للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَهْمُوزٌ، لأَبي زَيْدٍ، والجَرِيئَةُ مِثَالُ خَطِيئةٍ: بَيْتٌ يُبْنى مِنْ حِجارة ويُجعل عَلَى بَابِهِ حَجَر يَكُونُ أَعلى الْبَابِ ويَجْعلون لحمَةَ السَّبُع فِي مُؤَخَّر الْبَيْتِ، فَإِذَا دَخل السبُعُ فَتناوَلَ اللَّحْمَةَ سقَط الحَجرُ عَلَى الْبَابِ فسَدَّه، وجَمْعُها جَرائِئُ، كَذَلِكَ رَوَاهُ أَبو زَيْدٍ، قَالَ: وَهَذَا مِنَ الأُصول الْمَرْفُوضَةِ عِنْدَ أَهل الْعَرَبِيَّةِ إلَّا في الشُّذُوذ.

جَزَأَ: الجُزْء والجَزْءُ: البعْضُ، وَالْجَمْعُ أَجْزاء. سِيبَوَيْهِ: لَمْ يُكَسَّر الجُزءُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وجَزَأَ الشيءَ جَزْءاً وجَزَّأَه كِلَاهُمَا: جَعله أَجْزاء، وَكَذَلِكَ التجْزِئةُ. وجَزَّأَ المالَ بَيْنَهُمْ مُشَدَّدٌ لَا غَيْرُ: قَسَّمه. وأَجزأَ مِنْهُ جُزْءاً: أَخذه. والجُزْءُ، فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: النَّصِيبُ، وَجَمْعُهُ أَجْزَاء؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

قرأَ جُزْأَه مِن اللَّيْلِ

؛ الجُزْءُ: النَّصِيبُ والقِطعةُ مِنَ الشَّيْءِ،

وَفِي الْحَدِيثِ: الرُّؤْيا الصّالِحةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وأَربعين جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّة

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَإِنَّمَا خَصَّ هَذَا العدَدَ الْمَذْكُورَ لأَن عُمُرَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ فِي أَكثر الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ كَانَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَتْ مدّةُ نُبُوَّتِه مِنْهَا ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً لأَنه بُعث عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الأَربعين، وَكَانَ فِي أَوّل الأَمر يَرَى الْوَحْيَ فِي الْمَنَامِ، ودامَ كَذَلِكَ نِصْفَ سَنَةٍ، ثُمَّ رأَى المَلَكَ فِي اليَقَظة، فَإِذَا نَسَبْتَ مُدَّةَ الوَحْيِ فِي النَّوْمِ، وَهِيَ نِصْفُ سَنَةٍ، إِلَى مُدّة نُبُوَّتِهِ، وَهِيَ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، كانتْ نِصْفَ جُزْءٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءاً، وَهُوَ جزءٌ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ وأَربعين جُزْءًا؛ قَالَ: وَقَدْ تَعَاضَدَتِ الرِّوَايَاتُ فِي أَحاديث الرُّؤْيَا بِهَذَا الْعَدَدِ، وَجَاءَ، فِي بَعْضِهَا، جزءٌ من خمسة وأَربعين جُزْءاً، ووَجْهُ ذَلِكَ أَنّ عُمُره لَمْ يَكُنْ قَدِ اسْتَكْمَلَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَمَاتَ فِي أَثناء السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالسِّتِّينَ، ونِسبةُ نصفِ السَّنَةِ إِلَى اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً وبعضِ الْأُخْرَى، كَنِسْبَةِ جزء من خمسة وأَربعين؛ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: جُزْءٌ مِنْ أَربعين، وَيَكُونُ مَحْمُولًا عَلَى مَن رَوى أَنّ عُمُرَهُ كَانَ سِتِّينَ سَنَةٍ، فَيَكُونُ نِسْبَةُ نِصْفِ سَنَةٍ إِلَى عِشْرِينَ سَنَةٍ، كَنِسْبَةِ جزءٍ إِلَى أَربعين. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

الهَدْيُ الصّالِحُ والسَّمْتُ الصّالِحُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ

: أَي إِنَّ هَذِهِ الخِلالَ مِنْ شَمائلِ الأَنْبياء وَمِنْ جُملة الخصالِ الْمَعْدُودَةِ مِنْ خِصَالِهِمْ وإِنها جزءٌ مَعْلُومٌ مِنْ أَجزاء أَفعالِهم فاقْتَدوُا بِهِمْ فِيهَا وتابِعُوهم، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أنَّ النُّبوّة تتجزأُ، وَلَا أَنّ مَنْ جمَع هَذِهِ الخِلالَ كَانَ فِيهِ جُزءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ، فَإِنَّ النبوَّة غَيْرُ مُكْتَسَبةٍ وَلَا مُجْتَلَبة بالأَسباب، وإِنما هِيَ كَرامةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بالنبوّة هاهنا مَا جاءتْ بِهِ النُّبُوَّةُ ودَعَت إِلَيْهِ مِنَ الخَيْرات أَي إِن هَذِهِ الخِلَال جزءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِمَّا جَاءَتْ بِهِ النُّبُوَّةُ ودَعا إِلَيْهِ الأَنْبياء. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكين عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مالٌ غيرهُم، فَدَعَاهُمْ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَزَّأَهم أَثلاثاً ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فأَعْتَق اثْنَيْنِ وأَرقَّ أَربعة

: أَي فَرَّقهم أَجزاء ثَلَاثَةً، وأَراد بالتَّجْزِئَةِ أَنه قسَّمَهم عَلَى عِبْرة الْقِيمَةِ دُونَ عَدَد الرُّءُوس إِلا أَنَّ قِيمَتَهُمْ تَسَاوَتْ فِيهِمْ، فَخَرَجَ عددُ الرُّءُوس مُسَاوِيًا للقِيَم. وعَبيدُ أَهلِ الحِجاز إِنما هُم الزُّنوجُ والحَبَشُ غَالِبًا والقِيَمُ فِيهِمْ مُتساوِية أَو مُتقارِبة، ولأَن الغرَض أَن تَنْفُذ وصِيَّته فِي ثُلُث مَالِهِ، والثلُثُ إِنَّمَا يُعتبر بالقِيمة لَا بالعَدَد. وَقَالَ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وأَحمد، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ: يُعْتَقُ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ويُسْتَسْعَى فِي ثُلُثَيْهِ. التَّهْذِيبُ: يُقَالُ: جَزَأْتُ المالَ بَيْنَهُمْ وجَزَّأْتُه: أَي قسَّمْته.

<<  <  ج: ص:  >  >>