للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإِنه أَنث الْبَعْضَ لأَنه إِصبع فِي الْمَعْنَى، وإِن ذَكَّرَ الإِصبعَ مُذَكِّر جَازَ لأَنه لَيْسَ فِيهَا عَلَامَةُ التأْنيث. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَصابع البُنَيّاتِ «١» نَبَاتٌ يَنْبُت بأَرض الْعَرَبِ مِنْ أَطراف الْيَمَنِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الفَرَنْجَمُشْكَ، قَالَ: وأَصابِعُ العذارَى أَيضاً صِنْفٌ مِنَ الْعِنَبِ أَسود طِوال كأَنه البَلُّوطُ، يُشَبَّهُ بأَصابِع العذارَى المُخَضَّبةِ، وعُنْقُودُه نَحْوَ الذِّرَاعِ متداخِسُ الْحَبِّ وَلَهُ زَبِيبٌ جيِّد ومَنابِتُه الشّراةُ. والإِصْبَعُ: الأَثَر الحسَنُ، يُقَالُ: فُلَانٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِصْبَعٌ حسَنة أَي أَثر نِعْمَةٍ حَسَنَةٍ؛ وَعَلَيْهِ مِنْكَ إصْبَعُ حَسَنة أَي أَثَرٌ حسَن؛ قَالَ لَبِيدٌ:

مَنْ يَجْعَلِ اللهُ عَلَيْهِ إِصْبَعا، ... فِي الخَيْرِ أَو فِي الشّرِّ، يَلْقاهُ مَعا

وإِنما قِيلَ للأَثر الْحَسَنِ إِصبع لإِشارة النَّاسِ إِليه بالإِصبع. ابْنُ الأَعرابي: إِنه لحسنُ الإِصْبَعِ فِي مَالِهِ وحسَنُ المَسِّ فِي مَالِهِ أَي حسَن الأَثر؛ وأَنشد:

أَورَدَها راعٍ مَرِيءِ الإِصْبَعِ، ... لَمْ تَنْتَشِرْ عَنْهُ وَلِمَ تَصَدَّعِ

وفلانٌ مُغِلُّ الإِصْبَع إِذا كَانَ خَائِنًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

حَدَّثْتَ نَفْسَكَ بالوَفاءِ، وَلَمْ تَكُنْ ... للغَدْرِ خائِنةً مُغِلَّ الإِصْبَعِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

قَلْبُ المؤمِن بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصابِع اللَّهِ يُقَلّبُه كَيْفَ يَشَاءُ

، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ:

قُلُوبُ الْعِبَادِ بَيْنَ إِصبعين

؛ مَعْنَاهُ أَن تُقَلِّبَ الْقُلُوبَ بَيْنَ حُسْنِ آثَارِهِ وصُنْعِه تَبَارَكَ وَتَعَالَى. قَالَ ابْنُ الأَثير: الإِصبع مِنْ صِفَاتِ الأَجسام، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَتَقَدَّسَ، وإِطلاقها عَلَيْهِ مَجَازٌ كإِطلاق الْيَدِ وَالْيَمِينِ وَالْعَيْنِ وَالسَّمْعِ، وَهُوَ جَارٍ مَجْرَى التَّمْثِيلِ وَالْكِنَايَةِ عَنْ سُرْعَةِ تَقَلُّبِ الْقُلُوبِ، وإِن ذَلِكَ أَمر مَعْقُودٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَتَخْصِيصُ ذِكْرِ الأَصابع كِنَايَةٌ عَنْ أَجزاء الْقُدْرَةِ وَالْبَطْشِ لأَن ذَلِكَ بِالْيَدِ والأَصابع أَجزاؤها. وَيُقَالُ: لِلرَّاعِي عَلَى مَاشِيَتِهِ إِصبع أَي أَثر حَسَنٌ، وَعَلَى الإِبل مِنْ رَاعِيهَا إِصبع مِثْلُهُ، وَذَلِكَ إِذا أَحسن الْقِيَامَ عَلَيْهَا فَتَبَيَّنَ أَثره فِيهَا؛ قَالَ الرَّاعِي يَصِفُ رَاعِيًا:

ضَعِيفُ العَصا بادِي العُروقِ، تَرَى لَهُ ... عَلَيْهَا، إِذا مَا أَجْدَبَ الناسُ، إِصْبَعا

ضَعِيفُ العَصا أَي حاذِقُ الرِّعْيةِ لَا يَضْرِبُ ضَرْبًا شَدِيدًا، يَصِفُهُ بِحُسْنِ قِيَامِهِ عَلَى إِبله فِي الْجَدْبِ. وصَبَعَ بِهِ وَعَلَيْهِ يَصْبَعُ صَبْعاً: أَشار نحوَه بإِصْبَعِه وَاغْتَابَهُ أَو أَراده بشَرٍّ وَالْآخَرُ غَافِلٌ لَا يَشْعُر. وصَبَعَ الإِناء يَصْبَعُه صَبْعاً إِذا كَانَ فِيهِ شَرابٌ وقابَلَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ثُمَّ أَرسل مَا فِيهِ فِي شَيْءٍ ضَيِّقِ الرأْس، وَقِيلَ: هُوَ إِذا قَابَلَ بَيْنَ إِصبعيه ثُمَّ أَرسل مَا فِيهِ فِي إِناء آخَرَ أَيَّ ضَرْبٍ مِنَ الآنيةِ كَانَ، وَقِيلَ: وضَعْتَ عَلَى الإِناءِ إِصْبَعَك حَتَّى سَالَ عَلَيْهِ مَا فِي إِناء آخَرَ غَيْرِهِ؛ قَالَ الأَزهري: وصَبْعُ الإِناء أَن يُرْسَل الشَّرابُ الَّذِي فِيهِ بَيْنَ طَرَفَيِ الإِبهامين أَو السبَّابتين لِئَلَّا يَنْتَشِرَ فَيَنْدَفِقَ، وَهَذَا كُلُّهُ مأْخوذ مِنَ الإِصبع لأَن الإِنسان إِذا اغْتَابَ إِنساناً أَشار إِليه بإِصبعه، وإِذا دَلَّ إِنساناً عَلَى طَرِيقٍ أَو شَيْءٍ خَفِيٍّ أَشار إِليه بالإِصبع. وَرَجُلٌ مَصْبُوعٌ إِذا كَانَ مُتَكَبِّرًا. والصَّبْعُ: الكِبْر التامُّ. وصَبَعَ فُلَانًا عَلَى فُلَانٍ: دَلَّه عَلَيْهِ بالإِشارة. وصَبَعَ بَيْنَ الْقَوْمِ يَصْبَعُ صَبْعاً: دَلَّ عليهم غيرهم.


(١). [أصابع البنيات في القاموس أصابع الفتيات، قال شارحه: كذا في العباب والتكملة، وفي المنهاج لابن جزلة أصابع الفتيان وفي اللسان أصابع البنيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>