للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ وَسَط قومِه وَمِنْ وَسَطِ الْوَادِي وسَرَرِ الْوَادِي وسَرارَته وسِرِّه، وَمَعْنَاهُ كُلُّهُ مِنْ خَيْر مَكَانٍ فِيهِ، وَكَذَلِكَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ خَيْرِ مَكَانٍ فِي نسَب الْعَرَبِ، وَكَذَلِكَ جُعِلتْ أُمّته أُمة وسَطاً أَي خِياراً. وَقَالَ أَحمد بْنُ يَحْيَى: الْفَرْقُ بَيْنَ الوسْط والوَسَط أَنه مَا كانَ يَبِينُ جُزْء من جُزْء فهو وسْط مِثْلُ الحَلْقة مِنَ النَّاسِ والسُّبْحةِ والعِقْد، قَالَ: وَمَا كَانَ مُصْمَتاً لَا يَبِينُ جُزْءٌ مِنْ جُزْءٍ فَهُوَ وسَط مِثْلُ وسَطِ الدارِ وَالرَّاحَةِ والبُقْعة؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الوسْط مُخَفَّفَةً يَكُونُ مَوْضِعًا لِلشَّيْءِ كَقَوْلِكَ زَيْدٌ وَسْطَ الدارِ، وإِذا نَصَبْتَ السِّينَ صَارَ اسْمًا لِمَا بَيْنَ طَرَفَيْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: تَقُولُ وَسْطَ رأْسِك دُهْنٌ يَا فَتى لأَنك أَخبرت أَنه اسْتَقَرَّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فأَسكنت السِّينَ وَنَصَبْتَ لأَنه ظَرْفٌ، وَتَقُولُ وسَطُ رأْسِك صُلْب لأَنه اسْمٌ غَيْرُ ظَرْفٍ، وَتَقُولُ ضربْت وَسَطَه لأَنه الْمَفْعُولُ بِهِ بِعَيْنِهِ، وَتَقُولُ حَفَرْتُ وَسَطَ الدارِ بِئْرًا إِذا جَعَلْتَ الوَسَط كُلَّهُ بِئراً، كَقَوْلِكَ حَرَثْت وسَطَ الدَّارِ؛ وَكُلُّ مَا كَانَ مَعَهُ حَرْفُ خَفْضٍ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ مَعْنَى الظَّرْفِ وَصَارَ اسْمًا كَقَوْلِكَ سِرْت مِنْ وَسَطِ الدَّارِ لأَنَّ الضَّمِيرَ لِمنْ، وَتَقُولُ قُمْتُ فِي وسَط الدَّارِ كَمَا تَقُولُ فِي حَاجَةِ زَيْدٍ فَتُحَرَّكُ السِّينُ مِنْ وسَط لأَنه هاهنا لَيْسَ بِظَرْفٍ. الْفَرَّاءُ: أَوْسَطْت القومَ ووَسَطْتُهم وتوَسَّطْتُهم بِمَعْنًى وَاحِدٍ إِذا دَخَلْتَ وَسْطَهم. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً

. وَقَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ وَسَطَ فلانٌ جَمَاعَةً مِنَ النَّاسِ وَهُوَ يَسِطُهم إِذا صَارَ وَسْطَهم؛ قَالَ: وإِنما سُمِّيَ واسِطُ الرحْل واسِطاً لأَنه وسَطٌ بَيْنَ القادِمة والآخرةِ، وَكَذَلِكَ واسِطةُ القِلادةِ، وَهِيَ الجَوْهرة الَّتِي تَكُونُ فِي وسَطِ الكِرْسِ المَنْظُوم. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ فِي تَفْسِيرِ واسِطِ الرَّحْل وَلَمْ يَتَثَبَّتْه: وإِنما يَعْرِفُ هَذَا مِنْ شاهَدَ العَربَ ومارَسَ شَدَّ الرِّحال عَلَى الإِبل، فأَما مَنْ يفسِّر كَلَامَ الْعَرَبِ عَلَى قِياساتِ الأَوْهام فإِنَّ خَطأَه يَكْثُرُ، وللرحْلِ شَرْخانِ وَهُمَا طَرَفاه مِثْلُ قرَبُوسَيِ السَّرْج، فالطرَفُ الَّذِي يَلِي ذَنَبَ الْبَعِيرِ آخِرةُ الرَّحْلِ ومُؤْخِرَتُه، وَالطَّرَفُ الَّذِي يَلِي رأْس الْبَعِيرِ واسِطُ الرَّحْلِ، بِلَا هَاءٍ، وَلَمْ يسمَّ وَاسِطًا لأَنه وَسَطٌ بَيْنَ الْآخِرَةِ والقادِمة كَمَا قَالَ اللَّيْثُ: وَلَا قَادِمَةَ لِلرَّحْلِ بَتَّةً إِنما القادمةُ الواحدةُ مِنْ قَوادِم الرِّيش، ولضَرْع النَّاقَةِ قادِمان وآخِران، بِغَيْرِ هَاءٍ، وَكَلَامِ الْعَرَبِ يُدَوَّن فِي الصُّحُفِ مِنْ حَيْثُ يَصِحُّ، إِمّا أَن يُؤْخَذَ عَنْ إِمام ثِقَة عَرَفَ كَلَامَ الْعَرَبِ وشاهَدَهم، أَو يَقْبَلُ مِنْ مُؤَدٍّ ثِقَةٍ يَرْوِي عَنِ الثِّقَاتِ الْمَقْبُولِينَ، فأَما عباراتُ مَن لَا مَعْرِفَةَ لَهُ وَلَا أَمانة فإِنه يُفسد الْكَلَامَ ويُزيله عَنْ صِيغته؛ قَالَ: وقرأْت فِي كِتَابِ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي بَابِ الرحال قَالَ: وَفِي الرَّحْلِ واسِطُه وآخِرَتُه ومَوْرِكُه، فَوَاسِطُهُ مُقَدَّمه الطَّوِيلُ الَّذِي يَلِي صَدْرَ الرَّاكِبِ، وأَما آخِرته فمُؤخرَته وَهِيَ خَشَبَتُهُ الطَّوِيلَةُ الْعَرِيضَةُ الَّتِي تُحَاذِي رأْس الرَّاكِبِ، قَالَ: والآخرةُ وَالْوَاسِطُ الشرْخان. وَيُقَالُ: رَكِبَ بَيْنَ شَرْخَيْ رَحْلِهِ، وَهَذَا الَّذِي وَصَفَهُ النضْر كُلُّهُ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَما واسِطةُ القِلادة فَهِيَ الْجَوْهَرَةُ الْفَاخِرَةُ الَّتِي تُجْعَلُ وسْطها. والإِصْبع الوُسطى. وواسِطُ: مَوْضِعٌ بَيْنَ الجَزيرة ونَجْد، يُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ. وواسِط: مَوْضِعٌ بَيْنَ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وُصف بِهِ لتوسُّطِه مَا بَيْنَهُمَا وَغَلَبَتِ الصِّفَةُ وَصَارَ اسْمًا كَمَا قَالَ:

ونابِغةُ الجَعْدِيُّ بالرَّمْلِ بَيْتُه، ... عَلَيْهِ تُرابٌ مِنْ صَفِيحٍ مُوَضَّع

<<  <  ج: ص:  >  >>