للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَانِبَاهُ. وعَطَفَ عَلَيْهِ أَي كَرَّ؛ وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لأَبي وَجْزَةَ:

العَاطِفُون، تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ، ... والمُطْعِمُون، زَمان أَيْنَ المُطْعِمُ؟

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَرْتِيبُ إِنْشَادِ هَذَا الشِّعْرِ:

العَاطِفُون، تَحِينَ مَا مِنْ عَاطِفٍ، ... والمُنْعِمُون يَدًا، إِذَا مَا أَنْعَمُوا

واللَّاحِقُون جِفانَهم قَمعَ الذُّرَى، ... والمُطْعِمُون، زَمَانَ أَينَ المُطعِمُ؟

وثنَى عِطْفَه: أَعْرض. ومرَّ ثانيَ عِطْفِه أَي رَخِيَّ البالِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ

؛ قَالَ الأَزهري: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن مَعْنَاهُ لاوِياً عُنقَه، وَهَذَا يُوصَفُ بِهِ المتكبِّر، فَالْمَعْنَى ومِن النَّاسِ مَنْ يُجادِل فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ثَانِيًا عِطْفَه أَي مُتَكَبِّرًا، ونَصْبُ ثانيَ عِطْفِه عَلَى الْحَالِ، وَمَعْنَاهُ التَّنْوِينُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ؛ أَي بالِغاً الكعبةَ؛ وَقَالَ أَبو سَهْمٍ الْهُذَلِيُّ يَصِفُ حِماراً:

يُعالِج بالعِطْفَينِ شَأْواً كأَنه ... حَريقٌ، أُشِيعَتْه الأَباءَةُ حاصِدُ

أَراد أُشِيعَ فِي الأَباءة فَحَذَفَ الْحَرْفَ وقلَب. وحاصِدٌ أَي يَحْصِدُ [يَحْصُدُ] الأَباءة بإِحْراقه إِيَّاهَا. ومرَّ ينظُر فِي عِطفَيْه إِذَا مرَّ مُعجَباً. والعِطَافُ: الإِزار. والعِطَافُ: الرِّداء، وَالْجَمْعُ عُطُفٌ وأَعْطِفَة، وَكَذَلِكَ المِعْطَفُ وَهُوَ مِثْلُ مِئْزَر وإِزَار ومِلْحَف ولِحَاف ومِسْرَد وسِرادٍ، وَكَذَلِكَ مِعْطَف وعِطَافٌ، وَقِيلَ: المَعَاطِفُ الأَرْدِيَةُ لَا وَاحِدَ لَهَا، واعْتَطَفَ بِهَا وتَعَطَّفَ: ارْتدى. وَسُمِّيَ الرِّداء عِطَافاً لوقُوعه عَلَى عِطْفَي الرَّجُلِ، وَهُمَا نَاحِيَتَا عُنُقِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

سُبحان مَن تَعَطَّفَ بالعِزِّ وَقَالَ بِهِ

، وَمَعْنَاهُ سُبْحَانَ مَنْ تَرَدَّى بِالْعِزِّ؛ والتَّعَطُّفُ فِي حقِّ اللَّهِ مَجازٌ يُراد بِهِ الِاتِّصَافُ كأَنَّ الْعِزَّ شَمِله شُمولَ الرِّداء؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الأَثير، وَلَا يُعْجِبُنِي قَوْلُهُ كأَنّ الْعِزَّ شَمله شمولَ الرِّداء، وَاللَّهُ تَعَالَى يَشْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ الأَزهري: الْمُرَادُ بِهِ عِزُّ اللَّهِ وجَماله وجَلاله، وَالْعَرَبُ تَضَعُ الرِّداء مَوْضِعَ البَهْجة والحُسن وتَضَعُه مَوْضِعَ النَّعْمة وَالْبَهَاءِ. والعُطُوفُ: الأَرْدِيةُ. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

حَوَّل رِداءه وَجَعَلَ عِطَافَه الأَيمنَ عَلَى عَاتِقِهِ الأَيسر

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: إِنَّمَا أَضاف العِطَاف إِلَى الرِّداء لأَنه أَراد أَحد شِقَّي العِطَاف، فَالْهَاءُ ضَمِيرُ الرِّدَاءِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ لِلرَّجُلِ، وَيُرِيدُ بالعِطَافِ جانبَ رِدَائِهِ الأَيمن؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ الله عَنْهُمَا: خَرَجَ مُتَلَفِّعاً بعِطَاف.

وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: فَنَاوَلْتُهَا عِطَافاً كَانَ عليَّ فرأَت فِيهِ تَصْلِيباً فَقَالَتْ: نَحِّيه عَنِّي.

والعِطَاف: السَّيْفُ لأَن الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ رِدَاءً؛ قَالَ:

وَلَا مالَ لِي إِلَّا عِطَافٌ ومِدْرَعٌ، ... لَكُمْ طَرَفٌ مِنْهُ حَديدٌ، وَلِي طَرَفْ

الطَّرَفْ الأَوَّلُ: حَدُّه الَّذِي يُضرب بِهِ، والطرَف الثَّانِي: مَقْبِضُه؛ وَقَالَ آخَرُ:

لَا مالَ إِلَّا العِطَافُ، تُؤْزِرهُ ... أُمُّ ثَلَاثِينَ وابنةُ الجَبَلِ

لَا يَرْتَقي النَّزُّ فِي ذَلاذِلِه، ... وَلَا يُعَدِّي نَعْلَيْه مِنْ بَلَلِ

عُصْرَتُه نُطْفةٌ، تَضَمَّنَها ... لِصْبٌ تَلَقَّى مَواقِعَ السَّبَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>