للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبي ذُؤَيْبٍ:

وَقَدْ أَرْسَلُوا فُرَّاطَهم فتَأَثَّلُوا ... قَلِيباً سَفاهاً، كالإِماءِ القَواعِدِ

يَعْنِي بالفُرَّاط المتقدِّمين لِحَفْرِ القَبْرِ، وَكُلُّهُ مِنَ التقدُّم والسبقِ. وفرَط إِليه مِنِّي كلامٌ وقولٌ: سبَق؛ وَفِي الدُّعَاءِ:

عَلَى مَا فرَط مِنِّي

أَي سَبَقَ وتقدَّم. وَتَكَلَّمَ فلانٌ فِراطاً أَي سَبَقَتْ مِنْهُ كَلِمَةٌ. وفَرَّطْته: تركتُه وَتَقَدَّمْتُهُ؛ وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:

مَعَهُ سِقاءٌ لَا يُفَرِّط حَمْلَه ... صُفْنٌ، وأَخْراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ

أَي لَا يَتْرُكُ حملَه وَلَا يُفارقه. وفرَط عَلَيْهِ فِي الْقَوْلِ يَفْرُط: أَسرف وتقدَّم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى

؛ والفُرُطُ: الظُّلْم وَالِاعْتِدَاءُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً

. وأَمره فُرُطٌ أَي مَتْروك. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً

، أَي مَتْرُوكًا تَرَك فِيهِ الطَّاعَةَ وغَفَل عَنْهَا، وَيُقَالُ: إِيّاك والفُرُطَ فِي الْأَمْرِ؛ وَفِي حَدِيثِ سَطيح:

إِنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي ساسانَ أَفْرَطَهم

أَي تَرَكهم وَزَالَ عَنْهُمْ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَمرٌ فُرُطٌ أَي متهاوَنٌ بِهِ مضيَّع؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً

، أَي كَانَ أَمرُه التفريطَ وَهُوَ تَقْدِيمُ العَجْز، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً

أَي نَدَماً وَيُقَالُ سَرَفاً. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لَا يُرى الجاهلُ إِلا مُفْرِطاً أَو مُفَرِّطاً

؛ هُوَ بِالتَّخْفِيفِ المُسرف فِي الْعَمَلِ، وَبِالتَّشْدِيدِ المقصِّر فِيهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أَنه نَامَ عَنِ الْعِشَاءِ حَتَّى تَفَرَّطَتْ

أَي فَاتَ وقتُها قَبْلَ أَدائها. وَفِي حَدِيثِ توبةِ كعبٍ:

حَتَّى أَسرعوا وتَفارَطَ الغَزْوُ

أَي فَاتَ وقتُه. وأَمر فُرُط أَي مجاوَزٌ فِيهِ الْحَدُّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً

. وفَرَط فِي الأَمر يَفْرُط فَرْطاً أَي قصَّر فِيهِ وضيَّعه حَتَّى فَاتَ، وَكَذَلِكَ التفريطُ. والفُرُط: الفرَس السَّرِيعَةُ الَّتِي تَتَفَرَّط الخيلَ أَيْ تتقدَّمُها. وَفَرَسٌ فُرُط: سَرِيعَةٌ سَابِقَةٌ؛ قَالَ لَبِيدٌ:

وَلَقَدْ حَمَيْتُ الحيَّ تحمِل شِكَّتي ... فُرُطٌ وِشاحي، إِذ غدوتُ، لجامُها

وافترَط إِليه فِي هَذَا الأَمر: تَقَدَّمَ وسبَق. والفُرْطة، بِالضَّمِّ: اسمٌ لِلْخُرُوجِ وَالتَّقَدُّمِ، والفَرْطة، بِالْفَتْحِ: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ مِثْلُ غُرْفة وغَرْفة وحُسْوة وحَسْوة؛ وَمِنْهُ قولُ

أُمّ سَلَمَةَ لِعَائِشَةَ: إِن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نهاكِ عَنِ الفُرْطة فِي البِلاد.

غَيْرُهُ: وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نهاكِ عَنِ الفُرْطة فِي الدِّين

يَعْنِي السبْق وَالتَّقَدُّمَ وَمُجَاوَزَةَ الْحَدِّ. وَفُلَانٌ مُفْتَرِط السِّجال إِلى العُلى أَي لَهُ فِيهِ قُدْمة؛ وأَنشد:

مَا زِلْت مُفْتَرِطَ السِّجال إِلى العُلى، ... فِي حَوْضِ أَبْلَجَ، تَمْدُرُ التُّرْنُوقا

ومَفارِطُ الْبَلَدِ: أَطرافه؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:

وسَمَوْا بالمَطِيِّ والذُّبَّلِ الصُّمِّ ... لعَمْياءَ فِي مَفارِط بيدِ

وَفُلَانٌ ذُو فُرْطة فِي الْبِلَادِ إِذا كَانَ صاحبَ أَسفار كَثِيرَةٍ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَلْفاه وصادَفه وفارَطَه وفالَطَه ولاقَطَه كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ بَعْضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>