وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ القَزَّازِ قَالَ: اسْتَحْفَظْتُهُ الشيءَ جَعَلْتُهُ عِنْدَهُ يحفَظُه، يتعدَّى إِلى مَفْعُولَيْنِ، وَمِثْلُهُ كَتَبْتُ الْكِتَابَ وَاسْتَكْتَبْتُهُ الْكِتَابَ. والمُحافظة والحِفاظ: الذَّبُّ عَنِ المَحارِم والمَنْعُ لَهَا عِنْدَ الحُروب، وَالِاسْمُ الحَفِيظة. والحِفاظ: المُحافظة عَلَى العَهْد والمُحاماةُ عَلَى الحُرَم ومنعُها مِنَ الْعَدُوِّ. يُقَالُ: ذُو حَفِيظة. وأَهلُ الحَفائظ: أَهل الحِفاظ وَهُمُ المُحامون عَلَى عَوْراتهم الذَّابُّون عَنْهَا، قَالَ:
إِنّا أُناسٌ نَلْزَمُ الحِفاظا
وَقِيلَ: المُحافظة الوَفاء بالعَقْد والتمسُّكُ بِالْوُدِّ. والحَفِيظةُ: الغضَبُ لحُرمة تُنْتَهكُ مِنْ حُرُماتك أَو جارٍ ذِي قَرابةٍ يُظلَم مِنْ ذَوِيك أَو عَهْد يُنْكَث. والحِفْظة والحَفِيظة: الغضَب، والحِفاظ كالحِفْظة، وأَنشد:
إِنّا أُناسٌ نمنَع الحِفاظا
وَقَالَ زُهَيْرٌ «٢» فِي الحَفِيظة:
يَسُوسون أَحْلاماً بَعِيداً أَناتُها، ... وإِن غَضِبوا، جَاءَ الحَفِيظةُ والجِدُّ
والمُحْفِظات: الأُمور الَّتِي تُحْفِظ الرَّجُلَ أَي تُغْضِبه إِذا وُتِرَ فِي حَمِيمِه أَو فِي جِيرَانِهِ، قَالَ الْقُطَامِيُّ:
أَخُوك الَّذِي لَا تَمْلِك الحِسَّ نفسُه، ... وتَرْفَضُّ، عِنْدَ المُحْفِظات، الكَتائفُ
يَقُولُ: إِذا استوْحَشَ الرجلُ مِنْ ذِي قَرابَتِه فاضْطَغَن عَلَيْهِ سَخِيمةً لإِساءةٍ كَانَتْ مِنْهُ إِليه فأَوْحَشَتْه، ثُمَّ رَآهُ يُضام زَالَ عَنْ قَلْبِهِ مَا احتقَده عَلَيْهِ وغَضِب لَهُ فنَصَره وانتصَر لَهُ مِنْ ظُلْمِه. وحُرَمُ الرجلِ: مُحْفِظاته أَيضاً، وَقَدْ أَحْفَظَه فاحتفَظ أَي أَغضَبه فغَضِب، قَالَ العُجَيْرُ السَّلُولي:
بعيدٌ مِنَ الشَّيْءِ القَلِيلِ احْتِفاظُه ... عَلَيْكَ، ومَنْزُورُ الرِّضا حِينَ يَغْضَبُ
وَلَا يَكُونُ الإِحْفاظُ إِلا بِكَلَامٍ قَبِيحٍ مِنَ الَّذِي تَعرَّض لَهُ وإِسماعِه إِيّاه مَا يَكره. الأَزهري: والحِفْظَةُ اسْمٌ من الاحْتِفاظ عند ما يُرى مِنْ حَفِيظة الرَّجُلِ يَقُولُونَ أَحْفَظْته حِفْظة، وَقَالَ الْعَجَّاجُ:
مَعَ الجَلا ولائِحِ القَتِيرِ، ... وحِفْظةٍ أَكَنَّها ضَمِيرِي
فُسّر: عَلَى غَضْبة أَجنَّها قَلْبِي، وَقَالَ الْآخَرُ:
وَمَا العَفْوُ إِلَّا لامْرِئٍ ذِي حَفِيظةٍ، ... مَتى يُعْفَ عَنْ ذَنْبِ امرِئِ السَّوْءِ يَلْجَجِ
وَفِي حَدِيثِ حُنَيْن:
أَردتُ أَن أُحْفِظَ الناسَ وأَن يُقاتلوا عَنْ أَهليهم وأَموالهم
أَي أُغْضِبَهم مِنَ الحَفِيظة الغضَب. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:
فبَدَرتْ مِنِّي كَلِمَةٌ أَحفَظَتْه
أَي أَغضَبَتْه. وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ الحَفائظَ تُذْهِبُ الأَحْقاد أَي إِذا رأَيت حَمِيمَك يُظْلَم حَمِيتَ لَهُ وإِن كَانَ عَلَيْهِ فِي قَلْبِكَ حِقْد. النَّضْر: الْحَافِظُ هُوَ الطَّرِيقُ البَيِّنُ المُستقيم الذي لا يَنْقَطِع، فأَما الطَّرِيقُ الَّذِي يَبِين مَرَّةً ثُمَّ يَنْقطِع أَثرُه ويَمَّحِي فَلَيْسَ بحافِظ. واحْفاظَّتِ الجِيفةُ: انتَفخت، قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَرَوَاهُ الأَزهري أَيضاً عَنِ اللَّيْثِ ثُمَّ قَالَ الأَزهري: هَذَا تَصْحِيفٌ مُنْكَرٌ، وَالصَّوَابُ اجْفأَظَّت، بِالْجِيمِ، وَرُوِيَ عَنِ الْفَرَّاءِ أَنه قَالَ: الجَفِيظ المقتول
(٢). قوله [زهير] في الأساس الحطيئة، وهذا الصواب، لأنه من أبيات للحطيئة مرويَّة في ديوانه.