مِنَ القَرَف التَّلَفَ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: القَرَف مُلَابَسَةُ الدَّاءِ وَمُدَانَاةُ الْمَرَضِ، والتَّلَف الْهَلَاكُ؛ قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ العَدْوى وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الطِّبِّ، فَإِنَّ اسْتِصْلَاحَ الْهَوَاءِ مِنْ أَعون الأَشياء عَلَى صِحَّةِ الأَبدان، وَفَسَادُ الْهَوَاءِ مِنْ أَسرع الأَشْياء إِلَى الأَسقام. والقِرْفَة: الهُجْنة. والمُقْرِفُ: الَّذِي دَانَى الهُجْنة مِنَ الْفَرَسِ وَغَيْرِهِ الَّذِي أُمه عَرَبِيَّةٌ وأَبوه لَيْسَ كَذَلِكَ لأَن الإِقْرَاف إِنَّمَا هُوَ مِنْ قِبَل الفَحْل، والهُجْنَة مِنْ قِبَل الأُم. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه رَكِبَ فَرَسًا لأَبي طَلْحَةَ مُقْرِفاً
؛ المُقْرِفُ مِنَ الْخَيْلِ الهَجين وَهُوَ الَّذِي أُمه بِرْذَوْنةٌ وأَبوه عَربي، وَقِيلَ بالعكْس، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي دَانَى الْهُجْنَةَ مِنْ قِبَل أَبيه، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي دَانَى الْهُجْنَةَ وقارَبَها؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كتَبَ إِلَى أَبي مُوسَى فِي البَراذين: مَا قَارَفَ العِتاق مِنْهَا فَاجْعَلْ لَهُ سَهْمًا وَاحِدًا
، أَي قارَبَها وَدَانَاهَا. وأَقْرَفَ الرجلُ وَغَيْرُهُ: دَنا مِنَ الهُجْنَة. والمُقْرِف أَيضاً: النَّذْل؛ وَعَلَيْهِ وُجّه قَوْلِهِ:
فَإِنْ يَكُ إقْرَافٌ فَمِنْ قِبَلِ الفَحْلِ
وَقَالُوا: مَا أَبْصَرَتْ عَيْني وَلَا أَقْرَفَتْ يَدِي أَي مَا دنَتْ مِنْهُ، وَلَا أَقْرَفْتُ لِذَلِكَ أَي مَا دانيتُه وَلَا خَالَطْتُ أَهله. وأَقْرَفَ لَهُ أَي دَانَاهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:
نَتوج، وَلَمْ تُقْرِفْ لِما يُمْتَنى لَهُ، ... إِذَا نُتِجَتْ ماتَتْ وحَيَّ سَليلُها
لَمْ تُقْرِفْ: لَمْ تُدانِ ما له مُنْية. والمُنْية: انتِظار لَقْح النَّاقَةِ مِنْ سَبْعَةِ أَيام إِلَى خمْسة عَشَر يَوْمًا. وَيُقَالُ: مَا أَقْرَفَتْ يَدِي شَيْئًا مِمَّا تَكرَه أَي مَا دانَت وَمَا قَارَفَتْ. ووَجْه مُقْرِفٌ: غيرُ حَسَن؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تُريكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غيرَ مُقْرِفةٍ، ... مَلْساءَ، لَيْسَ بِهَا خالٌ وَلَا نَدَبُ
والمُقَارَفَة والقِراف: الْجِمَاعُ. وقَارَفَ امرأَته: جَامَعَهَا. وَمِنْهُ حَدِيثُ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إنْ كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لَيُصْبِح جُنُباً مِنْ قِرَافٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ثُمَّ يصومُ
، أَي مِنْ جِمَاعٍ. وَفِي الْحَدِيثِ فِي دَفْن أُم كُلثوم:
مَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَمْ يُقَارِفْ أَهله اللَّيْلَةَ فليَدْخُل قبرَها.
وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذافة: قَالَتْ لَهُ أُمه: أَمِنْتَ أَن تَكُونَ أُمُّك قَارَفَتْ بَعْضَ مَا يُقَارِفُ أَهلُ الْجَاهِلِيَّةِ
، أَرادت الزِّنَا. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ مِقْرَافٌ لِلذُّنُوبِ
أَي كَثِيرُ الْمُبَاشَرَةِ لَهَا، ومِفْعالٌ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ. والقَرْف: وِعاء مِنْ أَدَمٍ، وَقِيلَ: يُدبَغُ بالقِرْفَة أَي بقُشور الرُّمَّانِ ويُتَّخذ فِيهِ الخَلْع. وَهُوَ لَحْمٌ يُتَّخذ بتوابِلَ فيُفْرَغُ فِيهِ، وَجَمْعُهُ قُرُوف؛ قَالَ مُعقِّر بْنُ حِمار البارِقيّ:
وذُبْيانيَّة وصَّت بَنِيهَا: ... بأَنْ كذَبَ القَراطِفُ والقُرُوفُ
أَي عَلَيْكُمْ بالقَراطِف والقُرُوف فاغْنموها. وَفِي التَّهْذِيبِ: القَرْف شَيْءٌ مِنْ جُلود يُعمل فِيهِ الخَلْع، والخَلع: أَن يُؤخذ لحمُ الجَزُور ويُطبَخَ بِشَحْمِهِ ثُمَّ تُجعل فِيهِ توابلُ ثُمَّ تُفْرغ فِي هَذَا الْجِلْدِ. وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ كذَب الْقَرَاطِفُ وَالْقُرُوفُ قَالَ: القَرْف الأَديم، وَجَمْعُهُ قُرُوفٌ. أَبو عَمْرٍو: القُرُوف الأَدَم الحُمر، الْوَاحِدُ قَرْف. قَالَ: والقُرُوف والظُّروف بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لِكُلِّ عَشْر مِنَ السَّرَايَا مَا