الخَصاصُ عَلَيْهَا، فهْو مَسْدُودُ
تموتُ طَوْراً، وتَحْيا فِي أَسِرَّتِها، ... كَمَا تُقَلَّبُ فِي الرُّبْطِ المَراوِيدُ
والأَصل فِي رُبْطٍ: رُبُطٌ كَكِتَابٍ وكُتب، والإِسكان جَائِزٌ عَلَى جِهَةِ التَّخْفِيفِ. وقطَع الظبْيُ رِباطَه أَي حِبالَتَه إِذا انْصَرف مَجْهوداً. وَيُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ وَقَدْ قرَض رِباطَه. والرِّباطُ: وَاحِدُ الرِّباطاتِ المبْنِيّةِ. والرَّبِيطُ: لقَبُ الغَوْثِ بْنِ مُرَّة «٤».
(٤). قوله [ابن مرة] في القاموس: ابن مر، بدون هاء تأْنيث، قال شارحه: ووقع في الصحاح مرة، وهو وهم.