للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَحَكَى ابْنُ دُريد: رَجُلٌ وَرَعٌ بَيِّنُ الوُرُوعة؛ وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ قَوْلِهِ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

لَا هَيِّبانٌ قَلْبُه مَنَّانُ، ... وَلَا نَخِيبٌ ورَعٌ جَبانُ

قَالَ: وَهَذِهِ كُلُّهَا مِنْ صِفَاتِ الجبانِ. وَيُقَالُ: الوَرَعُ عَلَى الْعُمُومِ الضَّعِيفُ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ. وورَّعه عَنِ الشَّيْءِ تَوْرِيعاً: كفَّه. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَرِّعِ اللِّصَّ وَلَا تُراعِه

؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: يَقُولُ إِذا شَعَرْتَ بِهِ ورأَيْتَه فِي مَنْزِلِكَ فادْفَعْه واكْفُفْه عَنْ أَخذ متاعِك، وَقَوْلُهُ وَلَا تُراعِه أَي لَا تُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ رُدَّه بتعرُّض لَهُ أَو تَنْبيه وَلَا تَنتَظِر مَا يَكُونُ مِنْ أَمره. وَكُلُّ شَيْءٍ تَنْتَظِرُهُ، فأَنت تُرَاعِيهِ وتَرْعاه؛ وَمِنْهُ تَقُولُ: هُوَ يَرْعَى الشمسَ أَي يَنتَظِرُ وُجُوبَها، قَالَ: وَالشَّاعِرُ يَرْعَى النُّجُومَ. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: ادْفَعْه واكْفُفْ بِمَا اسْتَطَعْتَ وَلَا تَنْتَظِرْ فِيهِ شَيْئًا. وَكُلُّ شَيْءٍ كَفَفْتَه، فَقَدْ ورعْتَه؛ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:

وورَّعْتُ مَا يَكْنِي الوُجُوهَ رِعايةً ... ليَحْضُرَ خَيرٌ، أَو ليَقْصُرَ مُنْكَرُ

يَقُولُ: ورَّعْتُ عَنْكُمْ مَا يَكْني وُجُوهَكُمْ، تَمَنَّنَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ أَيضاً أَنه قَالَ لِلسَّائِبِ: وَرِّعْ عَنِّي فِي الدِّرْهَمِ والدِّرهمين

أَي كُفَّ عَنِّي الخُصومَ بأَن تَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وتَنُوبَ عَنِّي فِي ذَلِكَ، وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:

وإِذا أَشْفَى وَرِعَ

أَي إِذَا أَشْرَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَفَّ. وأَوْرَعَه أَيضاً: لُغَةٌ فِي وَرَّعَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، والأُولى أَعْلى. ووَرَّعَ الإِبلَ عَنِ الحَوْضِ: رَدَّها فارْتَدَّتْ؛ قَالَ الرَّاعِي:

وَقَالَ الَّذِي يَرْجُو العُلالةَ: وَرِّعوا ... عَنِ الْمَاءِ لَا يُطْرَقْ، وَهُنَّ طَوارِقُهْ

ووَرَّعَ الفرَسَ: حَبَسَه بِلِجَامِهِ. ووَرَّعَ بَيْنَهُمَا وأَوْرَعَ: حَجَزَ. والتوْرِيعُ: الكَفُّ والمَنْعُ؛ وَقَالَ أَبُو دُوَادَ:

فَبَيْنا نُوَرِّعُهُ باللِّجام، ... نُرِيدُ بِهِ قَنَصاً أَو غِوارا

أَي نَكُفُّه. وَمِنْهُ الوَرَعُ التحرُّجُ. وَمَا وَرَّعَ أَن فَعَلَ كَذَا وَكَذَا أَي مَا كَذَّب. والمُوارَعةُ: المُناطَقةُ والمُكالَمَةُ ووارَعَه: ناطَقَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ أَبو بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُوارِعانِه

، يَعْنِي عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَي يَسْتَشِيرانِه؛ هُوَ مِنَ المُناطَقةِ والمُكالَمَةِ؛ قَالَ حَسَّانُ:

نَشَدْتُ بَني النَّجَّارِ أَفْعالَ والِدي، ... إِذا الْعَانِ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَنْ يُوارِعُهْ

وَيُرْوَى: يُوازِعُه. ومُوَرِّعٌ وورِيعةُ: اسْمَانِ. والوَرِيعةُ: اسْمُ فَرَسِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ؛ وأَنشد الْمَازِنِيُّ فِي الوَرِيعةِ:

ورَدَّ خَلِيلَنا بعَطاءِ صِدْقٍ، ... وأَعْقَبَه الوَرِيعةَ مِنْ نِصابِ

وَقَالَ: الوَرِيعةُ اسْمُ فَرَسٍ، قَالَ: ونِصابٌ اسْمُ فَرَسٍ كَانَ لِمَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ وإِنما يُرِيدُ أَعْقَبَه الوَرِيعةَ مِنْ نَسْلِ نِصابٍ. والوَرِيعةُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

أَحَقًّا رأَيْتَ الظَّاعِنِينَ تَحَمَّلُوا ... منَ الجَزْعِ، أَو وَارِي الودِيعةِ ذِي الأَثْلِ؟

وَقِيلَ: هُوَ وادٍ مَعْرُوفٌ فِيهِ شَجَرٌ كَثِيرٌ؛ قَالَ الرَّاعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>