فِي الإِسلام قَالَهُ زَمَنَ الْفَتْحِ؛ فَكَانَ نَاسِخًا وَكَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وأَبو بَكْرٍ مِنَ المُطَيَّبينَ وَكَانَ عُمَرُ مِنَ الأَحْلافِ، والأَحْلافُ سِتُّ قَبائِلَ: عبدُ الدَّارِ وجُمَحُ ومَخْزُومٌ وَبَنُو عَدِيٍّ وكعْبٌ وسَهْمٌ. والحَلِيفُ: المُحالِفُ. اللَّيْثُ: يُقَالُ حَالَفَ فُلَانٌ فُلَانًا، فَهُوَ حَلِيفُهُ، وَبَيْنَهُمَا حِلْف لأَنهما تَحالَفا بالأَيْمانِ أَن يَكُونَ أَمرُهما وَاحِدًا بالوَفاء، فَلَمَّا لَزِمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فِي الأَحْلافِ الَّتِي فِي الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ صَارَ كُلُّ شَيْءٍ لَزِمَ شَيْئًا فَلَمْ يُفارِقْه فَهُوَ حَلِيفُه حَتَّى يُقَالَ: فُلَانٌ حَلِيفُ الجُودِ وَفُلَانٌ حَلِيفُ الإِكْثارِ وَفُلَانٌ حَلِيفُ الإِقْلالِ؛ وأَنشد قَوْلَ الأَعشى:
وشَرِيكَيْنِ فِي كثِيرٍ مِنَ المالِ، ... وَكَانَا مُحالِفَيْ إقْلالِ
وحَالَفَ فُلَانٌ بَثَّه وحُزْنَه أَي لازَمَه. ابْنُ الأَعرابي: الأَحْلافُ فِي قُرَيْشٍ خَمْسُ قَبَائِلَ: عبدُ الدَّارِ وجُمَح وسَهْم ومَخْزوم وَعَدِيُّ بْنُ كَعْبٍ، سُمُّوا بِذَلِكَ لَمَّا أَرادَتْ بَنُو عبدِ مَنَافٍ أَخذ مَا فِي يَدَيْ عبدِ الدَّار مِنَ الْحِجَابَةِ والرِّفادةِ واللِّواءِ والسِّقايةِ، وأَبَتْ بَنُو عَبْدِ الدَّارِ، عَقَدَ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى أَمْرِهِم حِلْفاً مُؤَكَّدًا عَلَى أَن لَا يَتَخَاذَلُوا، فأَخرجت عَبْدُ مَنَافٍ جَفْنة مَمْلُوءَةً طِيبًا فَوَضَعُوهَا لأَحْلافهم فِي الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ، وَهُمْ أَسَدٌ وزُهْرةُ وتَيْمٌ، ثُمَّ غَمَسَ الْقَوْمُ أَيديهم فِيهَا وتَعاقَدُوا ثُمَّ مَسَحُوا الْكَعْبَةَ بأَيديهم تَوْكِيدًا فَسُمُّوُا المطيَّبين، وتَعاقَدت بَنُو عَبْدِ الدَّارِ وحُلفاؤها حِلْفًا آخَرَ مُؤَكَّدًا عَلَى أَن لَا يتخاذلوا فسمو الأَحْلافَ؛ وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَذْكُرُهُمْ:
نَسَباً فِي المُطَيَّبينَ وَفِي الأَحْلافِ ... حَلَّ الذُّؤابةَ الجُمْهُورا
قَالَ: وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبي مُلَيْكَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فأَتاه ابْنُ صَفْوان فَقَالَ: نِعْمَ الإِمارةُ إمارةُ الأَحْلافِ كَانَتْ لَكُمْ قَالَ: الَّذِي كَانَ قَبْلَهَا خَيْرٌ مِنْهَا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ المطيَّبين وَكَانَ أَبو بَكْرٍ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ، وَكَانَ عُمَرُ مِنَ الأَحْلافِ، يَعْنِي إِمَارَةَ عُمَرَ.
وَسَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ نادِبة عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهِيَ تَقُولُ: يَا سيِّدَ الأَحْلافِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ والمُحْتَلَفِ عَلَيْهِمْ
، يَعْنِي المُطيبين. قَالَ الأَزهري: وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ مَا اقْتَصَّه ابْنُ الأَعرابي لأَن القُتَيْبي ذَكَرَ المُطيبين والأَحْلافَ فَخَلَط فِيمَا فسَّرَ وَلَمْ يؤدِّ القِصَّة عَلَى وَجْهِهَا، قَالَ: وأَرجو أَن يَكُونَ مَا رَوَاهُ شَمِرٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي صَحِيحًا. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: وَجَدْنَا وِلايةَ المطيَّبيّ خَيْرًا مِنْ وِلاية الأَحْلافيِ
، يُرِيدُ أَبا بكر وعمر، يُرِيدُ أَنَّ أَبا بَكْرٍ كَانَ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ وَعُمَرَ مِنَ الأَحْلاف؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا أَحد مَا جَاءَ مِنْ النَّسَبِ لَا يُجْمَعُ لأَن الأَحْلاف صَارَ اسْمًا لَهُمْ كَمَا صَارَ الأَنصار اسْمًا للأَوْس والخَزْرج، والأَحْلافُ الَّذِينَ فِي شِعْرِ زُهَيْرٍ هُمْ: أَسَدٌ وغَطَفانُ لأَنهم تحالَفُوا عَلَى التَّناصُرِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي أَشار إِلَيْهِ مِنْ شِعْرِ زُهَيْرٍ هُوَ قَوْلُهُ:
تَدارَكْتُما الأَحْلافَ قَدْ ثُلَّ عَرْشُها، ... وَذِبْيانَ [ذُبْيانَ] قَدْ زَلَّتْ بأَقْدامها النَّعْلُ
قَالَ: وَفِي قَوْلِهِ أَيضاً:
أَلا أَبْلِغِ الأَحْلافَ عَنِّي رِسالةً ... وذِبْيان: هَلْ أَقْسَمْتُمُ كلَّ مَقْسَمِ؟