مُمَيِّزة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ
؛ ولمَّا كَانَ لِما يَعقِلُ، وَلِمَا لَا يَعْقِلُ، قِيلَ: فَمِنْهُمْ*؛ وَلَوْ كَانَ لِما لَا يَعْقِلُ، لَقِيل: فَمِنْها، أَو فَمِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ؛ وَإِنْ كَانَ أَصْلُها لِما لَا يَعْقِلُ، لأَنَّه لمَّا خَلَط الجَماعَةَ، فَقَالَ مِنْهُمْ، جُعِلَت العِبارةُ بِمنْ؛ وَالْمَعْنَى: كلَّ نَفْسِ دَابَّةٍ. وَقَوْلُهُ، عَزَّ وَجَلَّ: مَا تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ
؛ قِيلَ مِنْ دَابَّةٍ مِنَ الإِنْسِ والجنِّ، وكُلِّ مَا يَعْقِلُ؛ وَقِيلَ: إنَّما أَرادَ العُمومَ؛ يَدُلُّ عَلَى ذلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
كادَ الجُعَلُ يَهْلِكُ، فِي جُحْرِهِ، بذَنْبِ ابنِ آدمَ.
وَلَمَّا قَالَ الخَوارِجُ لِقَطَرِيٍّ: اخْرُجْ إلَيْنا يَا دَابَّةُ، فأَمَرَهُم بالاسْتِغْفارِ، تَلَوا الْآيَةَ حُجَّة عَلَيْهِ. والدابَّة: الَّتِي تُرْكَبُ؛ قَالَ: وقَدْ غَلَب هَذَا الاسْم عَلَى مَا يُرْكَبُ مِن الدَّوابِّ، وَهُوَ يَقَعُ عَلى المُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ، وحَقِيقَتُه الصفَةُ. وَذُكِرَ عَنْ رُؤْبة أَنَّه كَانَ يَقُول: قَرِّبْ ذَلِكَ الدَّابَّةَ، لِبِرْذَوْنٍ لهُ. ونَظِيرُه، مِنَ المَحْمُولِ عَلى المَعْنى، قولهُم: هَذَا شاةٌ، قَالَ الْخَلِيلُ: ومثْلُه قَوْلُهُ تَعَالَى: هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي. وتَصْغِير الدابَّة: دُوَيْبَّة، الياءُ ساكِنَةٌ، وَفِيهَا إشْمامٌ مِن الكَسْرِ، وَكَذَلِكَ ياءُ التَّصْغِيرِ إِذَا جاءَ بعدَها حرفٌ مثَقَّلٌ فِي كلِّ شيءٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وحَمَلَها عَلَى حِمارٍ مِنْ هَذِهِ الدِّبابَةِ
أَي الضِّعافِ الَّتِي تَدِبُّ فِي المَشي وَلَا تُسْرع. ودابَّة الأَرْض: أَحَدُ أَشْراطِ السَّاعَةِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ، أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ
؛ قَالَ: جاءَ فِي التَّفْسِير أَنَّها تَخرُج بِتِهامَةَ، بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ؛ وجاءَ أَيضاً: أَنها تَخْرُجُ ثلاثَ مرَّات، مِنْ ثَلاثة أَمْكِنَةٍ، وأَنَّها تَنْكُت فِي وَجْهِ الكافِرِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ، وَفِي وجْهِ المؤْمِن نُكْتَةً بَيْضاءَ، فَتَفْشُو نُكْتَة الْكَافِرِ، حَتَّى يَسْوَدَّ مِنْهَا وجهُه أَجمعُ، وتَفْشُو نُكْتَةُ المُؤْمِن، حَتى يَبْيَضَّ مِنْهَا وجْهُه أَجْمَع، فتَجْتَمِعُ الْجَمَاعَةُ عَلَى المائِدَة، فيُعْرفُ المؤْمن مِنَ الْكَافِرِ وَوَرَدَ ذكرُ دابَّةِ الأَرض فِي حَدِيثِ أَشْراطِ الساعَة؛ قِيلَ: إنَّها دابَّة، طولُها ستُّون ذِراعاً، ذاتُ قوائِمَ وَوَبرٍ؛ وَقِيلَ: هِيَ مُخْتَلِفَة الخِلْقَةِ، تُشْبِهُ عِدَّةً مِنَ الْحَيَوَانَاتِ، يَنْصَدِعُ جَبَلُ الصَّفَا، فَتَخْرُج منهُ ليلَةَ جَمْعٍ، والناسُ سائِرُون إِلَى مِنىً؛ وَقِيلَ: مِنْ أَرْضِ الطائِفِ، ومَعَها عَصَا مُوسى، وخاتمُ سُليمانَ، علَيْهِما السلامُ، لَا يُدْرِكُها طالِبٌ، وَلَا يُعْجزُها هارِبٌ، تَضْرِبُ المؤْمنَ بِالْعَصَا، وَتَكْتُبُ فِي وَجْهِهِ: مؤْمن؛ والكافِرُ تَطْبَعُ وجْهَه بالخاتمِ، وتَكْتُبُ فيهِ: هَذَا كافِرٌ. ويُروى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. قَالَ:
أَوَّل أَشْراطِ السَّاعَة خُروجُ الدَّابَّة، وطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبها.
وَقَالُوا فِي المَثَل: أَعْيَيْتَني مِنْ شُبٍّ إِلَى دُبٍّ، بِالتَّنْوِينِ، أَي مُذْ شَبَبْتُ إِلَى أَن دَبَبْت عَلَى الْعَصَا. وَيَجُوزُ: مِنْ شُبَّ إِلَى دُبَّ؛ عَلَى الْحِكَايَةِ، وَتَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا مِنْ شُبَّ إِلَى دُبَّ، وَقَوْلَهُمْ: أَكْذَبُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ أَي أَكذب الأَحْياءِ والأَمْواتِ؛ فدَبَّ: مَشَى؛ ودَرَجَ: مَاتَ وانْقَرَضَ عَقِبُه. وَرَجُلٌ دَبُوبٌ ودَيْبُوبٌ: نَمَّامٌ، كأَنه يَدِبُّ بالنَّمائِم بينَ القَوْمِ؛ وَقِيلَ: دَيْبوبٌ، يَجْمَعُ بينَ الرِّجالِ والنَّساءِ، فَيْعُولٌ، مِنَ الدَّبِيبِ، لأَنَّه يَدِبُّ بَيْنَهُم ويَسْتَخْفِي؛ وَبِالْمَعْنَيَيْنِ فُسِّر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute