للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَما قَوْلُ الرَّاجِزِ:

والنَّسْرُ قَدْ يَنْهَضُ وَهُوَ دافِي

فَعَلَى مُحَوِّلِ التَّضْعِيفِ فَخَفَّفَ، وَإِنَّمَا أَراد وَهُوَ دَافِفٌ، فقَلب الْفَاءَ الأَخيرة يَاءً كراهيةَ التَّضْعِيفِ، وكَسَره عَلَى كَسْرة دافِفٍ، وَحَذَفَ إِحْدَى الْفَاءَيْنِ. ودُفُوفُ الأَرض: أَسْنادُها وَهِيَ دَفادِفُها، الْوَاحِدَةُ دَفْدَفَةٌ. والدَّفِيفُ: العَدْوُ. الصِّحَاحُ: الدَّفِيفُ الدَّبيبُ وَهُوَ السَّير اللَّيِّن؛ وَاسْتَعَارَهُ ذُو الرُّمَّةِ فِي الدَّبَران فَقَالَ يَصِفُ الثُرَيَّا:

يَدِفُّ عَلَى آثارِها دَبَرانُها، ... فَلَا هُوَ مَسْبُوقٌ وَلَا هُوَ يَلْحَقُ

ودَفَّ الْمَاشِي: خَفَّ عَلَى وجهِ الأَرض؛ وَقَوْلُهُ:

إلَيْك أَشْكُو مَشْيَها تَدافِيا، ... مَشْيَ العَجُوزِ تَنْقُلُ الأَثافِيا

إِنَّمَا أَرَادَ تَدافُفاً فقلَبَ كَمَا قدَّمْنا. والدَّافَّةُ والدفَّافةُ: الْقَوْمُ يُجْدِبُون فيُمْطَرُون، دَفُّوا يَدِفُّونَ. وَقَالَ: دَفَّتْ دَافَّةٌ أَي أَتى قَوْمٌ مِنْ أَهلِ البادِيةِ قَدْ أُقْحِمُوا. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هِيَ الجَماعةُ مِنَ النَّاسِ تُقْبِلُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ. وَيُقَالُ: دَفَّتْ عَلَيْنَا مِنْ بَنِي فُلَانٍ دافَّةٌ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ لِمَالِكِ بْنِ أَوْس: يَا مالِ، إِنَّهُ دَفَّتْ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ دافَّةٌ وَقَدْ أَمَرْنا لَهُمْ برَضْخٍ فاقْسِمْه فِيهِمْ

؛ قَالَ أَبو عَمْرٍو: الدَافَّةُ الْقَوْمُ يَسِيرُونَ جَمَاعَةً، لَيْسَ بِالشَّدِيدِ «١». وَفِي حَدِيثِ لُحُومِ الأَضاحي:

إِنَّمَا نَهَيْتُكم عَنْهَا مِنْ أَجلِ الدَّافَّةِ

؛ هُمْ قَوْمٌ يَسِيرون جَمَاعَةً سَيْراً لَيْسَ بالشَّديد. يُقَالُ: هُمْ قَوْمٌ يَدِفُّونَ دَفِيفاً. والدافَّةُ: قَوْمٌ مِنَ الأَعْراب يُرِيدُونَ المِصْر؛ يُرِيدُ أَنهم قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عِنْدَ الأَضحى فَنَهَاهُمْ عَنِ ادِّخارِ لُحُوم الأَضاحي ليُفَرِّقُوها ويَتَصَدَّقُوا بِهَا فيَنْتَفعَ أُولئك القادِمون بِهَا. وَفِي حَدِيثِ

سَالِمٍ: أَنه كَانَ يَلي صَدَقةَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَإِذَا دَفَّتْ دافَّةٌ مِنَ الأَعْراب وجَّهَها فِيهِمْ.

وَفِي حَدِيثِ

الأَحنف قَالَ لمعاوِيةَ: لَوْلَا عَزْمةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لأَخبرته أَن دَافَّةً دفَّتْ.

وَفِي الْحَدِيثِ

أَن أَعرابيّاً قَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، هَلْ فِي الْجَنَّةِ إِبِلٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، إنَّ فِيهَا النجائِبَ تَدِفُّ برُكْبانها

أَي تَسِيرُ بِهِمْ سَيْراً لَيِّناً، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ:

طَفِقَ القومُ يَدِفُّونَ حَوْلَه.

والدَّافَّةُ: الْجَيْشُ يَدِفُّون نَحْوَ العدوِّ أَي يَدِبُّون. وتَدافَّ القومُ إِذَا ركِبَ بعضهُم بَعْضًا. ودَفَّفَ عَلَى الجَريح كَذَفَّفَ: أَجْهَزَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ دَافَّه مُدافَّةً ودِفافاً ودَافَّاه؛ الأَخيرة جُهَنِيَّةٌ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنه دَافَّ أَبا جَهْلِ يَوْمَ بَدْرٍ

أَي أَجْهَزَ عَلَيْهِ وحَرَّرَ قَتْلَه. يُقَالُ: دَافَفْتُ عَلَيْهِ ودافَيْتُه ودَفَّفْت عَلَيْهِ تَدْفِيفاً، وَفِي رِوَايَةٍ:

أَقْعَصَ ابْنَا عَفْرَاءَ أَبا جَهْلٍ ودَفَّفَ عَلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ

، وَيُرْوَى بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَاهُ. وَفِي حَدِيثِ

خَالِدٍ: أَنه أَسَرَ مَنْ بَنِي جَذيمة قَوْمًا فَلَمَّا كَانَ الليلُ نَادَى مُنَادِيَهُ: أَلا مَنْ كَانَ مَعَهُ أَسير فليدافِّه

، مَعْنَاهُ ليجهزْ عَلَيْهِ. يُقَالُ: دَافَفْتُ الرَّجُلَ دِفَافاً ومُدافَّة وَهُوَ إجْهازُك عَلَيْهِ؛ قَالَ رؤْبة:

لَمَّا رَآنِي أُرْعِشَتْ أَطْرافي، ... كَانَ مَعَ الشَّيْبِ منَ الدِّفَافِ

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: فَلْيُدافِه، بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ، مِنْ دافَيْتُه، وَهِيَ لُغَةٌ لجُهَينة؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ:

أَنه أُتِيَ بأَسيرٍ فَقَالَ: أَدْفُوه

؛


(١). أراد: سيراً ليس بالشديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>