للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَزَاحِفُ الحَيّاتِ: آثَارُ انْسِيابها ومَواضعُ مَدَبِّها؛ قَالَ المُتَنَخِّلُ الهُذَليّ:

شَرِبْتُ بِجَمِّه وصَدَرْتُ عَنْهُ، ... وأَبْيَضُ صارِمٌ ذكَرٌ إباطِي

كأَنَّ مَزاحِفَ الحَيّاتِ فِيهِ، ... قُبَيْلَ الصُّبْحِ، آثارُ السِّياطِ

وَهَذَا الْبَيْتُ ذِكْرَهُ الْجَوْهَرِيُّ:

كأَنَّ مَزَاحِفَ الحَيّاتِ فِيهَا

وَالصَّوَابُ فِيهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَمِنَ الحَيّاتِ الزَّحَّافُ، وَهُوَ الَّذِي يَمْشي عَلَى أَثْنائِه كَمَا تَمْشِي الأَفْعى. ومَزَاحِفُ السَّحابِ: حيثُ وَقَعَ قَطْرُه وزَحَفَ إِلَيْهِ؛ قَالَ أَبو وجْزةَ:

أَخْلى بلِينةَ والرَّنْقاء مَرْتَعَه، ... يَقْرُو مَزَاحِفَ جَوْنٍ ساقِطِ الرَّبَبِ

أَراد ساقِطَ الرَّبابِ فَقَصَرَهُ وَقَالَ الرَّبَب. وَالْقَوْمُ يَتَزَاحَفُون ويَزْدَحِفون إِذَا تَدَانَوْا فِي الْحَرْبِ. ابْنُ سِيدَهْ: ونارُ الزَّحْفَتَيْنِ نارُ العَرْفَجِ، وَذَلِكَ أَنها سَرِيعَةُ الأَخْذِ فِيهِ لأَنه ضِرامٌ، فَإِذَا الْتَهَبَتْ زَحَفَ عَنْهَا مُصْطَلُوها أُخُراً ثُمَّ لَا تَلْبَثُ أَن تَخْبُوَ فَيَزْحَفُونَ إِلَيْهَا راجعينَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ونارُ الزَّحْفَتَيْن نارُ الشِّيحِ والأَلاء لأَنه يُسْرِعُ الاشْتِعالُ فِيهِمَا فَيُزْحَفُ عَنْهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْمَعْرُوفُ أَنه نارُ العَرْفَجِ وَلِذَلِكَ يُدْعى أَبا سَريع لسُرعْةِ النارِ فِيهِ، وَتُسَمَّى نارُه نارَ الزَّحْفَتَيْنِ لأَنه يُسْرِعُ الِالْتِهَابَ فَيُزْحَفُ عَنْهُ ثُمَّ لَا يَلْبَثُ أَن يَخْبو فيُزْحف إليه؛ وأَنشد أَبو العميثل:

وسَوْداء المعاصِمِ، لَمْ يُغادِرْ ... لَهَا كَفَلًا صِلاءُ الزَّحْفَتَيْنِ

وَقِيلَ لامرأَة مِنَ الْعَرَبِ: مَا لَنا نَراكُنَّ رُسْحاً؟ فَقَالَتْ: أَرْسَحَتْنا نارُ الزحْفَتَيْنِ. وزَحَفَ فِي الْمَشْيِ يَزْحَفُ زَحْفاً وزَحَفاناً: أَعْيا. قَالَ أَبو زَيْدٍ: زَحَفَ المُعْيي يَزْحَفُ زَحْفاً وزُحُوفاً، وزَحَفَ الْبَعِيرُ يَزْحَفُ زَحْفاً وزُحُوفاً وزَحَفاناً وأَزْحَف: أَعْيا فجَرَّ فِرْسِنَه، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَعيا فَقَامَ عَلَى صَاحِبِهِ، فَهُوَ مُزْحِفٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:

قال ابنُ أُمِّ إياسٍ: ارْحَلْ ناقَتي، ... عَمْروٌ، فَتَبْلُغُ حاجَتي أَو تُزْحِفُ

وَبَعِيرٌ زاحِفٌ مِنْ إِبِلٍ زَواحِفَ، الْوَاحِدَةُ زاحِفةٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

مُسْتَقْبِلِينَ شَمالَ الشامِ تَضْرِبُنا ... بِحاصِبٍ كَنَديفِ القُطْنِ مَنْثُورِ

عَلَى عَمائمنا تُلْقى، وأَرحُلُنا ... عَلَى زَواحِفَ، نُزْجِيها، مَحاسيرِ

وَنَاقَةٌ زَحُوفٌ مِنْ إِبِلٍ زُحُفٍ، ومِزْحافٌ مِنْ إِبِلٍ مَزاحِيفَ ومَزاحِفَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَادَتِهِ فَهُوَ مزْحَافٌ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ وَذَكَرَ حَفْرَ قَبْرِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانُوا قَدْ حَفَروا لَهُ فِي الحَرَّة فَشَبَّهَ المَساحِيَ الَّتِي تُضرب بِهَا الأَرض بِطَيْرٍ عائفةٍ عَلَى إِبِلٍ سُود مَعايا قَدِ اسودّتْ مِنَ العَرَق بِهَا دَبَرٌ وشَبَّه سَوادَ الحرَّة بالإِبل السُّودِ:

حَتَّى كأَنَّ مَساحِي القومِ، فَوْقَهُمُ، ... طيرٌ تَحُومُ عَلَى جُونٍ مَزاحِيفِ

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: شبَّه المساحِيَ الَّتِي حَفَرُوا بِهَا الْقَبْرَ بِطَيْرٍ تَقَعُ عَلَى إِبِلٍ مزاحِيفَ وَتَطِيرُ عَنْهَا بِارْتِفَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>