للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ذُو شَرْعٍ مِنَ الخَلْق يَشْرَعُون فِيهِ. ودُورٌ شارِعةٌ إِذا كَانَتْ أَبوابها شارِعةً فِي الطَّرِيقِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: دُورٌ شَوارِعُ عَلَى نَهْجٍ وَاحِدٍ. وشَرَعَ المَنْزِلُ إِذا كَانَ عَلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَتِ الأَبوابُ شارِعةً إِلى المَسْجِدِ

أَي مَفْتُوحةً إِليه. يُقَالُ: شَرَعْتُ البابَ إِلى الطَّرِيقِ أَي أَنْفَذْتُه إِليه. وشَرَعَ البابُ والدارُ شُرُوعاً أَفْضَى إِلى الطريقِ، وأَشْرَعَه إِليه. والشَّوارِعُ مِنَ النُّجُومِ: الدَّانِيةُ مِنَ المَغِيبِ. وكلُّ دانٍ مِنْ شَيْءٍ، فَهُوَ شارِعٌ. وَقَدْ شَرَعَ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الدارُ الشارِعةُ الَّتِي قَدْ دَنَتْ مِنَ الطَّرِيقِ وقَرُبَتْ مِنَ الناسِ، وَهَذَا كُلُّهُ رَاجِعٌ إِلى شَيْءٍ وَاحِدٍ، إِلى القُرْب مِنَ الشَّيْءِ والإِشْرافِ عَلَيْهِ. وأَشْرَعَ نَحْوَه الرُّمْحَ والسيْفَ وشَرَعَهُما: أَقْبَلَهُما إِياه وسَدَّدَهُما لَهُ، فَشَرَعَتْ وهيَ شَوارِعُ؛ وأَنشد:

أَفاجُوا مِنْ رِماحِ الخَطِّ لَمّا ... رَأَوْنا قَدْ شَرَعْناها نِهالا

وشَرَعَ الرُّمْحُ والسَّيْفُ أَنْفُسُهُما؛ قَالَ:

غَداةَ تَعاوَرَتْه ثَمَّ بِيضٌ، ... شَرَعْنَ إِليهِ فِي الرَّهْجِ المُكِنِّ «١»

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبي أَوْفَى يَهْجُو امرأَة:

ولَيْسَتْ بِتارِكةٍ مُحْرَماً، ... ولَوْ حُفَّ بالأَسَلِ الشُّرَّعِ

وَرُمْحٌ شُراعِيٌّ أَي طويلٌ وَهُوَ مَنْسُوب. والشِّرْعةُ «٢»: الوَتَرُ الرقيقُ، وَقِيلَ: هُوَ الوَتَرُ مَا دَامَ مَشْدوداً عَلَى القَوْس، وَقِيلَ: هُوَ الْوَتَرُ، مَشْدوداً كَانَ عَلَى القَوْس أَو غَيْرَ مَشْدُودٍ، وَقِيلَ: مَا دَامَتْ مَشْدُودَةً عَلَى قَوْسٍ أَو عُود، وَجَمْعُهُ شِرَعٌ عَلَى التَّكْسِيرِ، وشِرْعٌ عَلَى الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بِالْهَاءِ، وشِراعٌ جَمْعُ الْجَمْعِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

كَمَا أَزْهَرَتْ قَيْنَةٌ بالشِّراع ... لإِسْوارِها عَلَّ مِنْهُ اصْطِباحَا «٣»

وَقَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

وعاوَدَني دَيْني، فَبِتُّ كأَنما ... خِلالَ ضُلوعِ الصَّدْرِ شِرْعٌ مُمَدَّدُ

ذكَّر لأَن الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفارِقُ واحده إِلا بِالْهَاءِ لَكَ تَذْكِيرُهُ وتأْنيثه؛ يَقُولُ: بِتُّ كأَنّ فِي صَدْري عُوداً مِنَ الدَّوِيِّ الَّذِي فِيهِ مِنَ الهُموم، وَقِيلَ: شِرْعةٌ وثلاثُ شِرَعٍ، وَالْكَثِيرُ شِرْعٌ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا يُعْجِبُنِي عَلَى أَن أَبا عُبَيْدٍ قَدْ قَالَهُ. والشِّراعُ: كالشِّرْعة، وَجَمْعُهُ شُرُعٌ؛ قَالَ كَثِيرٌ:

إِلا الظِّباءَ بِهَا، كأَنَّ تَرِيبَها ... ضَرْبُ الشِّراعِ نَواحيَ الشِّرْيانِ

يَعْنِي ضَرْب الوَتَرِ سِيَتَيِ القَوْسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

قَالَ رَجُلٌ: إِني أُحِبُّ الجَمالَ حَتَّى فِي شِرْعِ نَعْلِي

أَي شِراكِها تَشْبِيهٌ بالشِّرْعِ، وَهُوَ وَترُ العُود لأَنه مُمْتَدٌّ عَلَى وجهِ النَّعْلِ كامتِدادِ الوَترِ عَلَى العُود، والشِّرْعةُ أَخَصّ مِنْهُ، وَجَمْعُهُمَا شِرْعٌ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ:

كَقَوْسِ الماسِخِيِّ يَرِنُّ فِيهَا، ... مِنَ الشِّرْعِيِّ، مَرْبُوعٌ مَتِينُ


(١). هذا البيت من قصيدة للنابغة. وفي ديوانه: دُفعن إِليه مكان شرعن إِليه.
(٢). قوله [والشرعة] في القاموس: هو بالكسر ويفتح، الجمع شرع بالكسر ويفتح وشرع كعنب، وجمع الجمع شراع.
(٣). قوله [كما أزهرت إلخ] أنشده في مادة زهر: ازدهرت. وقوله [عل منه] تقدم عل منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>