للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا أُلْقِي لِذي الوَدَعاتِ سَوْطِي ... لأَخْدَعَه، وغِرَّتَه أُرِيدُ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده:

أُلاعِبُه وزَلَّتَه أُرِيدُ

وَاحِدَتُهَا ودْعةٌ وودَعةٌ. ووَدَّعَ الصبيَّ: وضَعَ فِي عنُقهِ الوَدَع. وودَّعَ الكلبَ: قَلَّدَه الودَعَ؛ قَالَ:

يُوَدِّعُ بالأَمْراسِ كُلَّ عَمَلَّسٍ، ... مِنَ المُطْعِماتِ اللَّحْمَ غيرَ الشَّواحِنِ

أَي يُقَلِّدُها وَدَعَ الأَمْراسِ. وذُو الودْعِ: الصبيُّ لأَنه يُقَلَّدُها مَا دامَ صَغِيرًا؛ قَالَ جَمِيلٌ:

أَلَمْ تَعْلَمِي، يَا أُمَّ ذِي الوَدْعِ، أَنَّني ... أُضاحِكُ ذِكْراكُمْ، وأَنْتِ صَلُودُ؟

وَيُرْوَى: أَهَشُّ لِذِكْراكُمْ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

مَنْ تَعَلَّقَ ودَعةً لَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ، وإِنما نَهَى عَنْهَا لأَنهم كَانُوا يُعَلِّقُونَها مَخافةَ الْعَيْنِ

، وَقَوْلُهُ:

لَا ودَعَ اللهُ لَهُ

أَي لَا جَعَلَهُ فِي دَعةٍ وسُكُونٍ، وَهُوَ لَفْظٌ مَبْنِيٌّ مِنَ الْوَدَعَةِ، أَي لَا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يَخافُه. وَهُوَ يَمْرُدُني الوَدْعَ ويَمْرُثُني أَي يَخْدَعُني كَمَا يُخْدَعُ الصَّبِيُّ بِالْوَدْعِ فَيُخَلَّى يَمْرُثُها. وَيُقَالُ للأَحمق: هُوَ يَمْرُدُ الوْدَع، يُشَبَّهُ بِالصَّبِيِّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

والحِلْمُ حِلْم صبيٍّ يَمْرُثُ الوَدَعَهْ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَنشد الأَصمعي هَذَا الْبَيْتَ فِي الأَصمعيات لِرَجُلٍ مِنْ تَمِيمٍ بِكَمَالِهِ:

السِّنُّ مِنْ جَلْفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خلَقٍ، ... والعَقْلُ عَقْلُ صَبيٍّ يَمْرُسُ الوَدَعَهْ

قَالَ: وَتَقُولُ خَرَجَ زَيْدٌ فَوَدَّعَ أَباه وابنَه وكلبَه وفرسَه ودِرْعَه أَي ودَّع أَباه عِنْدَ سَفَرِهِ مِنَ التوْدِيعِ، ووَدَّع ابْنَهُ: جَعَلَ الوَدعَ فِي عُنُقه، وكلبَه: قَلَّدَه الْوَدْعَ، وفرسَه: رَفَّهَه، وَهُوَ فَرَسٌ مُوَدَّعُ ومَوْدُوع، عَلَى غَيْرِ قِياسٍ، ودِرْعَه، والشيءَ: صانَه فِي صِوانِه. والدَّعةُ والتُّدْعةُ «٤» عَلَى الْبَدَلِ: الخَفْضُ فِي العَيْشِ والراحةُ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ. والوَديعُ: الرَّجُلُ الْهَادِئُ الساكِنُ ذُو التُّدَعةِ. وَيُقَالُ ذُو وَداعةٍ، وَدُعَ يَوْدُعُ دَعةً ووَداعةً، زَادَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ووَدَعَه، فَهُوَ وَديعٌ ووادِعٌ أَي ساكِن؛ وأَنشد شَمِرٌ قَوْلَ عُبَيْدٍ الرَّاعِي:

ثَناءٌ تُشْرِقُ الأَحْسابُ مِنْهُ، ... بِهِ تَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونا

أَيْ تَقِيه وتَصُونه، وَقِيلَ أَي تُقِرُّه عَلَى صَوْنِه وادِعاً. وَيُقَالُ: وَدَعَ الرجلُ يَدَعُ إِذا صَارَ إِلى الدَّعةِ والسُّكونِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ سُوِيدِ بْنِ كُرَاعٍ:

أَرَّقَ العينَ خَيالٌ لَمْ يَدَعْ ... لِسُلَيْمى، ففُؤادِي مُنْتَزَعْ

أَي لَمْ يَبْقَ وَلَمْ يَقِرَّ. وَيُقَالُ: نَالَ فُلَانٌ المَكارِمَ وادِعاً أَي مِنْ غَيْرِ أَن يَتَكَلَّفَ فِيهَا مَشَقّة. وتوَدَّعَ واتَّدعَ تُدْعةً وتُدَعةً وودَّعَه: رَفَّهَه، وَالِاسْمُ المَوْدوعُ. وَرَجُلٌ مُتَّدِعٌ أَي صاحبُ دَعَةٍ وراحةٍ؛ فأَما قَوْلُ خُفافِ بْنِ نُدْبة:

إِذا مَا اسْتَحَمَّتْ أَرضُه مِنْ سَمائِه ... جَرى، وَهُوَ موْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَق


(٤). قوله [والتدعة] أي بالسكون وكهمزة أفاده المجد

<<  <  ج: ص:  >  >>