والأَصل فِي ذُوبان الهمزُ، وَلَكِنَّهُ خُفِّفَ، فانْقَلَبَتْ وَاوًا. وأَرْضٌ مَذْأَبَةٌ: كَثِيرة الذِّئاب، كَقَوْلِكَ أَرْضٌ مَأْسَدَةٌ، مِنَ الأَسَد. قَالَ أَبو عَلِيٍّ فِي التَّذْكِرَةِ: وناسٌ مِنْ قَيْس يَقُولُونَ مذيَبة، فَلَا يَهْمِزون، وَتَعْلِيلُ ذَلِكَ أَنه خُفِّفَ الذِّئْبُ تَخْفيفاً بَدَلِيّاً صَحِيحًا، فجاءَت الْهَمْزَةُ يَاءً، فلَزِم ذَلِكَ عندَه، فِي تَصْريفِ الْكَلِمَةِ. وذُئِبَ الرَّجُلُ: إِذا أَصابَه الذِّئْبُ. ورجلٌ مَذْؤُوبٌ: وقَع الذِّئْبُ فِي غَنَمِه، تَقُولُ مِنْهُ: ذُئِبَ الرَّجُلُ، عَلَى فُعِلَ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
هاعٍ يُمَظِّعُني، ويُصْبِحُ سادِراً، ... سَدِكاً بلَحْمِي، ذِئْبُهُ لَا يَشْبَعُ
عَنَى بِذِئْبِه لسانَه أَي أَنَّهُ يأْكلُ عِرْضَه، كَمَا يأْكلُ الذِّئْبُ الغَنمَ. وذُؤْبانُ الْعَرَبِ: لُصُوصُهم وصَعالِيكُهمُ الَّذِينَ يَتَلَصَّصون ويَتَصَعْلَكُونَ. وذِئابُ الغَضَى: بَنُو كَعْبِ بْنَ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ، سُمُّوا بِذَلِكَ لخُبْثِهم، لأَن ذِئْبَ الغَضَى أَخْبَثُ الذِّئابِ. وذَؤُبَ الرَّجلُ يَذْؤُبُ ذَآبَةً، وذَئِبَ وتَذَأَّبَ: خَبُثَ، وَصَارَ كالذِّئْبِ خُبْثاً ودَهاءً. واسْتَذْأَبَ النَّقَدُ: صارَ كالذِّئْب؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للذُّلّان إِذَا عَلَوا الأَعِزَّة. وتَذَأَّبَ الناقةَ وتَذَأَّبَ لَها: وَهُوَ أَن يَسْتَخْفِيَ لَهَا إِذا عَطَفَها عَلَى غَيْرِ ولَدِها، مُتَشَبِّهاً لَهَا بالسَّبُعِ، لِتَكُونَ أَرْأَمَ عَلَيْهِ؛ هَذَا تَعْبِيرُ أَبي عُبَيْدٍ. قَالَ: وأَحسن مِنْهُ أَن يَقُولَ: مُتَشَبِّهاً لَهَا بالذِّئْبِ، ليَتَبَيَّن الاشتِقاقُ. وتَذَأَّبَتِ الرِّيحُ وتَذَاءَبَتْ: اخْتَلَفَتْ، وجاءَتْ مِنْ هُنا وهُنا. وتَذَأَّبْتُه وتَذاءَبْتُه: تَدَاوَلْتُه، وأَصْلُه مِنَ الذِّئْبِ إِذا حَذِرَ مِنْ وجهٍ جاءَ مِنْ آخرَ. أَبو عُبَيْدٍ: المُتَذَئِّبَة والمُتَذائِبَة، بوَزنِ مُتَفَعِّلَة ومُتَفاعِلَة: مِنَ الرِّياح الَّتِي تَجِيءُ مِنْ هَاهُنا مرَّةً وَمِنْ هَاهُنا مرَّةً؛ أُخِذَ مِنْ فِعْل الذِّئْبِ، لأَنه يأْتي كَذَلِكَ. قَالَ ذُو الرُّمة، يَذْكُرُ ثَوْرًا وَحْشِيّاً:
فباتَ يُشْئِزُهُ ثَأْدٌ، ويُسْهِرُه ... تَذَؤُّبُ الرِّيحِ، والوَسْواسُ والهِضَبُ
وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: خَرَجَ مِنْكُمْ جُنَيْدٌ مُتَذائِبٌ ضَعِيفٌ
؛ المُتَذائِبُ: المُضْطَرِبُ، مِنْ قَوْلِهِمْ: تَذاءَبَتِ الرِّيحُ، اضْطرب هبوبُها. وغَرْبٌ ذَأْبٌ: مُخْتَلَفٌ بِهِ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ، قَالَ الأَصمعي: وَلَا أُراهُ أُخِذَ إِلَّا مِنْ تَذَؤُّبِ الرِّيحِ، وَهُوَ اخْتِلافُها، فشُبِّهَ اخْتِلافُ البَعيرِ فِي المَنْحاةِ بِهَا؛ وَقِيلَ: غَرْبٌ ذَأْبٌ، عَلَى مثالِ فَعْلٍ: كثيرةُ الحركةِ بالصُّعُودِ والنُّزولِ. والمَذْؤُوبُ: الفَزِعُ. وذُئِبَ الرجُل: فَزِعَ مِنَ الذِّئْبِ. وذَأَّبْتُه: فَزَّعْتُه. وذَئِبَ وأَذْأَبَ: فَزِعَ مِنْ أَيِّ شيءٍ كَانَ. قَالَ الدُّبَيْرِيُّ:
إِني، إِذا مَا لَيْثُ قَوْمٍ هَرَبا، ... فسَقَطَتْ نَخْوَتُه وأَذْأَبا
قَالَ: وحقيقتُه مِنَ الذِّئْبِ. وَيُقَالُ لِلَّذِي أَفْزَعَتْهُ الجِنُّ: تَذَأَّبَتْه وتَذَعَّبَتْه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute