وَرَوَى شِمْرٌ عَنْ مُحَارِبٍ: ودَّعْتُ فُلَانًا مِنْ وادِع السَّلَامِ. ووَدَّعْتُ فُلَانًا أَي هَجَرْتُه. والوَداعُ: القِلى. والمُوادَعةُ والتَّوادُعُ: شِبْهُ المُصالحةِ والتَّصالُحِ. والوَدِيعُ: العَهْدُ. وَفِي حَدِيثِ
طَهْفةَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَكُمْ يَا بَنِي نهْدٍ ودائِعُ الشِّرْكِ ووضائعُ الْمَالِ؛ ودائِعُ الشرْكِ
أَي العُهودُ والمَواثِيقُ، يُقَالُ: أَعْطَيْتُه وَدِيعاً أَي عَهْداً. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ يَحْتَمِلُ أَن يُرِيدُوا بِهَا مَا كَانُوا اسْتُودِعُوه مِنْ أَمْوالِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الإِسلام، أَراد إِحْلالَها لَهُمْ لأَنها مَالُ كَافِرٍ قُدِرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَهْدٍ وَلَا شرْطٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:
مَا لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ وَلَا مَوْعِدٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه وادَعَ بَني فُلَانٍ
أَي صالَحَهم وسالَمَهم عَلَى تَرْكِ الْحَرْبِ والأَذى، وَحَقِيقَةُ المُوادعةِ المُتاركةُ أَي يَدَعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا هُوَ فِيهِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وَكَانَ كَعْبٌ القُرَظِيُّ مُوادِعاً لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ الطَّعَامِ:
غَيْرَ مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ، لا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبّنا
أَي غَيْرَ مَتْرُوكِ الطاعةِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الوَداعِ وإِليه يَرْجِعُ. وتَوادَعَ الْقَوْمُ: أَعْطى بعضُهم بَعْضًا عَهْداً، وَكُلُّهُ مِنَ الْمُصَالَحَةِ؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ. وَقَالَ الأَزهري: تَوادَعَ الفَريقانِ إِذا أَعْطى كُلٌّ مِنْهُمُ الآخرِينَ عَهْدًا أَن لَا يَغْزُوَهُم؛ تَقُولُ: وادَعْتُ العَدُوَّ إِذا هادَنْتَه مُوادَعةً، وَهِيَ الهُدْنةُ والمُوادعةُ. وَنَاقَةٌ مُوَدَّعةٌ: لَا تُرْكَب وَلَا تُحْلَب. وتَوْدِيعُ الفَحلِ: اقْتِناؤُه للفِحْلةِ. واسْتَوْدَعه مَالًا وأَوْدَعَه إِياه: دَفَعَه إِليه لِيَكُونَ عِنْدَهُ ودِيعةً. وأَوْدَعَه: قَبِلَ مِنْهُ الوَدِيعة؛ جَاءَ بِهِ الْكِسَائِيُّ فِي بَابِ الأَضداد؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
اسْتُودِعَ العِلْمَ قِرْطاسٌ فَضَيَّعَهُ، ... فبِئْسَ مُسْتَودَعُ العِلْمِ القَراطِيسُ
وَقَالَ أَبو حَاتِمٍ: لَا أَعرف أَوْدَعْتُه قَبِلْتُ وَدِيعَته، وأَنكره شَمِرٌ إِلا أَنه حَكَى عَنْ بَعْضِهِمُ اسْتَوْدَعَني فُلانٌ بَعِيرًا فأَبَيْتُ أَن أُودِعَه أَي أَقْبَلَه؛ قَالَ الأَزهري: قَالَهُ ابْنُ شُمَيْلٍ فِي كِتَابِ المَنْطِقِ والكسائِيُّ لَا يَحْكِي عَنِ الْعَرَبِ شَيْئًا إِلا وقد ضَبَطَه وحفِظه. وَيُقَالُ: أَوْدَعْتُ الرَّجُلَ مَالًا واسْتَوْدَعْتُه مَالًا؛ وأَنشد:
يَا ابنَ أَبي وَيَا بُنَيَّ أُمِّيَهْ، ... أَوْدَعْتُكَ اللهَ الَّذِي هُو حَسْبِيَهْ
وأَنشد ابْنِ الأَعرابي:
حَتَّى إِذا ضَرَبَ القُسُوس عَصاهُمُ، ... ودَنا منَ المُتَنَسِّكينَ رُكُوعُ،
أَوْدَعْتَنا أَشْياءَ واسْتَوْدعْتَنا ... أَشْياءَ، ليْسَ يُضِيعُهُنَّ مُضِيعُ
وأَنشد أَيضاً:
إِنْ سَرَّكَ الرّيُّ قُبَيْلَ النَّاسِ، ... فَوَدِّعِ الغَرْبَ بِوَهْمٍ شاسِ
ودِّعِ الغَرْبَ أَي اجْعَلْهُ ودِيعةً لِهَذَا الجَمَل أَي أَلْزِمْه الغَرْبَ. والوَدِيعةُ: وَاحِدَةُ الوَدائِعِ، وَهِيَ مَا اسْتُودِعَ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ
؛ المُسْتَوْدَعُ مَا فِي الأَرحام، واسْتَعاره
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، للحِكْمة والحُجّة فَقَالَ: بِهِمْ يَحفظ اللهُ حُجَجَه حَتَّى يودِعوها نُظراءَهُم ويَزرَعُوها فِي قُلوبِ أَشباهِهِم
؛ وقرأَ ابْنُ كَثِيرٍ وأَبو عَمْرٍو:
فمستقِرّ
، بِكَسْرِ الْقَافِ،