ابْنُ سِيدَهْ: السبَطُ الرَّطْبُ مِنَ الحَلِيِّ وَهُوَ مِنْ نباتِ الرَّمْلِ. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: قَالَ أَبو زِيَادٍ السبَطُ مِنَ الشَّجَرِ وَهُوَ سَلِبٌ طُوالٌ فِي السَّمَاءِ دُقاقُ العِيدان تأْكله الإِبل وَالْغَنَمُ، وَلَيْسَ لَهُ زَهْرَةٌ وَلَا شَوك، وَلَهُ وَرَقٌ دِقاق عَلَى قَدْرِ الكُرَّاثِ؛ قَالَ: وأَخبرني أَعرابي مِنْ عَنَزة أَن السبَطَ نباتُه نباتُ الدُّخْنِ الكِبار دُونَ الذُّرةِ، وَلَهُ حَبٌّ كَحَبِّ البِزْرِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَكِمَّتِه إِلا بالدَّقِّ، وَالنَّاسُ يَسْتَخْرِجُونَهُ ويأْكلونه خَبْزاً وطَبْخاً. وَاحِدَتُهُ سبَطةٌ، وَجَمْعُ السبَطِ أَسْباطٌ. وأَرض مَسْبَطةٌ مِنَ السَّبَطِ: كَثِيرَةُ السبَطِ. اللَّيْثُ: السبَطُ نَبَاتٌ كالثِّيل إِلا أَنه يَطُولُ وَيَنْبُتُ فِي الرِّمال، الْوَاحِدَةُ سبَطةٌ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: سأَلت ابْنَ الأَعرابي مَا مَعْنَى السِّبْط فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؟ قَالَ: السِّبْطُ والسّبْطانُ والأَسْباطُ خَاصَّةُ الأَولاد والمُصاصُ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: السِّبْطُ وَاحِدُ الأَسْباط وَهُوَ وَلد الوَلدِ. ابْنُ سِيدَهْ: السِّبْطُ وَلَدُ الِابْنِ وَالِابْنَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الحسَنُ والحُسَينُ سِبْطا رسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمَا
، وَمَعْنَاهُ أَي طائفتانِ وقِطْعتان مِنْهُ، وَقِيلَ: الأَسباط خَاصَّةُ الأَولاد، وَقِيلَ: أَولاد الأَولاد، وَقِيلَ: أَولاد الْبَنَاتِ، وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
الحسينُ سِبْطٌ مِنَ الأَسْباط
أَي أُمَّةٌ مِنَ الأُمم فِي الْخَيْرِ، فَهُوَ وَاقِعٌ عَلَى الأُمَّة والأُمَّةُ وَاقِعَةٌ عَلَيْهِ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الضِّبابِ:
إِنَّ اللَّهَ غَضِبَ عَلَى سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسرائيل فَمَسَخَهُمْ دَوابَّ.
والسِّبْطُ مِنَ الْيَهُودِ: كَالْقَبِيلَةِ مِنَ الْعَرَبِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَرْجِعُونَ إِلى أَب وَاحِدٍ، سُمِّيَ سِبْطاً ليُفْرَق بَيْنَ وَلَدِ إِسماعيل وَوَلَدِ إِسحاق، وَجَمْعُهُ أَسْباط. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً
؛ أُمماً لَيْسَ أَسباطاً بِتَمْيِيزٍ لأَن الْمُمَيِّزَ إِنما يَكُونُ وَاحِدًا لَكِنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ كأَنه قَالَ: جَعَلْنَاهُمْ أَسْباطاً. والأَسْباطُ مِنْ بَنِي إِسرائيل: كَالْقَبَائِلِ مِنَ الْعَرَبِ. وَقَالَ الأَخفش فِي قَوْلِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً
، قَالَ: أَنَّث لأَنه أَراد اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فِرْقةً ثُمَّ أَخبر أَن الفِرَقَ أَسْباطٌ وَلَمْ يَجْعَلِ الْعَدَدَ وَاقِعًا عَلَى الأَسباط؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هَذَا غَلَطٌ لَا يَخْرُجُ الْعَدَدُ عَلَى غَيْرِ الثَّانِي وَلَكِنِ الفِرَقُ قَبْلَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ حَتَّى تَكُونَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مُؤَنَّثَةً عَلَى مَا فِيهَا كأَنه قَالَ: وقطَّعناهم فِرَقاً اثْنَتَيْ عَشْرَةَ فَيَصِحُّ التأْنيث لِمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ قُطْرُبٌ: وَاحِدُ الأَسباط سِبْطٌ. يُقَالُ: هَذَا سِبْط، وَهَذِهِ سِبْطٌ، وَهَؤُلَاءِ سِبْط جَمْعٌ، وَهِيَ الفِرْقة. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَوْ قَالَ اثْنَيْ عشَر سِبْطاً لِتَذْكِيرِ السِّبْطِ كَانَ جَائِزًا، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: السِّبْطُ ذَكَرٌ وَلَكِنَّ النِّيَّةَ، وَاللَّهُ أَعلم، ذَهَبَتْ إِلى الأُمم. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَعْنَى وقطَّعناهم اثْنَتَيْ عشْرةَ فِرْقة أَسباطاً، فأَسباطاً مِنْ نَعْتِ فِرْقَةٍ كأَنه قَالَ: وَجَعَلْنَاهُمْ أَسباطاً، فَيَكُونُ أَسباطاً بَدَلًا مِنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، قَالَ: وَهُوَ الْوَجْهُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَيْسَ أَسباطاً بِتَفْسِيرٍ وَلَكِنَّهُ بَدَلٌ مِنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لأَن التَّفْسِيرَ لَا يَكُونُ إِلا وَاحِدًا مَنْكُورًا كَقَوْلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَلَا يَجُوزُ دَرَاهِمُ، وَقَوْلُهُ أُمماً مِنْ نَعْتٍ أَسْباطٍ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ بَعْضُهُمْ السِّبْطُ القَرْنُ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَ قَرْنٍ، قَالُوا: وَالصَّحِيحُ أَن الأَسْباط في ولد إِسحاق بْنِ إِبراهيم بِمَنْزِلَةِ الْقَبَائِلِ فِي وَلَدِ إِسماعيل، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فولَد كلِّ ولدٍ مِنْ ولدِ إِسماعيل قبيلةٌ، وَوَلَدُ كلِّ وَلَدٍ مِنْ ولَدِ إِسحاق سِبْطٌ، وإِنما سُمِّيَ هَؤُلَاءِ بالأَسباط وَهَؤُلَاءِ بِالْقَبَائِلِ ليُفْصَلَ بَيْنَ وَلَدِ إِسماعيل وَوَلَدِ إِسحاق، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. قَالَ: وَمَعْنَى إِسماعيل فِي الْقَبِيلَةِ «١» مَعْنَى الْجَمَاعَةِ، يُقَالُ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ مِنْ أَب وَاحِدٍ قَبِيلَةٌ، وأَما الأَسباط فَمُشْتَقٌّ مِنَ السبَطِ، والسبَطُ ضرْب مِنَ الشَّجَرِ تَرْعَاهُ الإِبل، وَيُقَالُ:
(١). قوله [قَالَ وَمَعْنَى إِسْمَاعِيلَ فِي القبيلة إلخ] كذا في الأَصل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute