بِهِ فَضْلَ الكَلإِ مَنَعَه اللَّهُ فَضْلَه يومَ القيامةِ
؛ وأَصل هَذَا فِي الْبِئْرِ يَحْتَفِرُهَا الرَّجُلُ بالفَلاةِ مِنَ الأَرض يَسْقِي بِهَا مَواشِيَه، فإِذا سَقاها فَلَيْسَ لَهُ أَن يَمْنَعَ الماءَ الفاضِلَ عَنْ مَواشِيهِ مَواشِيَ غَيْرِهِ أَو شَارِبًا يَشْرَبُ بشَفَتِه، وإِنما قِيلَ لِلْمَاءِ نَقْعٌ لأَنه يُنْقَعُ بِهِ العَطَشُ أَي يُرْوَى بِهِ. يُقَالُ: نَقَعَ بِالرِّيِّ وبَضَعَ. ونَقَعَ السّمُّ فِي أَنْيابِ الحيَّةِ: اجْتَمعَ، وأَنْقَعَتْه الحيّةُ؛ قَالَ:
أَبَعْدَ الَّذِي قَدْ لَجَّ تَتَّخِذِينَني ... عَدُوًّا، وَقَدْ جَرَّعْتِني السّمَّ مُنْقَعا؟
وَقِيلَ: أَنْقَعَ السمَّ عَتَّقَه. وَيُقَالُ: سُمٌّ ناقِعٌ أَي بالِغٌ قاتِلٌ، وَقَدْ نَقَعَه أَي قَتَلَه، وَقِيلَ: ثَابِتٌ مُجْتَمِعٌ مِنْ نَقْعِ الْمَاءِ. وَيُقَالُ: سُمٌّ مَنْقُوعٌ ونَقِيعٌ وناقِعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئِيلةٌ ... مِنَ الرُّقْشِ، فِي أَنْيابِها السُّمُّ ناقِعُ
وَفِي حَدِيثِ
بَدْرٍ: رأَيتُ البَلايا تَحْمِلُ الْمَنَايَا، نَواضِحُ يَثْرِبَ تَحْمِلُ السُّمَّ الناقِعَ.
وموْتٌ ناقِعٌ أَي دائِمٌ. ودمٌ ناقِعٌ أَي طَرِيٌّ؛ قَالَ قَسّام بْنُ رَواحةَ:
وَمَا زالَ مِنْ قَتْلَى رِزاحٍ بعالِجٍ ... دَمٌ ناقِعٌ، أَو جاسِدٌ غيرُ ماصِحِ
قَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُرِيدُ بالناقِعِ الطَّرِيَّ وبالجاسِدِ القَدِيمَ. وسَمٌّ مُنْقَعٌ أَي مُرَبًّى؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فِيهَا ذَراريحٌ وسَمٌّ مُنْقَعُ
يَعْنِي فِي كأْس الْمَوْتِ. واسْتَنْقَعَ فِي الْمَاءِ: ثَبَتَ فِيهِ يَبْتَرِدُ، وَالْمَوْضِعُ مُسْتَنْقَعٌ، وَكَانَ عَطَاءُ يَسْتَنْقِعُ فِي حِياضِ عَرَفةَ أَي يدخلُها ويَتَبَرَّد بِمَائِهَا. واسْتُنْقِعَ الشَّيْءُ فِي الْمَاءُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه. والنَّقِيعُ والنَّقِيعةُ: المَحْضُ مِنَ اللَّبَنِ يُبَرَّدُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أُطَوِّفُ، مَا أُطَوِّفُ، ثُمَّ آوِي ... إِلى أُمِّي، ويَكْفِيني النَّقِيعُ
وَهُوَ المُنْقَعُ أَيضاً؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:
قانَى لَهُ فِي الصَّيْفِ ظِلٌّ بارِدٌ، ... ونَصِيُّ ناعِجةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده ونصِيُّ باعِجةٍ، بِالْبَاءِ؛ قَالَ أَبو هِشَامٍ: الباعِجةُ هِيَ الوَعْساءُ ذاتُ الرِّمْثِ والحَمْضِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّهْلةُ المُسْتَوِيةُ تُنْبِتُ الرِّمْثَ والبَقْلَ وأَطايِبَ العُشْبِ، وَقِيلَ: هِيَ مُتَّسَعُ الوادِي، وَقَانَى لَهُ أَي دامَ لَهُ؛ قَالَ الأَزهريّ: أَصلُه مِنْ أَنْقَعْتُ اللبَنَ، فَهُوَ نَقِيعٌ، وَلَا يُقَالُ مُنْقَعٌ، وَلَا يَقُولُونَ نَقَعْتُه، قَالَ: وَهَذَا سَماعي مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ: ووجدْتُ للمُؤَرِّجِ حُرُوفاً فِي الإِنقاعِ مَا عُجْت بِهَا وَلَا علِمْت راوِيها عَنْهُ. يُقَالُ: أَنْقَعْتُ الرجُلَ إِذا ضَرَبْتَ أَنْفَه بإِصْبَعِكَ، وأَنْقَعْتُ الميِّتَ إِذا دَفَنْته، وأَنْقَعْتُ البَيْتَ إِذا زَخْرَفْتَه، وأَنْقَعْتُ الجاريةَ إِذا افْتَرَعْتَها، وأَنْقَعْتُ الْبَيْتَ إِذا جَعَلْتَ أَعلاه أَسفلَه، قَالَ: وَهَذِهِ حُروفٌ مُنْكَرةٌ كلُّها لَا أَعرِفُ مِنْهَا شَيْئًا. والنَّقُوعُ، بِالْفَتْحِ: مَا يُنْقَعُ فِي الْمَاءِ مِنَ اللَّيْلِ لِدواءٍ أَو نَبِيذٍ ويُشْرَبُ نَهَارًا، وَبِالْعَكْسِ. وَفِي حَدِيثِ الكَرْمِ:
تَتَّخِذُونَهُ زَبِيباً تُنْقِعُونه
أَي تَخْلِطونه