للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا كُلُّهُ مأْخوذ مِنَ القَلَعةِ، وَهِيَ السَّحَابَةُ الضخْمةُ، وَكَذَلِكَ قَلْعةُ الجبَل وَالْحِجَارَةِ. والقِلْعُ: شِراعُ السَّفِينةِ، وَالْجَمْعُ قِلاعٌ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كأَنه قِلْعُ دارِيٍ

؛ القِلْعُ، بِالْكَسْرِ: شِراعُ السَّفِينَةِ، والدّارِيُّ: البَحَّارُ والمَلَّاحُ؛ وَقَالَ الأَعشى:

يَكُبُّ الخَلِيّةَ ذاتَ القِلاع، ... وَقَدْ كادَ جُؤْجُؤُها يَنْحَطِمْ

وَقَدْ يَكُونُ القِلاعُ وَاحِدًا، وَفِي التَّهْذِيبِ: الْجَمْعُ القُلُعُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَرى أَن كراعاً حَكَى قِلَعَ السفينةِ عَلَى مِثَالِ قِمَعٍ. وأَقْلَعَ السفينةَ: عَمِلَ لَهَا قِلاعاً أَو كَسَاهَا إِيّاه، وَقِيلَ: المُقْلَعةُ مِنَ السُّفُنِ الْعَظِيمَةُ تُشَبُّهَ بالقِلَعِ مِنَ الجبالِ؛ قَالَ يَصِفُ السُّفُنَ:

مَواخِرٌ فِي سَمَاءِ اليَمِّ مُقْلَعةٌ، ... إِذا عَلَوْا ظَهْرَ مَوْجٍ ثُمَّتَ انْحَدَرُوا «١»

قَالَ اللَّيْثُ: شَبَّهَهَا بالقَلَعةِ أُقْلِعَتْ جُعِلَتْ كأَنها قَلَعةٌ؛ قَالَ الأَزهري: أَخطأَ اللَّيْثُ التَّفْسِيرَ وَلَمْ يُصِبْ، وَمَعْنَى السُّفُنِ المُقْلَعةِ الَّتِي مُدَّتْ عَلَيْهَا القِلاعُ، وَهِيَ الشِّراعُ والجِلالُ الَّتِي تَسُوقُها الرِّيحُ بِهَا؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَيْسَ فِي قَوْلِهِ مُقْلَعةٌ مَا يَدُلُّ عَلَى السَّيْرِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ إِنما يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ فَحْوى الكلامِ، لأَنه قَدْ أَحاط الْعِلْمَ بأَن السَّفِينَةَ مَتَى رُفع قِلْعُها فإِنها سَائِرَةٌ، فَهَذَا شَيْءٌ حَصَلَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى لَا مِنْ جِهَةِ أَن اللَّفْظَ يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِذا قُلْتَ أَقْلَعَ أَصحابُ السفُنِ وأَنت تُرِيدُ أَنهم سَارُوا مِنْ مَوْضِعٍ مُتَوَجِّهِينَ إِلى آخَرَ، وإِنما الأَصل فِيهِ أَقْلَعُوا سُفُنَهُمْ أَي رَفَعُوا قِلاعَها، وَقَدْ عُلِمَ أَنهم مَتَى رَفَعُوا قِلاعَ سُفُنِهِمْ فإِنهم سَائِرُونَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مُتَوَجِّهُونَ إِلى غَيْرِهِ، وإِلا فَلَيْسَ يُوجَدُ فِي اللُّغَةِ أَنه يُقَالُ أَقْلَعَ الرَّجُلُ إِذا سَارَ، وإِنما يُقَالُ أَقلع عَنِ الشَّيْءِ إِذا كَفَّ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ

مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ، هُوَ مَا رُفِعَ قِلْعُه

، والجَواري السُّفُنُ والمَراكِبُ، وسُفُنٌ مُقْلَعاتٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ أَقْلَعْتُ السفينةَ إِذا رَفَعْت قِلْعَها عِنْدَ الْمَسِيرِ، وَلَا يُقَالُ أَقْلَعَتِ السفينةُ لأَن الْفِعْلَ لَيْسَ لَهَا وإِنما هُوَ لِصَاحِبِهَا. وقَوْسٌ قَلُوعٌ: تَنْفَلِتُ فِي النَّزْعِ فَتَنْقَلِبُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

لَا كَزّةُ السَّهْمِ وَلَا قَلُوعُ، ... يَدْرُجُ تَحْتَ عَجْسِها اليَرْبُوعُ

وَفِي التَّهْذِيبِ: القَلُوعُ القَوْسُ الَّتِي إِذا نُزِعَ فِيهَا انْقَلَبَتْ. قَالَ أَبو سَعِيدٍ: الأَغراض الَّتِي تُرْمى أَوّلُها غَرَضُ المُقالعةِ، وَهُوَ الَّذِي يَقْرُب مِنَ الأَرض فَلَا يحتاجُ الرَّامي أَنْ يَمُدّ بِهِ اليدَ مَدًّا شَدِيدًا، ثُمَّ غَرَضُ الفُقْرةِ. والإِقْلاعُ عَنِ الأَمر: الكَفُّ عَنْهُ. يُقَالُ: أَقْلَعَ فُلَانٌ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَي كفَّ عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ المَزادَتَيْن:

لَقَدْ أَقْلَعَ عَنْهَا

أَي كَفَّ وتَرَكَ. وأَقْلَع الشيءُ: انْجَلَى، وأَقْلَعَ السحابُ كَذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَيا سَماءُ أَقْلِعِي

؛ أَي أَمْسِكي عَنِ الْمَطَرِ؛ وَقَالَ خَالِدُ بْنُ زُهَيْرٍ:

فأَقْصِرْ، وَلَمْ تأْخُذْكَ مِنِّي سَحابة، ... يُنَفِّرُ شاءَ المُقْلَعِينَ خَواتُها


(١). قوله [سماء إلخ] في شرح القاموس: سواء بدل سماء، وقف بدل موج.

<<  <  ج: ص:  >  >>