فصَبَرْتُ عَارِفَةً لِذَلِكَ حُرَّةً، ... تَرْسُو إِذَا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ
تَرْسو: تَثْبُتُ وَلَا تَطلَّع إِلَى الخَلْق كنفْس الْجَبَانِ؛ يَقُولُ: حَبَسْتُ نَفْساً عَارِفَةً أَي صَابِرَةً؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لمُزاحِم العُقَيْلي:
وقفْتُ بِهَا حَتَّى تَعالَتْ بيَ الضُّحى، ... ومَلَّ الوقوفَ المُبْرَياتُ العَوَارِفُ
المُبرياتُ: الَّتِي فِي أُنوفِها البُرة، والعَوَارِفُ: الصُّبُر. وَيُقَالُ: اعْتَرَفَ فُلَانٌ إِذَا ذَلَّ وانْقاد؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:
أَتَضْجَرينَ والمَطِيُّ مُعْتَرِفْ
أَي تَعْرِف وتصْبر، وذكَّر مُعْتَرِفْ لأَن لَفْظَ الْمَطِيِّ مُذَكَّرٌ. وعَرَفَ بذَنْبه عُرْفاً واعْتَرَفَ: أَقَرَّ. وعَرَفَ لَهُ: أَقر؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
عَرَفَ الحِسانُ لَهَا غُلَيِّمةً، ... تَسْعى مَعَ الأَتْرابِ فِي إتْبِ
وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا أَعْرِفُ لأَحد يَصْرَعُني أَي لَا أُقِرُّ بِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: أَطْرَدْنا المعترِفين
؛ هُمُ الَّذِينَ يُقِرُّون عَلَى أَنفسهم بِمَا يَجِبُ عليهم فيه الحدّ والتعْزيز. يُقَالُ: أَطْرَدَه السُّلْطَانُ وطَرَّده إِذَا أَخرجه عَنْ بَلَدِهِ، وطرَدَه إِذَا أَبْعَده؛ وَيُرْوَى:
اطْرُدُوا الْمُعْتَرِفِينَ
كأَنه كَرِهَ لَهُمْ ذَلِكَ وأَحبّ أَن يَسْتُرُوهُ عَلَى أَنفسهم. والعُرْفُ: الِاسْمُ مِنَ الاعْتِرافِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ عُرْفاً أَي اعتِرافاً، وَهُوَ تَوْكِيدٌ. وَيُقَالُ: أَتَيْتُ مُتنكِّراً ثُمَّ اسْتَعْرَفْتُ أَي عرَّفْته مَنْ أَنا؛ قَالَ مُزاحِمٌ العُقَيْلي:
فاسْتَعْرِفَا ثُمَّ قُولا: إنَّ ذَا رَحِمٍ ... هَيْمان كَلَّفَنا مِنْ شأْنِكُم عَسِرا
فإنْ بَغَتْ آيَةً تَسْتَعْرِفانِ بِهَا، ... يَوْمًا، فقُولا لَهَا العُودُ الَّذِي اخْتُضِرا
والمَعْرُوف: ضدُّ المُنْكَر. والعُرْفُ: ضِدُّ النُّكْر. يُقَالُ: أَوْلاه عُرفاً أَي مَعْروفاً. والمَعْرُوف والعَارِفَةُ: خِلَافُ النُّكر. والعُرْفُ والمَعْرُوف: الجُود، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ مَا تبْذُلُه وتُسْديه؛ وحرَّك الشَّاعِرُ ثَانِيهِ فَقَالَ:
إِنَّ ابنَ زَيْدٍ لَا زالَ مُسْتَعْمِلًا ... للخَيْرِ، يُفْشِي فِي مِصْرِه العُرُفا
والمَعْرُوف: كالعُرْف. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً
، أَي مُصَاحَبًا مَعْرُوفًا؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: المَعْرُوف هُنَا مَا يُستحسن مِنَ الأَفعال. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ
، قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: المَعْرُوف الكسْوة والدِّثار، وأَن لَا يُقَصِّرَ الرَّجُلُ فِي نَفَقَةِ المرأَة الَّتِي تُرْضع وَلَدَهُ إِذَا كَانَتْ وَالِدَتَهُ، لأَن الْوَالِدَةَ أَرْأَفُ بِوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهَا، وحقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَن يأْتمر فِي الْوَلَدِ بِمَعْرُوفٍ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً
؛ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِيهَا: إِنَّهَا أُرْسِلَت بالعُرف والإِحسان، وَقِيلَ: يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ أُرسلوا لِلْمَعْرُوفِ والإِحسان. والعُرْفُ والعَارِفَة والمَعرُوفُ وَاحِدٌ: ضِدُّ النُّكْرِ، وَهُوَ كلُّ مَا تَعْرِفه النَّفْسُ مِنَ الخيْر وتَبْسَأُ بِهِ وتَطمئنّ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ أُرسلت مُتتابعة. يُقَالُ: هُوَ مُستعار مِنْ عُرْف الْفَرَسِ أَي يتتابَعون كعُرْف الْفَرَسِ. وَفِي حَدِيثِ