للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ:

وخَرْقٍ تَحَدَّثُ غِيطانُه، ... حَدِيثَ العَذارى بأَسْرارِها

إِنما أَرادَ تَحَدَّثُ الجِنُّ فِيهَا أَي تَحَدَّثُ جِنُّ غِيطانِه كَقَوْلِ الْآخَرِ:

تَسْمَعُ للجنِّ بهِ زيزِيزَما ... هَتامِلًا مِن رِزِّها وهَيْنَما

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَغْواطٌ جَمْعُ غَوْطٍ بِالْفَتْحِ لُغَةٌ فِي الْغَائِطِ، وغِيطانٌ جَمْعٌ لَهُ أَيضاً مِثْلُ ثَوْرٍ وثِيرانٍ، وَجَمْعُ غائطٍ أَيضاً مِثْلُ جانٍّ وجِنَّانٍ، وأَما غائطٌ وغوطٌ فَهُوَ مِثْلُ شارِفٍ وشُرْفٍ؛ وَشَاهِدُ الغَوط، بِفَتْحِ الْغَيْنِ، قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَمَا بينَها والأَرضِ غَوْطٌ نَفانِف

وَيُرْوَى: غَوْلٌ، وَهُوَ بِمَعْنَى البُعْد. ابْنُ شُمَيْلٍ: يُقَالُ للأَرضِ الواسعةِ الدَّعْوةِ: غائطٌ لأَنه غاطَ فِي الأَرض أَي دخَل فِيهَا، وَلَيْسَ بِالشَّدِيدِ التصَوُّبِ ولبَعْضِها أَسنادٌ، وَفِي قِصَّةِ

نُوحٍ، عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وانْسَدَّتْ يَنابِيعُ الغَوْطِ الأَكبرِ وأَبوابُ السَّمَاءِ

؛ الغَوْطُ: عُمْقُ الأَرضِ الأَبْعدُ، وَمِنْهُ قِيلَ للمطْمَئِنِّ مِنَ الْأَرض غائطٌ، وَلِمَوْضِعِ قَضاء الْحَاجَةِ غَائِطٌ، لأَنَّ الْعَادَةَ أَن يَقْضِيَ فِي المُنْخَفِض مِنَ الأَرض حَيْثُ هُوَ أَستر لَهُ ثُمَّ اتُّسِعَ فِيهِ حَتَّى صَارَ يُطْلَقُ عَلَى النجْوِ نفْسِه. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: مِنَ بَوَاطِنِ الأَرض المُنْبِتةِ الغِيطانُ، الْوَاحِدُ مِنْهَا غائطٌ، وكلُّ مَا انْحَدَرَ فِي الأَرض فَقَدْ غاطَ، قَالَ: وَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ الْغَائِطَ رُبَّمَا كَانَ فَرْسخاً وَكَانَتْ بِهِ الرِّياضُ. وَيُقَالُ: أَتى فُلَانٌ الغائطَ، والغائطُ الْمُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرض الواسعُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

تنزِل أُمّتي بغائطٍ يُسَمُّونَهُ البَصْرةَ

أَي بَطْنٍ مُطْمَئِنٍّ مِنَ الأَرض. والتغْوِيطُ: كِنَايَةٌ عَنِ الحدَثِ. والغائطُ: اسْمُ العَذِرة نفْسها لأَنهم كَانُوا يُلْقُونها بالغِيطان، وَقِيلَ: لأَنهم كَانُوا إِذا أَرادوا ذَلِكَ أَتوا الْغَائِطَ وَقَضَوُا الْحَاجَةَ، فَقِيلَ لِكُلِّ مَن قَضَى حاجتَه: قَدْ أَتى الْغَائِطَ، يُكنَّى بِهِ عَنِ الْعَذِرَةِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ*

؛ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذا أَراد التَّبَرُّزَ ارْتادَ غَائِطًا مِنَ الأَرض يَغِيبُ فِيهِ عَنْ أَعين النَّاسِ، ثُمَّ قِيلَ للبِرازِ نَفْسِه، وَهُوَ الحدَثُ: غَائِطٌ كِنَايَةً عَنْهُ، إِذ كَانَ سَبَبًا لَهُ. وتَغَوَّط الرَّجُلُ: كِنَايَةٌ عَنِ الخِراءة إِذا أَحدث، فَهُوَ مُتَغَوِّط. ابْنُ جِنِّي: وَمِنَ الشَّاذِّ قِرَاءَةُ مَنْ قرأَ:

أَو جَاءَ أَحد مِنْكُمْ مِنَ الغَيْطِ

؛ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَصله غَيِّطاً وأَصله غَيْوِطٌ فَخُفِّفَ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ الْيَاءُ وَاوًا للمُعاقبةِ. وَيُقَالُ: ضَرَبَ فُلَانٌ الغائطَ إِذا تبَرَّزَ. وَفِي الْحَدِيثُ:

لَا يذهَب الرَّجلانِ يَضْرِبان الغائطَ يتحدَّثانِ

أَي يَقْضِيانِ الحاجةَ وَهُمَا يتحدَّثان؛ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْغَائِطِ فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الحدَث وَالْمَكَانِ. والغَوْطُ أَغْمَضُ مِنَ الغائطِ وأَبعَدُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، قُلْ لأَهْلِ الْغَائِطِ يُحْسِنوا مُخالَطتي

؛ أَراد أَهل الْوَادِي الَّذِي يَنْزِلُه. وغاطَت أَنْساعُ الناقةِ تَغُوطُ غَوْطاً: لَزِقَتْ بِبَطْنِهَا فَدَخَلَتْ فِيهِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ:

سَتَخْطِمُ سَعْدٌ والرِّبابُ أُنُوفَكم، ... كَمَا غاطَ فِي أَنْفِ القَضِيبِ جَرِيرُها

وَيُقَالُ: غاطَتِ الأَنْساعُ فِي دَفِّ الناقةِ إِذا تَبَيَّنَتْ آثارُها فِيهِ. وغاطَ فِي الشَّيْءِ يَغُوطُ ويَغِيطُ: دَخَلَ فِيهِ. يُقَالُ: هَذَا رَمْلٌ تَغُوطُ فِيهِ الأَقْدامُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>