والصُّرَعةُ: الحلِيمُ عِنْدَ الغَضَبِ لأَن حِلْمَه يَصْرَعُ غَضَبَه عَلَى ضِدّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: الغَضَبُ غُولُ الحِلْمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
الصُّرَعةُ، بِضَمِّ الصَّادِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مِثْلَ الهُمَزةِ، الرجلُ الحليمُ عِندَ الغَضَب
، وَهُوَ الْمُبَالِغُ فِي الصِّراعِ الَّذِي لَا يُغْلَبُ فَنَقَلَه إِلى الَّذِي يَغْلِبُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ ويَقْهَرُها، فإِنه إِذا مَلَكها كَانَ قَدْ قَهَرَ أَقْوى أَعْدائِه وشَرَّ خُصُومِه، وَلِذَلِكَ قَالَ: أَعْدَى عَدُوٍّ لَكَ نفسُك الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ، وَهَذَا مِنَ الأَلفاظ الَّتِي نقَلها اللُّغَوِيُّونَ «١» عَنْ وَضْعِهَا لِضَرْبٍ مِنَ التَّوَسُّع وَالْمَجَازِ، وَهُوَ مِنْ فَصِيحِ الْكَلَامِ لأَنه لَمَّا كَانَ الغضبانُ بِحَالَةٍ شَدِيدَةٍ مِنَ الغَيْظِ، وَقَدْ ثارَتْ عَلَيْهِ شَهْوَةُ الْغَضَبِ فَقَهَرها بِحِلْمِهِ وصَرَعَها بِثَبَاتِهِ، كَانَ كالصُّرَعَةِ الَّذِي يَصْرَعُ الرجالَ وَلَا يَصْرَعُونه. والصَّرْعُ والصِّرعُ والضِّرْعُ: الضرْبُ والفَنُّ مِنَ الشَّيْءِ، وَالْجَمْعُ أَصْرُعٌ وصُرُوعٌ؛ وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ بَيْتَ لَبِيدٍ:
وخَصْمٍ كَبادِي الجِنّ أَسْقَطْتُ شَأْوَهُمْ ... بِمُسْتَحْوذٍ ذِي مِرّةٍ وصُرُوعِ
بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَي بِضُروبٍ مِنَ الْكَلَامِ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: صُرُوعُ الْحَبْلِ قُواه. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ هَذَا صِرْعُه وصَرْعُه وضِرْعُه وطَبْعُه وطَلْعُه وطِباعُه وطَبِيعُه وسِنُّه وقِرْنُهُ وقَرْنُه وشِلْوُهُ وشُلَّتُه أَي مِثْلُه؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
ومَنْجُوبٍ لَهُ منْهُنَّ صِرْعٌ ... يَمِيلُ، إِذا عَدَلْتَ بهِ الشَّوَارَا
هَكَذَا رَوَاهُ الأَصمعي أَي لَهُ مِنْهُنَّ مِثْلٌ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَيُرْوَى ضِرْعٌ، بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَفَسَّرَهُ بأَنه الحَلْبة. والصَّرْعانِ: إِبلان تَرِدُ إِحداهما حِينَ تَصْدُر الأُخرى لِكَثْرَتِهَا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
مِثْل البُرامِ غَدا فِي أصْدةٍ خَلَقٍ، ... لَمْ يَسْتَعِنْ وحَوامِي المَوْتِ تَغْشاهُ
فَرَّجْتُ عَنْهُ بِصَرْعَيْنا لأَرْملةٍ، ... وبائِسٍ جاءَ مَعْناهُ كَمَعْناه
قَالَ يَصِفُ سَائِلًا شَبَّهَه بالبُرام وَهُوَ القُراد. لَمْ يَسْتَعِنْ: يَقُولُ لَمْ يَحْلِقْ عَانَتَهُ. وحَوامِي الْمَوْتِ وحَوائِمُهُ: أَسبابُه. وَقَوْلُهُ بصَرْعَيْنا أَراد بِهَا إِبلًا مُخْتَلِفَةَ التِّمْشاء تَجِيءُ هَذِهِ وَتَذْهَبُ هَذِهِ لِكَثْرَتِهَا، هَكَذَا رَوَاهُ بِفَتْحِ الصَّادِ، وَهَذَا الشِّعْرُ أَورده الشَّيْخُ ابْنُ بَرِّيٍّ عَنْ أَبي عَمْرٍو وأَورد صَدْرَ الْبَيْتِ الأَول:
ومُرْهَق سالَ إِمْتاعاً بأصْدتِه
والصِّرْعُ: المِثْلُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ شاهِدُه قَوْلُ الرَّاجِزِ:
إِنَّ أَخاكَ فِي الأَشاوِي صِرْعُكا
والصِّرْعانِ والضِّرْعانِ، بِالْكَسْرِ: المِثْلانِ. يُقَالُ: هُمَا صِرْعانِ وشِرْعانِ وحِتْنانِ [حَتْنانِ] وقِتْلانِ كُلُّهُ بِمَعْنًى. والصَّرْعانِ: الغَداةُ والعشِيُّ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنهم أَرادوا العَصْرَيْنِ فقُلِبَ. يُقَالُ: أَتيتُه صَرْعَى النهارِ، وَفُلَانٌ يأْتينا الصَّرْعَيْنِ أَي غُدْوةً وعَشِيَّةً، وَقِيلَ: الصَّرْعانِ نِصْفُ النَّهَارِ الأَول وَنِصْفُهُ الْآخَرُ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
كأَنَّني نازِعٌ، يَثْنِيهِ عَنْ وَطَنٍ ... صَرْعانِ رَائِحَةً عَقْلٌ وتَقْيِيدُ
(١). قوله [نقلها اللغويون إلخ] كذا بالأصل، والذي في النهاية: نقلها عن وضعها اللغوي، والمتبادر منه أن اللغوي صفة للوضع وحينئذ فالناقل النبي، صلى الله عليه وسلم، ويؤيده قول المؤلف قبله: فَنَقَلَهُ إِلى الَّذِي يَغْلِبُ نفسه.