وقرئ:
لا يَسْمَعُون إِلى الملإِ الأَعلى
، مُخَفَّفًا. والمِسْمَعةُ والمِسْمَعُ والمَسْمَعُ؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جَبَلَةَ: الأُذن، وَقِيلَ: المَسْمَعُ خَرْقُها الَّذِي يُسْمَعُ بِهِ ومَدْخَلُ الْكَلَامِ فِيهَا. يُقَالُ: فُلَانٌ عَظِيمُ المِسْمَعَيْن والسامِعَتَيْنِ. والسامِعتانِ: الأُذنان مِنْ كُلِّ شَيْءِ ذِي سَمْعٍ. والسامِعةُ: الأُذن؛ قَالَ طَرَفَةُ يَصِفُ أُذن نَاقَتِهِ:
مُؤَلَّلتانِ تَعْرِفُ العِتْقَ فِيهِمَا، ... كَسامِعَتَيْ شاةٍ بحَومَلَ مُفْرَدِ
وَيُرْوَى: وسامِعتانِ. وَفِي الْحَدِيثِ
: ملأَ اللهُ مَسامِعَه
؛ هِيَ جَمْعُ مِسْمع وَهُوَ آلةُ السَّمع أَو جَمْعُ سَمْعٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كمَشابِهَ ومَلامِحَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي جَهْلٍ: إِنَّ مُحَمَّدًا نَزَلَ يَثْرِبَ وإِنه حَنِقَ عَلَيْكُمْ نَفَيْتُموه نَفْي القُراد عَنِ المَسامِع
، يَعْنِي عَنِ الْآذَانِ، أَي أَخرجتموه مِنْ مَكَّةَ إِخراج استِئْصالٍ لأَن أَخذ الْقُرَادِ عَنِ الدَّابَّةِ قلعُه بِالْكُلِّيَّةِ، والأُذن أَخَفُّ الأَعضاء شعَراً بَلْ أَكثرها لَا شعَر عَلَيْهِ «١»، فَيَكُونُ النَّزْعُ مِنْهَا أَبلغ. وَقَالُوا: هُوَ مِنِّي مَرأًى ومَسْمَعٌ، يرفع وَيُنْصَبُ، وَهُوَ مِني بمَرأًى ومَسْمَعٍ. وَقَالُوا: ذَلِكَ سَمْعَ أُذُني وسِمْعَها وسَماعَها وسَماعَتَها أَي إِسْماعَها؛ قَالَ:
سَماعَ اللهِ والعُلَماءِ أَنِّي ... أَعُوذُ بخَيْرِ خالِك، يَا ابنَ عَمْرِو
أَوقَعَ الِاسْمَ مَوْقِعَ الْمَصْدَرِ كأَنه قَالَ إِسماعاً كَمَا قَالَ:
وبَعْدَ عَطائِك المائةَ الرِّتاعا
أَي إِعطائِك. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِن شِئْتَ قُلْتَ سَمْعاً، قَالَ ذَلِكَ إِذا لَمْ تَخْتَصِصْ نفْسَك. وَقَالَ اللحْيَانِيُّ: سَمْعُ أُذني فُلَانًا يَقُولُ ذَلِكَ، وسِمْعُ أُذني وسَمْعةُ أُذني فَرَفَعَ فِي كُلِّ ذَلِكَ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا أَخذت ذَلِكَ عَنْهُ سَماعاً وسَمْعاً، جاؤوا بِالْمَصْدَرِ عَلَى غَيْرِ فِعْلِهِ، وَهَذَا عِنْدَهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ، وتَسامَعَ بِهِ النَّاسُ. وَقَوْلُهُمْ: سَمْعَكَ إِليَّ أَي اسْمَعْ مِني، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: سَماعِ أَي اسْمَعْ مِثْلُ دَراكِ ومَناعِ بِمَعْنَى أَدْرِكْ وامْنَعْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فسَماعِ أَسْتاهَ الكِلابِ سَماعِ
قَالَ: وَقَدْ تأْتي سَمِعْتُ بِمَعْنَى أَجَبْتُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَه أَي أَجاب حَمْده وَتَقَبَّلَهُ. يُقَالُ: اسْمَعْ دُعائي أَي أَجِبْ لأَن غَرَضَ السَّائِلِ الإِجابةُ والقَبُولُ؛ وَعَلَيْهِ مَا أَنشده أَبو زَيْدٍ:
دَعَوْتُ اللهَ، حَتَّى خِفْتُ أَن لَا ... يكونَ اللهُ يَسْمَعُ مَا أَقولُ
وَقَوْلُهُ: أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ
أَي مَا أَبْصَرَه وَمَا أَسْمَعَه عَلَى التَّعَجُّبِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ إِني أَعوذ بِكَ مِنْ دُعاء لَا يُسْمعُ
أَي لَا يُستجاب وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فكأَنه غَيْرُ مَسْموع؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
سَمِعَ سامِعٌ بحمدِ اللهِ وحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا
أَي لِيَسْمَعِ السامِعُ ولِيَشْهَدِ الشاهِدُ حَمْدَنا اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا أَحسَن إِلينا وأَوْلانا مِنْ نِعَمِهِ، وحُسْنُ الْبَلَاءِ النِّعْمةُ والاخْتِبارُ بِالْخَيْرِ لِيَتَبَيَّنَ الشُّكْرُ، وَبِالشَّرِّ لِيَظْهَرَ الصَّبْرُ. وَفِي حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ عَبْسة قَالَ لَهُ: أَيُّ الساعاتِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: جَوْفُ الليلِ الآخِرُ
أَي أَوْفَقُ لِاسْتِمَاعِ الدُّعَاءِ فِيهِ وأَوْلى بِالِاسْتِجَابَةِ وَهُوَ مِنْ بَابِ نهارُه صَائِمٌ وَلَيْلُهُ قَائِمٌ. وَمِنْهُ حَدِيثُ
الضَّحَّاكِ: لَمَّا عُرِضَ عَلَيْهِ الإِسلام قَالَ: فسمعتُ مِنْهُ كَلَامًا لَمْ أَسْمَعْ قَطُّ قَوْلًا أَسْمَعَ مِنْهُ
؛ يُرِيدُ أَبْلَغَ وأَنْجَعَ فِي الْقَلْبِ. وَقَالُوا: سَمْعاً وَطَاعَةً، فَنَصَبُوهُ عَلَى إِضْمار الْفِعْلِ غَيْرِ
(١). أعاد الضمير في عليه إِلى العضو، واحد الأَعضاء، لا إِلى الأذن، فلذلك ذكّره.