قَالَ عَدِيّ بْنُ زَيْدٍ:
وَمَا خُنْتُ ذَا عَهْدٍ وأُبْتُ بعَهْدهِ، ... وَلَمْ أَحْرِمِ المُضْطَرَّ إِذ جاءَ قانِعا
يَعْنِي سَائِلًا؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ الَّذِي يَسأَلُكَ فَمَا أَعْطَيْتَه قَبِلَه، وَقِيلَ: القُنُوعُ الطمَعُ، وَقَدِ اسْتُعْمِلَ القُنُوعُ فِي الرِّضا، وَهِيَ قَلِيلَةٌ، حَكَاهَا ابْنُ جِنِّي؛ وأَنشد:
أَيَذْهَبُ مالُ اللهِ فِي غَيْرِ حَقِّه، ... ونَعْطَشُ فِي أَطْلالِكم ونَجُوعُ؟
أَنَرْضَى بِهَذَا مِنكُمُ لَيْسَ غيرَه، ... ويُقْنِعُنا مَا ليسَ فِيهِ قُنُوعُ؟
وأَنشد أَيضاً:
وَقَالُوا: قَدْ زُهِيتَ فقلتُ: كَلَّا ... ولكِنِّي أَعَزَّنيَ القُنُوعُ
والقَناعةُ، بِالْفَتْحِ: الرِّضا بالقِسْمِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فمنْهُمْ سَعِيدٌ آخِذٌ بنَصِيبِه، ... ومنهمْ شَقِيٌّ بالمَعِيشةِ قانِعُ
وَقَدْ قَنِعَ، بِالْكَسْرِ، يَقْنَعُ قَناعةً، فَهُوَ قَنِعٌ وقَنُوعٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُقَالُ قَنِعَ، فَهُوَ قانِعٌ وقَنِعٌ وقَنِيعٌ وقَنُوعٌ أَي رَضِيَ، قَالَ: وَيُقَالُ مِنَ القَناعةِ أَيضاً: تَقَنَّعَ الرجلُ؛ قَالَ هُدْبةُ:
إِذا القوْمُ هَشُّوا للفَعالِ تَقَنَّعا
وَقَالَ بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ: إِن القُنُوعَ يَكُونُ بِمَعْنَى الرِّضا، والقانِعُ بِمَعْنَى الرَّاضِي، قَالَ: وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: بَعْضُ أَهل الْعِلْمِ هُنَا هُوَ أَبو الْفَتْحِ عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي. وَفِي الْحَدِيثِ:
فأَكَلَ وأَطْعَمَ القانِعَ والمُعْتَرَّ
؛ هُوَ مِنَ القُنُوعِ الرِّضَا بِالْيَسِيرِ مِنَ العَطاء. وَقَدْ قَنِعَ، بِالْكَسْرِ، يَقْنَعُ قُنُوعاً وقَناعةً إِذا رَضِيَ، وقَنَعَ، بِالْفَتْحِ، يَقْنَعُ قُنُوعاً إِذا سأَل. وَفِي الْحَدِيثِ:
القَناعةُ كَنْزٌ لَا يَنْفَدُ
لأَنّ الإِنْفاقَ مِنْهَا لَا يَنْقَطِع، كلَّما تَعَذَّرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمورِ الدُّنْيَا قَنِعَ بِمَا دُونَه ورَضِيَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عَزَّ مَن قَنِعَ وذَلَّ مَن طَمِعَ
، لأَنَّ القانِعَ لَا يُذِلُّه الطَّلَبُ فَلَا يَزَالُ عَزِيزًا. ابْنُ الأَعرابي: قَنِعْتُ بِمَا رُزِقْتُ، مَكْسُورَةً، وقَنَعْتُ إِلى فُلَانٍ يُرِيدُ خَضَعْتُ لَهُ والتَزَقْتُ بِهِ وانْقَطَعْتُ إِليه. وَفِي الْمَثَلِ: خَيرُ الغِنَى القُنُوعُ وشَرُّ الفَقْرِ الخُضُوعُ. وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ السَّائِلُ سُمِّيَ قَانِعًا لأَنه يَرْضَى بِمَا يُعْطَى، قلَّ أَو كَثُرَ، ويَقْبَلُه فَلَا يَرُدُّهُ فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلِمَتَيْنِ رَاجِعًا إِلى الرِّضا. وأَقْنَعَني كَذَا أَي أَرْضاني. والقانِعُ: خادِمُ القومِ وأَجِيرُهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا تجوزُ شهادةُ القانِعِ مِنْ أَهل البيتِ لَهُمْ
؛ القانِعُ الخادِمُ والتابِعُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ للتُّهَمةِ بِجَلْبِ النفْعِ إِلى نفسِه؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والقانِعُ فِي الأَصل السائِلُ. وَحَكَى الأَزهريّ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ: القانِعُ الرَّجُلُ يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ يَطْلُبُ فضلَه ولا يَسْأَلُه معروفَ، وَقَالَ: قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ كَذَا وَكَذَا وَلَا شهادةُ القانِعِ مَعَ أَهل الْبَيْتِ لَهُمْ. وَيُقَالُ: قَنَعَ يَقْنَعُ قُنُوعاً، بِفَتْحِ النُّونِ، إِذا سأَل، وقَنِعَ يَقْنَعُ قَناعةً، بِكَسْرِ النُّونِ، رَضِيَ. وأَقْنَعَ الرجلُ بِيَدَيْهِ فِي القُنوتِ: مَدَّهُمَا واسْتَرْحَم رَبَّه مستقبِلًا بِبُطُونِهِمَا وجهَه لِيَدْعُوَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
تُقْنِعُ يَدَيْكَ فِي الدُّعَاءِ
أَي ترفعهُما. وأَقْنَعَ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ إِذا رفعَهما فِي الْقُنُوتِ، قَالَ الأَزهريّ فِي تَرْجَمَةِ عَرَفَ: وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِ الأَسود بْنِ يَعْفُرَ يَهْجُو عِقَالَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سُفين: