للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومِنْ هَذَا ذَرِبَتْ مَعِدَتُه: فَسَدَتْ؛ وأَنْشد:

أَلم أَكُ باذِلًا وِدِّي ونَصْري، ... وأَصْرِفُ عَنْكُمُ ذَرَبِي ولَغْبِي

قَالَ: واللَّغْبُ الرَّدِيءُ مِنَ الكلامِ. وَقِيلَ: الذَّرِبُ اللسانِ هُوَ الحادُّ اللِّسَانِ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلى الفَسادِ؛ وَقِيلَ: الذَّرِبُ اللِّسانِ الشَّتَّامُ الفاحِشُ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: الذَّرِبُ اللِّسان الفاحِشُ البَذِيُّ الَّذِي لَا يُبَالِي مَا قَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

ذَرِبَ النِّساءُ عَلَى أَزْواجِهِنَ

أَي فَسَدَتْ أَلسِنَتُهُنَّ وانْبَسَطْنَ عَلَيْهِمْ فِي الْقَوْلِ؛ وَالرِّوَايَةُ ذَئِرَ بِالْهَمْزِ، وَسَنَذْكُرُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنّ أَعشى بَنِي مَازِنٍ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأَنشد أَبياتاً فِيهَا:

يا سَيِّدَ الناسِ، ودَيَّانَ العَرَبْ، ... إِلَيْكَ أَشْكُو ذِرْبةً، مِنَ الذِّرَبْ

خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعَامَ فِي رَجَبْ، ... فخَلَفَتْنِي بنِزاعٍ وحَرَبْ

أَخْلَفَتِ العَهْدَ، ولَطَّتْ بالذَّنَبْ، ... وتَرَكَتْنِي، وَسْطَ عِيصٍ، ذِي أَشَبْ

تَكُدُّ رِجْلَيَّ مَساميرُ الخَشَبْ، ... وهُنَّ شَرُّ غالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: أَراد بالذِّرْبَةِ امرأَتَه، كَنَى بِهَا عَنْ فسادِها وخِيانَتِها إِيَّاه فِي فَرْجِها، وجَمْعُها ذِرَبٌ، وأَصلُه مِنْ ذَرَبِ المَعِدة، وَهُوَ فسادُها؛ وذِرْبَةٌ مَنْقُولٌ مِنْ ذَرِبَةٍ، كمِعْدَةٍ مِنْ مَعِدَة؛ وَقِيلَ: أَراد سَلاطة لسانِها، وفسادَ مَنْطِقِها، مِنْ قَوْلِهِمْ ذَرِبَ لسانُه إِذا كَانَ حادَّ اللِّسانِ لَا يُبالِي مَا قَالَ. وَذَكَرَ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: أَن هَذَا الرَّجَزَ للأَعْوَرِ بنِ قُرَادِ بنِ سُفْيَانَ، مِنْ بَنِي الحِرْمازِ، وَهُوَ أَبو شَيْبانَ الحِرْمازِيّ، أَعْشَى بَنِي حِرْمازٍ؛ وَقَوْلُهُ: فخَلَفَتْنِي أَي خالَفَتْ ظَنِّي فِيهَا؛ وَقَوْلُهُ: لَطَّتْ بالذَّنَب، يُقَالُ: لَطَّت النَّاقَةُ بذَنَبِها أَي أَدْخَلَتْهُ بَيْنَ فَخِذَيْها، لتَمْنَع الحالِبَ. وَيُقَالُ: أَلْقَى بينَهم الذَّرَبَ أَي الاخْتِلافَ والشَّرَّ. وسُمٌّ ذَرِبٌ: حديدٌ. والذُّرَابُ: السُّمُّ، عَنْ كُرَاعٍ، اسمٌ لَا صِفَةٌ. وَسَيْفٌ ذَرِبٌ ومُذَرَّبٌ: أُنْقِعَ فِي السُّمِّ، ثُمَّ شُحِذَ. التَّهْذِيبُ: تَذْريبُ السَّيف أَن يُنْقَعَ فِي السُّمِّ، فإِذا أُنْعِمَ سَقْيُهُ، أُخْرِجَ فشُحِذَ. قَالَ: وَيَجُوزُ ذَرَبْتُه، فَهُوَ مَذْرُوبٌ؛ قَالَ عُبَيْدٌ:

وخِرْقٍ، مِنَ الفِتْيانِ، أَكرَمَ مَصْدَقاً ... مِنَ السَّيْفِ، قَدْ آخَيْتُ، ليسَ بِمَذْرُوبِ

قَالَ شَمِرٌ: ليسَ بفاحِشٍ. والذَّرَبُ: فسادُ اللِّسانِ وبَذَاؤُه. وَفِي لسانِهِ ذَرَبٌ: وَهُوَ الفُحْشُ. قَالَ: وليسَ مِنْ ذَرَبِ اللِّسانِ وحِدَّتِه؛ وأَنشد:

أَرِحْني واسْتَرِحْ منِّي، فإِني ... ثَقِيلٌ مَحْمِلي، ذَرِبٌ لِساني

وَجَمْعُهُ أَذْرابٌ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد لِحَضْرَمِيّ ابن عامرٍ الأَسَدي:

ولَقَدْ طَوَيْتُكُمُ عَلَى بَلُلاتِكُمْ، ... وعَرَفْتُ مَا فِيكُمْ مِنَ الأَذْرابِ

كَيْمَا أُعِدَّكُمُ لأَبْعَدَ مِنْكُمُ، ... وَلَقَدْ يُجاءُ إِلى ذَوِي الأَلبابِ

مَعْنَى مَا فِيكُم مِن الأَذرابِ: مِن الفسادِ، وَرَوَاهُ ثَعْلَبٌ: الأَعيابِ، جَمعُ عَيْبٍ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، عَلَى غَيْرِ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>