للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنِ مَسْعُودٍ: موتُ الْمُؤْمِنِ بعَرَقِ الْجَبِينِ تَبْقَى عَلَيْهِ البقِيّةُ مِنَ الذُّنوبِ فَيُحارَفُ بِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ

أَي يُشَدَّد عَلَيْهِ لتُمَحَّصَ ذُنُوبُهُ، وُضِعَ وَضْعَ المُجازاةِ والمُكافأَة، وَالْمَعْنَى أَن الشدَّة الَّتِي تَعْرِض لَهُ حَتَّى يَعْرَقَ لَهَا جَبينُه عِنْدَ السِّياقِ تَكُونُ جَزَاءً وَكَفَّارَةً لِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ، أَو هُوَ مِنَ المُحارَفةِ وَهُوَ التشْديدُ فِي المَعاش. وَفِي التَّهْذِيبِ: فيُحَارَفُ بِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ أَي يُقايَسُ بِهَا فَتَكُونُ كَفَّارَةً لِذُنُوبِهِ، وَمَعْنَى عَرَقِ الْجَبِينِ شدَّةُ السِّيَاقِ. والحُرْفُ: الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ رَجُلٌ مُحَارَفٌ أَي مَنْقُوصُ الحَظِّ لَا يَنْمُو لَهُ مَالٌ، وَكَذَلِكَ الحِرْفَةُ، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَحِرْفَةُ أَحدِهم أَشَدُّ عليَّ مِنْ عَيْلَتِه

أَي إغْناءُ الفَقِير وكفايةُ أَمْرِه أَيْسَرُ عليَّ مِنْ إصْلاحِ الفاسدِ، وَقِيلَ: أَراد لَعَدم حِرْفةِ أَحدِهم والاغْتِمامُ لِذَلِكَ أَشَدُّ عليَّ مِنْ فَقْرِه. والمُحْتَرِفُ: الصانِعُ. وَفُلَانٌ حَريفي أَي مُعامِلي. اللِّحْيَانِيُّ: وحُرِفَ فِي مَالِهِ حَرْفَةً ذهَب مِنْهُ شَيْءٌ، وحَرَفْتُ الشَّيْءَ عَنْ وجْهه حَرْفاً. وَيُقَالُ: مَا لِي عَنْ هَذَا الأَمْرِ مَحْرِفٌ وَمَا لِي عَنْهُ مَصْرِفٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَي مُتَنَحًّى؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ:

أَزُهَيْرُ، هَلْ عَنْ شَيْبةٍ مِنْ مَحْرِفِ، ... أَمْ لَا خُلُودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟

والمُحْرِفُ: الَّذِي نَما مالُه وصَلَحَ، وَالِاسْمُ الحِرْفَةُ. وأَحْرَفَ الرجلُ إِحْرَافًا فَهُوَ مُحْرِفٌ إِذَا نَما مالُه وصَلَحَ. يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بالحِلْقِ والإِحْرَاف إِذَا جَاءَ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ. والحِرْفَةُ: الصِّناعةُ. وحِرْفَةُ الرجلِ: ضَيْعَتُه أَو صَنْعَتُه. وحَرَفَ لأَهْلِه واحْتَرَفَ: كسَب وطلَب واحْتالَ، وَقِيلَ: الاحْتِرَافُ الاكْتِسابُ، أَيّاً كَانَ. الأَزهري: وأَحْرَفَ إِذَا اسْتَغْنى بَعْدَ فَقْرٍ. وأَحْرَفَ الرجلُ إِذَا كَدَّ عَلَى عِياله. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَقَدْ عَلِم قَوْمِي أَن حِرْفَتِي لَمْ تكن تَعْجِز عن مؤونة أَهلي وشُغِلْتُ بأَمر الْمُسْلِمِينَ فسيأْكل آلُ أَبي بَكْرٍ مِنْ هَذَا ويَحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ

؛ الحِرْفَةُ: الصِّناعةُ وجِهةُ الكَسْب؛ وحَرِيفُ الرَّجُلِ: مُعامِلُه فِي حِرْفَتِه، وأَراد باحْتِرَافِه لِلْمُسْلِمِينَ نَظَره فِي أُمورهم وتَثْميرَ مَكاسِبهمْ وأَرْزاقِهم؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

إِنِّي لأَرى الرَّجُلَ يُعْجِبُني فأَقول: هَلْ لَهُ حِرْفَة؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، سَقَطَ مِنْ عَيْنِي

؛ وَقِيلَ: مَعْنَى الْحَدِيثِ الأَوَّل هُوَ أَن يَكُونَ مِنَ الحُرْفَة والحِرْفَة، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حِرْفَة الأَدَبِ، بِالْكَسْرِ. وَيُقَالُ: لَا تُحارِفْ أَخاكَ بالسوء أَي تُجازِه بِسُوءِ صنِيعِه تُقايِسْه وأَحْسِنْ إِذَا أَساء واصْفَحْ عَنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: أَحْرَفَ الرجلُ إِذَا جَازَى عَلَى خَيْر أَو شَرٍّ، قَالَ: وَمِنْهُ الخَبرُ:

إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحارَفُ عَنْ عَمَلِهِ الْخَيْرَ أَو الشَّرَّ

أَي يُجازى. وَقَوْلُهُمْ فِي الْحَدِيثِ:

سَلِّطْ عَلَيْهِمْ مَوْتَ طاعُونٍ دَفِيفٍ يُحَرِّفُ القُلوبَ

أَي يُمِيلها ويَجْعَلُها عَلَى حرْفٍ أَي جَانِبٍ وطَرَفٍ، وَيُرْوَى يَحُوفُ، بِالْوَاوِ، وَسَنَذْكُرُهُ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

وَوَصَفَ سُفيانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَها

أَي أَمالَها، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ:

وَقَالَ بِيَدِهِ فَحَرَفَهَا كأَنه يُرِيدُ الْقَتْلَ

وَوَصَفَ بِهَا قطْع السيفِ بحَدِّه. وحَرَفَ عَيْنَه: كَحَلها؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:

بِزَرْقاوَيْنِ لَمْ تُحْرَفْ، ولَمَّا ... يُصِبْها عائِرٌ بشَفير ماقِ

أَراد لَمْ تُحْرَفا فأَقام الْوَاحِدُ مُقام الاثْنين كَمَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>