للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْبَاقِعَةُ: الرَّجُلُ الدَّاهِيَةُ. وَرَجُلٌ باقِعةٌ: ذُو دَهْيٍ. وَيُقَالُ: مَا فُلَانٌ إِلَّا باقِعةٌ مِنَ البَواقِع؛ سُمِّيَ بَاقِعَةً لحُلوله بِقاعَ الأَرض وَكَثْرَةِ تَنْقِيبه فِي الْبِلَادِ وَمَعْرِفَتِهِ بِهَا، فشُبِّه الرَّجُلُ الْبَصِيرُ بالأُمور الكثيرُ الْبَحْثِ عَنْهَا المُجَرِّبُ لَهَا بِهِ، وَالْهَاءُ دَخَلَتْ فِي نَعْتِ الرَّجُلِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي صِفَتِهِ، قَالُوا: رَجُلٌ داهيةٌ وعَلَّامة ونسَّابة. وَالْبَاقِعَةُ: الطَّائِرُ الحَذِرُ إِذا شَرِبَ الْمَاءَ نَظَرَ يَمْنَةً ويَسْرَة. قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ فُلَانٌ باقِعةٌ: مَعْنَاهُ حَذِر مُحتال حَاذِقٌ. والباقِعة عِنْدَ الْعَرَبِ: الطَّائِرُ الحَذِر المُحْتال الَّذِي يَشْرَبُ الْمَاءَ مِنَ الْبِقَاعِ، وَالْبِقَاعُ مَوَاضِعُ يَسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَلَا يَرِدُ المَشارِعَ والمِياهَ المَحْضُورة خَوْفًا مِنْ أَن يُحْتالَ عَلَيْهِ فيُصاد ثُمَّ شُبِّه بِهِ كلُّ حَذِرٍ مُحْتال. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لأَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَقَدْ عَثَرْتَ مِنَ الأَعْرابِ عَلَى باقِعةٍ

؛ هُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ وَذَكَرَ الهَروِيّ أَن عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، هُوَ الْقَائِلُ ذَلِكَ لأَبي بَكْرٍ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

ففاتَحْتُه فإِذا هُوَ باقِعةٌ

أَي ذَكِيٌّ عارِفٌ لَا يَفُوتُه شَيْءٌ. وَجَارِيَةٌ بُقَعةٌ: كقُبَعة. والبَقْعاء مِنَ الأَرض: المَعزاء ذاتُ الحَصى الصِّغار. وهارِبةُ البَقْعاء: بَطن مِنَ الْعَرَبِ. وبَقْعاء: مَوْضِعٌ مَعرِفة، لَا يَدْخُلُهَا الأَلف وَاللَّامُ، وَقِيلَ: بَقْعاء اسْمُ بَلَدٍ، وَفِي التَّهْذِيبِ: بَقْعاء قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْيَمَامَةِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:

ولكنِّي أَتانِي أَنَّ يَحْيَى ... يُقالُ: عَلَيْهِ فِي بَقْعاء شَرُّ

وَكَانَ اتُّهِمَ بامرأَة تَسْكُنُ هَذِهِ الْقَرْيَةَ. وبَقْعاء المَسالِح: مَوْضِعٌ آخَرُ ذَكَرَهُ ابْنُ مُقْبِلٍ فِي شِعْرِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ بُقْعٍ، بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ: اسْمُ بِئْرٍ بِالْمَدِينَةِ وَمَوْضِعٍ بِالشَّامِ مِنْ دِيَارِ كَلْب، بِهِ اسْتَقَرَّ طلْحةُ «٣» بْنُ خُوَيْلِد الأَسدِيُّ لَمَّا هرَبَ يومَ بُزاخةَ. وَقَالُوا: يَجْرِي بُقَيْعٌ ويُذَمُّ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، والأَعرف بُلَيْق، يُقَالُ هَذَا لِلرَّجُلِ يُعِينُك بِقَلِيلِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ يُذَمُّ. وابْتُقِعَ لونُه وانْتُقِع وامْتُقِع بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي حَدِيثِ

الحَجاج: رأَيت قَوْمًا بُقْعاً. قِيلَ: مَا البُقْع؟ قَالَ: رقَّعُوا ثِيَابَهُمْ مِنْ سُوءِ الْحَالِ

، شَبَّهَ الثِّيَابَ المُرَقَّعة بلَوْن الأَبقع.

بكع: البَكْعُ: القطْع وَالضَّرْبُ المُتتابع الشَّدِيدُ فِي مواضعَ متفرِّقة مِنَ الْجَسَدِ. وَرَجُلٌ أَبْكَعُ إِذا كَانَ أَقطع؛ أَورد الأَزهري هُنَا مَا صُورَتُهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

تَرَكْتُ لُصوصَ المِصْر مِنْ بَيْنِ مُقْعَصٍ ... صَرِيعٍ، ومَكْبُوع الكَراسِيعِ بارِك

وَكَانَ قَدِ اسْتُشْهِدَ بِهَذَا الْبَيْتِ فِي تَرْجَمَةِ كَبَعَ ورأَيتُه عَلَى هَذِهِ الصُّورَة ويحتاجُ إِلى التَّثَبُّتِ فِي تَسْطِيرِهِ: هَلْ هُوَ مَكْبُوعٌ وَوَقَعَ سَهْوًا أَو هُوَ مَبْكُوعٌ، وَغَلِطَ النَّاسِخُ فِيهِ لأَن التَّرْجَمَةَ مُتَقَارِبَةٌ فَجَرَى قَلَمُهُ بِهِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِكِتَابَتِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فِي كَبَعَ، وبَكَعَه بِالسَّيْفِ والعَصا وبَكَّعَه: قطَّعَه. وبكَّعَه وبَكَعَه بَكْعاً: اسْتَقْبَلَهُ بِمَا يَكْرَهُ وبَكَّته. وَفِي حَدِيثِ

أَبي مُوسَى: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا قُلْتُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ وَلَقَدْ خَشِيتُ أَن تَبْكَعَني بِهَا

؛ البَكْعُ والتبْكِيتُ أَن تَسْتَقْبِلَ الرجلَ بِمَا يَكْرَهُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

أَبي بَكْرة ومعاوية، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فبَكَعَه


(٣). قوله [طلحة] كذا في الأصل هنا والنهاية أيضاً، والذي في معجم ياقوت والقاموس طليحة بالتصغير، بل ذكره المؤلف كذلك في مادة طلح.

<<  <  ج: ص:  >  >>