للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللازِم، تَقُولُ: إِنه لمَغْنُوظٌ مَهْموم، وغنَظَه الهمُّ وأَغْنَظه: لَزِمَه. وغنَظَه يَغْنِظُه ويغْنُظُه، لُغَتَانِ، غَنْظاً وأَغْنَظْته وغَنَّظْته، لُغَتَانِ، إِذا بَلَغْتَ مِنْهُ الْغَمَّ؛ والغَنْظُ: أَن يُشرِف عَلَى الهَلَكة ثُمَّ يُفْلَت، والفِعل كَالْفِعْلِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

وَلَقَدْ لقِيتَ فَوارِساً مِنْ رَهْطِنا، ... غَنَظُوكَ غَنْظَ جَرادةِ العَيّارِ

وَلَقَدْ رأَيتَ مكانَهم فَكَرِهْتَهم، ... كَكراهَةِ الخِنْزِير للإِيغارِ

العَيّارُ: رَجل، وجرادةُ: فَرسُه، وَقِيلَ: الْعَيَّارُ أَعرابي صَادَ جَراداً وَكَانَ جَائِعًا فأَتى بِهِنَّ إِلى رَماد فدَسَّهُنّ فِيهِ، وأَقبل يُخْرِجُهُنَّ مِنْهُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً فيأْكلهن أَحياء وَلَا يشعُر بِذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ، فآخِر جَرادة مِنْهُنَّ طَارَتْ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِن كُنْتُ لأُنْضِجُهنَّ فضُرب ذَلِكَ مَثَلًا لِكُلِّ مَنْ أُفلت مِنْ كَرْب. وَقَالَ غَيْرُهُ: جَرَادَةُ العيَّار جَرَادَةٌ وُضِعت بين ضِرْسَيْه فأُفْلِتت، أَراد أَنهم لازَمُوك وَغَمُّوكَ بِشِدَّةِ الخُصومة يَعْنِي قَوْلَهُ غَنَظوك، وَقِيلَ العيَّار كَانَ رَجُلًا أَعْلَم أَخذ جَرَادَةً ليأْكلها فأُفلتت مِنْ عَلَمِ شَفَته، أَي كُنْتَ تُفْلَتُ كَمَا أُفلتت هَذِهِ الْجَرَادَةُ. وَذَكَرَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمَوْتَ فَقَالَ: غَنْظٌ لَيْسَ كالغَنْظ، وكَظٌّ لَيْسَ كالكَظِّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الغَنْظُ أَشدُّ الْكَرْبِ والجَهْد، وَكَانَ أَبو عُبَيْدَةَ يَقُولُ: هُوَ أَن يُشْرِفَ الرَّجُلُ عَلَى الْمَوْتِ مِنَ الْكَرْبِ وَالشِّدَّةِ ثُمَّ يُفْلَت. وغنَظَه يَغْنِظُه غَنْظاً إِذا بَلَغَ بِهِ ذَلِكَ وملأَه غَيْظاً، وَيُقَالُ أَيضاً: غانَظَه غِنَاظًا؛ قَالَ الْفَقْعَسِيُّ:

تَنْتِحُ ذِفْراه مِنَ الغِناظ

وغَنَظه، فَهُوَ مَغْنُوظٌ أَي جَهَده وشَقَّ عَلَيْهِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذا غَنَظُونا ظَالِمِينَ أَعاننا، ... عَلَى غَنْظِهم، مَنٌّ مِنَ اللَّهِ واسعُ

ورجلٌ مُغانِظٌ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

جافٍ دَلَنْظَى عَرِكٌ مُغانِظُ، ... أَهْوَجُ إِلا أَنه مُماظِظُ

وغَنْظَى بِهِ أَي نَدّدَ بِهِ وأَسمعه الْمَكْرُوهَ، وَفِي الْحَدِيثِ:

أَغْيَظُ رجلٍ عَلَى اللَّهِ يومَ الْقِيَامَةِ وأَخْبَثُه وأَغيظه عَلَيْهِ رَجُلٌ تَسمَّى بملِك الأَملاك

، قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ بَعْضُهُمْ لا وجه لتكرار لفظتي أَغيظ في الحديث، ولعله أَغنظ، بالنون، من الغَنْظ وَهُوَ شِدَّةُ الْكَرْبِ، وَاللَّهُ أَعلم.

غيظ: الغيْظُ: الغَضب، وَقِيلَ: الْغَيْظُ غَضَبٌ كَامِنٌ لِلْعَاجِزِ، وَقِيلَ: هُوَ أَشدُّ مِنَ الغضَب، وَقِيلَ: هُوَ سَوْرَتُه وأَوّله. وغِظتُ فُلَانًا أَغِيظه غَيْظاً وَقَدْ غَاظَهُ فَاغْتَاظَ وغَيَّظَه فتَغَيَّظ وَهُوَ مَغِيظ؛ قَالَتْ قُتَيْلةُ بِنْتُ النَّضْرِ بْنِ الحرث وَقَتَلَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَباها صَبْرًا:

مَا كَانَ ضَرَّكَ، لَوْ مَنَنْتَ، ورُبما ... مَنَّ الْفَتَى، وَهُوَ المَغِيظُ المُحْنَقُ

والتغَيُّظُ: الاغتِياظ، وَفِي حَدِيثِ أُم زَرْعٍ: وغيْظُ جارَتها، لأَنها تَرَى مِنْ حُسْنِهَا مَا يَغيظُها. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَغْيَظُ الأَسماء عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَملاك

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا مِنْ مَجَازِ الْكَلَامِ مَعْدُولٌ عَنْ ظَاهِرِهِ، فإِن الْغَيْظَ صفةٌ تغيِّرُ الْمَخْلُوقَ عِنْدَ احْتِدَادِهِ يَتَحَرَّكُ لَهَا، وَاللَّهُ يَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وإِنما هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عُقُوبَتِهِ لِلْمُتَسَمِّي بِهَذَا الِاسْمِ أَي أَنه أَشد أَصحاب هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>