أَشْبَعْتَه حَتَّى الْكَلَامُ يُشْبَعُ فَتُوَفَّرُ حروفُه وَتَقُولُ: شَبِعْتُ مِنْ هَذَا الأَمر ورَوِيتُ إِذا كَرِهْتَهُ، وَهُمَا عَلَى الِاسْتِعَارَةِ. وتَشَبَّع الرَّجُلُ: تزيَّن بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
المُتَشَبِّعُ بِمَا لَا يَمْلِكُ كلابِس ثَوْبَيْ زُور
أَي الْمُتَكَثِّرُ بأَكثر مِمَّا عِنْدَهُ يَتَجمَّل بِذَلِكَ كَالَّذِي يُرِي أَنه شَبْعان وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ومَن فَعَلَهُ فإِنما يَسْخَر مِنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ مِنْ أَفعال ذَوِي الزُّورِ بَلْ هُوَ فِي نَفْسِهِ زُور وَكَذِبٌ، وَمَعْنَى ثُوبَيْ زُورٍ أَنْ يُعْمَدَ إِلى الكُمَّين فيُوصَلَ بِهِمَا كُمّان آخَرانِ فَمَنْ نَظَرَ إِليهما ظَنَّهُمَا ثَوْبَيْنِ. والمُتشَبِّعُ: المتزَيِّن بأَكثر مِمَّا عِنْدَهُ يَتَكَثَّرُ بِذَلِكَ وَيَتَزَيَّنُ بِالْبَاطِلِ، كالمرأَة تَكُونُ لِلرَّجُلِ وَلَهَا ضَرائِرُ فَتَتَشَبَّعُ بِمَا تَدَّعِي مِنَ الحُظْوة عِنْدَ زَوْجِهَا بأَكثر مِمَّا عِنْدَهُ لَهَا تُرِيدُ بِذَلِكَ غَيْظَ جارتِها وإِدخالَ الأَذى عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الرِّجَالِ. والإِشباعُ فِي الْقَوَافِي: حَرَكَةُ الدَّخِيل، وَهُوَ الْحَرْفُ الَّذِي بَعْدَ التأْسيس كَكَسْرَةِ الصَّادِ مِنْ قَوْلِهِ:
كِلِينِي لِهَمٍّ، يَا أُمَيْمةَ، ناصِبِ «٣»
وَقِيلَ: إِنما ذَلِكَ إِذا كَانَ الرَّويّ سَاكِنًا كَكَسْرَةِ الْجِيمِ مِنْ قَوْلِهِ:
كَنِعاجِ وَجْرةَ ساقَهُنَّ ... إِلى ظِلالِ الصَّيْفِ ناجِرْ
وَقِيلَ: الإِشباع اخْتِلَافُ تِلْكَ الْحَرَكَةِ إِذا كَانَ الرَّوِيّ مُقَيَّدًا كَقَوْلِ الْحُطَيْئَةِ فِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
الواهِبُ المائةِ الصَّفايا، ... فَوْقَها وَبَرٌ مُظاهَر
بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَقَالَ الأَخفش: الإِشباع حَرَكَةُ الْحَرْفِ الَّذِي بَيْنَ التأْسيس والرَّوِيّ الْمُطْلَقِ نَحْوَ قَوْلِهِ:
يَزِيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُونِي، كأَنَّما ... زَوَى بَيْنَ عَيْنَيْه عليَّ المَحاجِمُ
كسرةُ الْجِيمِ هِيَ الإِشباعُ، وَقَدْ أَكثر مِنْهَا الْعَرَبُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَشْعارها، وَلَا يَجُوزُ أَن يُجْمع فَتْحٌ مَعَ كَسْرٍ وَلَا ضمٍّ، وَلَا مَعَ كَسْرٍ ضمٌّ، لأَن ذَلِكَ لَمْ يُقل إِلا قَلِيلًا، قَالَ: وَقَدْ كَانَ الْخَلِيلُ يُجِيزُ هَذَا وَلَا يُجيزُ التوجيهَ، والتوجيهُ قَدْ جَمَعَتْهُ الْعَرَبُ وأَكثرت مِنْ جَمْعِهِ، وَهَذَا لَمْ يُقل إِلا شَاذًّا فَهَذَا أَحْرَى أَن لَا يَجُوزَ، وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: سُمّي بِذَلِكَ مِنْ قِبَل أَنه لَيْسَ قَبْلَ الرَّوِيِّ حَرْفٌ مُسَمًّى إِلا سَاكِنًا أَعني التأْسيس والرِّدْفَ، فَلَمَّا جَاءَ الدَّخِيلُ مُحَرَّكًا مُخَالِفًا للتأْسيس والرِّدْفِ صَارَتِ الْحَرَكَةُ فِيهِ كالإِشباع لَهُ، وَذَلِكَ لِزِيَادَةِ الْمُتَحَرِّكِ عَلَى السَّاكِنِ لِاعْتِمَادِهِ بالحركة وتمكنه بها.
شبدع: الشِّبْدِعةُ: الْعَقْرَبُ، بِالْكَسْرِ، وَالدَّالِ غَيْرَ مُعْجَمَةٍ. والشَّبادِعُ: العَقارِبُ. والشِّبْدِع: اللِّسَانُ تَشْبِيهًا بِهَا. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ عَضّ عَلَى شِبْدِعه سَلِمَ مِنَ الْآثَامِ
؛ قَالَ الأَزهري: أَي لسانِه يَعْنِي سَكَتَ وَلَمْ يَخُضْ مَعَ الْخَائِضِينَ وَلَمْ يَلْسَعْ بِهِ النَّاسَ لأَن الْعَاضَّ عَلَى لِسَانِهِ لَا يَتَكَلَّمُ. ابْنُ الأَعرابي: أَلقَيْتُ عَلَيْهِمْ شِبْدِعاً وشِبْدَعاً أَي داهِيةً، قَالَ: وأَصله لِلْعَقْرَبِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: الشَّبادِعُ الدَّواهي؛ قَالَ مَعْنُ بْنُ أَوس:
إِذا الناسُ ناسٌ والعِبادُ بقُوّةٍ، ... وإِذْ نَحْنُ لَمْ تَدْبِبْ إِلينا الشَّبادِعُ
(٣). قوله [يا أُميمة] في شرح الديوان: ونصب أميمة لأَنه يرى الترخيم فأقحم الهاء مثل يَا تَيْمُ تَيْمَ عَدِيٍّ إنما أراد يا تيم عديّ فأقحم الثاني، قال الخليل مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ تنادي المؤنث بالترخيم فلما لم يرخم أجراها على لفظها مرخمة فأتى بها بالفتح، قال الوزير: والأَحسن أن ينشد بالرفع.