للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جرع: جَرِعَ الماءَ وجَرَعه يَجْرَعُه جَرْعاً، وأَنكر الأَصمعي جَرَعْت، بِالْفَتْحِ، واجْتَرَعَه وتَجَرَّعَه: بَلِعَه. وَقِيلَ: إِذا تَابَعَ الجَرْع مَرَّةً بَعْدَ أُخرى كالمُتكارِه قِيلَ: تَجَرَّعَه، قَالَ اللَّهُ عزَّ وَجَلَّ: يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ

؛ وَفِي حَدِيثُ

الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَقِيلَ لَهُ فِي يَوْمٍ حارٍّ: تَجرَّعْ، فَقَالَ: إِنما يَتجرَّعُ أَهلُ النَّارِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: التجرُّعُ شُرْبٌ فِي عَجَلةٍ، وَقِيلَ: هُوَ الشُّرْبُ قَلِيلًا قَلِيلًا، أَشار بِهِ إِلى قَوْلِهِ تَعَالَى: يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ

، وَالِاسْمُ الجُرْعة والجَرْعةُ وَهِيَ حُسْوة مِنْهُ، وَقِيلَ: الجَرْعة الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، والجُرْعة مَا اجْتَرَعْته، الأَخيرة للمُهْلة عَلَى مَا أَراه سِيبَوَيْهِ فِي هَذَا النَّحْوِ. والجُرْعةُ: مِلءُ الْفَمِ يَبْتَلِعُه، وَجَمْعُ الجُرْعة جُرَعٌ. وَفِي حَدِيثِ

الْمِقْدَادِ: مَا بِهِ حاجةٌ إِلى هَذِهِ الجُرْعة

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: تُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، فَالْفَتْحُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْهُ، وَالضَّمُّ الِاسْمُ مِنَ الشُّرْبِ الْيَسِيرِ، وَهُوَ أَشبه بِالْحَدِيثِ، وَيُرْوَى بِالزَّايِ وسيأْتي ذِكْرُهُ. وجَرِعَ الغيظَ: كظَمَه عَلَى الْمَثَلِ بِذَلِكَ. وجَرَّعه غُصَصَ الغيْظِ فتجَرَّعه أَي كظَمَه. وَيُقَالُ: مَا مِنْ جُرْعةٍ أَحمدَ عُقْباناً مِنْ جُرْعةِ غيْظٍ تَكْظِمُها. وَبِتَصْغِيرِ الجُرْعة جاءَ الْمَثَلُ وَهُوَ قَوْلُهُمْ: أَفْلَتَ بجُرَيْعةِ الذَّقَنِ وجُرَيعةَ الذَّقَنِ، بِغَيْرِ حَرْفٍ، أَي وقُرْبُ الموتِ مِنْهُ كقُرْب الجُرَيْعةِ مِنَ الذَّقَن، وَذَلِكَ إِذا أَشْرَفَ عَلَى التلَف ثُمَّ نَجَا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ آخِرُ مَا يَخرج مِنَ النفْس يُرِيدُونَ أَنَّ نَفْسه صَارَتْ فِي فِيه فَكَادَ يَهْلِكُ فأَفْلَتَ وتخلَّص. قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَمِنَ أَمثالهم فِي إِفْلاتِ الجَبان: أَفْلَتَني جُرَيْعَةَ الذَّقَن إِذا كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ كقُرْبِ الجُرْعة مِنَ الذَّقَنِ ثُمَّ أَفْلَتَه، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَفْلَتَ جَرِيضاً؛ قَالَ مُهَلْهل:

منَّا عَلَى وائلٍ، وأَفْلَتَنا ... يَوْماً عَدِيٌّ، جُرَيْعةَ الذَّقَنِ

قَالَ أَبو زَيْدٍ: وَيُقَالُ أَفلَتني جَرِيضاً إِذا أَفْلَتَك وَلَمْ يَكَدْ. وأَفلتني جُريعةَ الرِّيق إِذا سبَقَك فابْتَلَعْتَ رِيقَك عليه غَيْظًا. وَفِي حَدِيثِ

عَطَاءٍ قَالَ: قُلْتُ لِلْوَلِيدِ قَالَ عُمر: وَدِدْت أَنِّي نَجَوْتُ كَفافاً، فَقَالَ: كذبْتَ فَقُلْتُ: أَو كُذِّبْتُ فأُفْلِتُّ مِنْهُ «١» بجُرَيْعةِ الذَّقَنِ

، يَعْنِي أُفْلِتُّ بعد ما أَشرفْت عَلَى الْهَلَاكِ. والجَرَعةُ والجَرْعةُ والجَرَعُ والأَجْرَعُ والجَرْعاءُ: الأَرضُ ذاتُ الحُزُونة تُشاكل الرملَ، وَقِيلَ: هِيَ الرملةُ السَّهلة الْمُسْتَوِيَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الدِّعْص لَا تُنبِت شَيْئًا. والجَرْعةُ عِنْدَهُمْ: الرَّملة العَذاة الطَّيِّبةُ المَنْبِتُ الَّتِي لَا وُعُوثة فِيهَا. وَقِيلَ: الأَجرع كَثِيب جانبٌ مِنْهُ رَمْل وَجَانِبٌ حِجَارَةٌ، وَجَمْعُ الجَرَعِ أَجْراع وجِراع، وَجَمْعُ الجَرْعةِ جِراعٌ، وَجَمْعُ الجَرَعة جَرَعٌ، وَجَمْعُ الجَرْعاء جَرْعاواتٌ، وَجَمْعُ الأَجْرَعِ أَجارِعُ. وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: مَكَانٌ جَرِعٌ كأَجْرع. والجَرْعاء والأَجْرع: أَكبر مِنَ الجَرْعة؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي الأَجْرع فَجَعَلَهُ يُنْبِتُ النَّبَاتَ:

بأَجْرَعَ مِرْباعٍ مَرَبٍّ مُحَلَّلِ

وَلَا يَكُونُ مَرَبّاً مُحَلَّلًا إِلَّا وَهُوَ يُنبِت النَّباتَ؛ وَفِي قِصَّةِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْداس وَشِعْرِهِ:

وكَرِّي عَلَى المُهْر بالأَجْرَعِ

قَالَ ابْنُ الأَثير: الأَجْرَعُ المكانُ الْوَاسِعُ الذي


(١). قوله [فأفلت منه] هذا الضبط في النهاية ضبط القلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>