للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ تَعَالَى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ

؛ أَي عَلَى قَدْرِ سِعَتِهِ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْوَاوِ. وَيُقَالُ: إِنه لَفِي سَعةٍ مِنْ عَيْشِه. والسَّعةُ: أَصلها وُسْعة فَحُذِفَتِ الْوَاوُ وَنُقِصَتْ. وَيُقَالُ: لِيَسَعْكَ بيتُك، مَعْنَاهُ القَرارُ. وَيُقَالُ: هَذَا الكَيْلُ يَسَعُ ثلاثةَ أَمْناء، وَهَذَا الوِعاءُ يَسَعُ عِشْرِينَ كيْلًا، وَهَذَا الْوِعَاءُ يَسَعُهُ عِشْرُونَ كَيْلًا، عَلَى مِثَالِ قَوْلِكَ: أَنا أَسعُ هَذَا الأَمْرَ، وَهَذَا الأَمْرُ يَسَعُني، والأَصل فِي هَذَا أَن تَدْخُلَ فِي وَعَلَى وَلَامٌ لأَنَّ قَوْلَكَ هَذَا الْوِعَاءُ يَسَعُ عِشْرِينَ كَيْلًا أَي يَتَّسِعُ لِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ: هَذَا الخُفُّ يَسَعُ رِجْلِي أَي يَسَعُ لِرِجْلِي أَي يَتَّسِعُ لَهَا وَعَلَيْهَا. وَتَقُولُ: هَذَا الوِعاءُ يَسَعُه عِشْرُونَ كَيْلًا، مَعْنَاهُ يَسَعُ فِيهِ عِشْرُونَ كَيْلًا أَي يَتَّسِعُ فِيهِ عِشْرُونَ كَيْلًا، والأَصل فِي هَذِهِ المسأَلة أَن يَكُونَ بِصفة، غَيْرَ أَنهم يَنْزِعُون الصِّفَاتِ مِنْ أَشياءَ كَثِيرَةٍ حَتَّى يَتَّصِلَ الْفِعْلُ إِلى مَا يَلِيهِ ويُفْضِيَ إِليه كأَنه مَفْعول بِهِ، كَقَوْلِكَ: كِلْتُكَ واسْتَجَبْتك ومَكَّنْتُكَ أَي كِلْتُ لَكَ وَاسْتَجَبْتُ لَكَ وَمَكَّنْتُ لَكَ. وَيُقَالُ: وسِعَتْ رحْمتُهُ كلَّ شَيْءٍ ولكلِّ شَيْءٍ وَعَلَى كلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ

، أَي اتَّسَعَ لَهَا. ووَسِعَ الشيءُ الشيءَ: لَمْ يَضِقْ عَنْهُ. وَيُقَالُ: لَا يَسَعُني شَيْءٌ ويَضِيقَ عَنْكَ أَي وأَن يَضِيقَ عَنْكَ؛ يَقُولُ: مَتَى وَسِعَني شيءٌ وَسِعَكَ. وَيُقَالُ: إِنه لَيَسَعُني مَا وَسِعَك. والتوْسِيعُ: خِلَافُ التضْيِيقِ. ووسَّعْتُ البيتَ وَغَيْرَهُ فاتَّسَعَ واسْتَوْسَعَ. ووَسُعَ الفرسُ، بِالضَّمِّ، سَعةً ووَساعةً، وَهُوَ وَساعٌ: اتَّسَعَ فِي السَّيْرِ. وَفَرَسٌ وَساعٌ إِذا كَانَ جَواداً ذَا سَعةٍ فِي خَطْوِه وذَرْعِه. وناقةٌ وَساعٌ: واسِعةُ الخَلْق؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

عَيْشُها العِلْهِزُ المُطَحَّنُ بالقَتِّ، ... وإِيضاعُها القَعُودَ الوَساعا

القَعُودُ مِنَ الإِبل: مَا اقْتُعِد فَرُكِبَ. وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: فَضَرَبَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَجُزَ جَملي وَكَانَ فِيهِ قِطافٌ فَانْطَلَقَ أَوْسَعَ جملٍ رَكِبْتُه قَطُّ

أَي أَعْجَلَ جمَلٍ سَيْراً. يُقَالُ: جَمَلٌ وَساعٌ، بِالْفَتْحِ، أَي وَاسِعُ الخَطْو سَرِيعُ السيْر. وَفِي حَدِيثِ

هِشَامٍ يَصِفُ نَاقَةً: إِنها لمِيساعٌ

أَي وَاسِعَةُ الخَطْو، وَهُوَ مِفْعالٌ، بِالْكَسْرِ، مِنْهُ. وسَيْرٌ وَسِيعٌ ووَساعٌ: مُتَّسِعٌ. واتَّسَعَ النهارُ وَغَيْرُهُ: امْتَدَّ وطالَ. والوَساعُ: الندْبُ لِسَعةِ خَلْقِهِ. وَمَا لِي عَنْ ذَاكَ مُتَّسَعٌ أَي مَصْرِفٌ. وسَعْ: زجْرٌ للإِبل كأَنهم قَالُوا: سَعْ يَا جملُ فِي مَعْنَى اتَّسِعْ فِي خَطْوكَ وَمَشْيِكَ. واليَسَعُ: اسْمُ نَبِيٍّ هَذَا إِن كَانَ عَرَبِيًّا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يَسَعُ اسْمٌ مِنْ أَسماءِ الْعَجَمِ وَقَدْ أُدخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ، وَهُمَا لَا يَدْخُلَانِ عَلَى نَظَائِرِهِ نَحْوُ يَعْمَرَ ويَزيدَ ويَشْكُرَ إِلَّا فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ؛ وأَنشد الفرَّاءُ لِجَرِيرٍ:

وجَدْنا الوَلِيدَ بنَ اليَزِيدِ مُبارَكاً، ... شدِيداً بأَعْباءِ الخِلافةِ كاهِلُهْ

وقرئَ: والْيَسَع واللَّيْسَع أَيضاً، بِلَامَيْنِ. قَالَ الأَزهري: ووَسِيعٌ ماءٌ لَبَنِي سعْدٍ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: وَسِيعٌ ودُحْرُضٌ ماءَانِ بَيْنَ سَعْدٍ وَبَنِي قُشَيْرٍ، وَهُمَا الدُّحْرُضانِ اللَّذَانِ فِي شِعْرِ عَنْتَرةَ إِذ يَقُولُ:

شَرِبَتْ بماءِ الدُّحْرُضَيْنِ فأَصْبَحَتْ ... زَوْراءَ، تَنْفِرُ عَنْ حِياضِ الدَّيْلَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>