للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَتِ امرأَةُ مُعاذٍ لَهُ وَقَدْ قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ لَمَّا رَجَعَ عَنِ الْعَمَلِ: أَين مَا يَحْمِلُه العامِلُ مِنْ عُراضة أَهله؟ فَقَالَ: كَانَ مَعِي ضاغِطٌ أَي أَمِينٌ حافِظٌ، يَعْنِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ المُطَّلِعَ عَلَى سَرائرِ العِباد، وَقِيلَ: أَراد بالضَّاغِط أَمانةَ اللَّهِ الَّتِي تَقَلَّدَها فأَوْهَمَ امرأَته أَنه كَانَ مَعَهُ حَافِظٌ يُضيِّق عليه ويمنعه على الأَخذ ليُرْضِيَها. وَيُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ ضُغطة أَي قَهْراً واضْطِراراً. وضَغط عَلَيْهِ واضْتَغَطَ: تَشدّد عَلَيْهِ فِي غُرْمٍ أَو نَحْوِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كَذَا حَكَاهُ اضْتَغَطَ بالإِظهار، والقِياسُ اضْطَغَطَ. والضاغِطُ: أَن يتحرّكَ مِرْفَقُ الْبَعِيرِ حَتَّى يقعَ فِي جَنْبِهِ فيَخْرِقَه. والضاغِطُ فِي الْبَعِيرِ: انْفِتاقٌ مِنَ الإِبْطِ وكثرةٌ مِنَ اللَّحْمِ، وَهُوَ الضَّبُّ أَيضاً. والضاغطُ فِي الإِبل: أَن يَكُونَ فِي الْبَعِيرِ تَحْتَ إِبطه شِبه جِرابٍ أَو جِلْد مُجْتَمِعٌ؛ وَقَالَ حَلْحلةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ أَشْيَمَ وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَدْ أَقْعده ليُقادَ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: صَبْراً حَلْحَل، فأَجابه:

أَصْبَرُ مِنْ ذِي ضاغِطٍ عَرَكْرَك

قَالَ: الضَّاغِطُ الَّذِي أَصل كِرْكِرَتِه يَضْغَط مَوْضِعَ إِبطه ويؤثِّر فِيهِ ويَسْحَجُه. والمَضاغِطُ: مَوَاضِعُ ذاتُ أَمْسِلةٍ مُنخفضة، وَاحِدُهَا مَضْغَطٌ. وَالضَّغِيطُ: رَكِيّةٌ يَكُونُ إِلى جَنْبِهَا رَكِيّةٌ أُخرى فتَنْدَفِنُ إِحداهما فتَحْمَأُ فيُنْتِنُ ماؤُها فيَسِيلُ فِي مَاءِ العذْبة فيُفْسِدُها فَلَا يُشْرَبُ، قَالَ: فَتِلْكَ الضَّغِيطُ والمَسِيطُ؛ وأَنشد:

يَشْرَبْنَ مَاءَ الأَجْنِ والضَّغِيطِ، ... وَلَا يَعَفْنَ كَدَرَ المَسِيطِ

أَراد مَاءَ المَنْهلِ الآجِن أَو إِضافةَ الشَّيْءِ إِلى نَفْسِهِ. وَرَجُلٌ ضَغِيطٌ: ضعيفُ الرأْي لَا يَنْبَعِثُ مَعَ الْقَوْمِ، وجمعه ضَعْطى لأَنه كأَنه دَاءٌ. وضُغاطٌ: مَوْضِعٌ. وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنه كَانَ لَا يُجِيزُ الضُّغْطةَ، يُفَسَّر تَفْسِيرَيْنِ: أَحدهما الإِكْراهُ، والآَخَر أَن يُماطِل بَائِعَهُ بأَداء الثَّمن ليَحُطّ عَنْهُ بعضَه؛ قَالَ النَّضْرُ: الضُّغْطةُ المُجاحَدةُ، يَقُولُ: لَا أُعْطِيك أَو تَدَعَ مِمَّا لَكَ عليَّ شَيْئًا؛ وَقَالَ ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ

شُرَيْحٍ: هُوَ أَن يَمْطُلَ الغريمُ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ حَتَّى يَضْجَرَ صَاحِبُ الْحَقِّ ثُمَّ يَقُولَ لَهُ: أَتَدَعُ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا وتأْخذ الباقيَ مُعَجَّلًا؟ فيَرْضى بِذَلِكَ.

وَفِي الْحَدِيثِ:

يُعتق الرَّجُلُ مِنْ عَبْدِهِ مَا شَاءَ إِن شَاءَ ثُلُثًا أَو رُبُعًا أَو خُمُسًا لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ ضُغْطة.

وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَجُوزُ الضُّغْطة

؛ قِيلَ: هِيَ أَن تُصالِحَ مَنْ لَكَ عَلَيْهِ مالٌ عَلَى بَعْضِهِ ثُمَّ تَجِد الْبَيِّنَةَ فتأْخذه بجميع المال.

ضفط: الضَّفاطةُ: الجَهْلُ والضَّعْفُ فِي الرأْي. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه سَمِعَ رَجُلًا يتَعوَّذُ مِنَ الفِتَنِ، فَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنَ الضَّفاطة أَتَسلُ ربَّك أَن لَا يَرْزُقَك أَهلًا وَمَالًا؟

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: تأَوَّل قَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ*

، وَلَمْ يُرِدْ فِتنةَ القتالِ وَالِاخْتِلَافِ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ. قَالَ: وأَما الضَّفاطةُ فإِن أَبا عُبَيْدٍ قَالَ: عَنى بِهِ ضَعْفَ الرأْي وَالْجَهْلَ. وَرَجُلٌ ضَفِيطٌ: جَاهِلٌ ضَعِيفٌ. وَرُوِيَ عَنْ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عنه، أَنه سُئِلَ عَنِ الوتْر فَقَالَ: أَنا أُوتِرُ حِينَ يَنَامُ الضَّفْطَى

؛ أَراد بالضَّفْطَى جَمْعَ ضَفِيط، وَهُوَ الضعيفُ الْعَقْلِ والرأْي. وعُوتِب ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فِي شَيْءٍ فَقَالَ: إِني فِي ضَفْطَةٍ وَهِيَ إِحدى ضَفَطاتي أَي غَفَلاتي؛ وَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>