للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزِّحام؛ يُرِيدُ أَنهم يتقدَّمون الأُممَ إِلَى الْجَنَّةِ وَهُمْ عَلَى إِثْرِهِمْ بِداراً مُتدافعين ومُزْدَحِمين. وَقَالَ غَيْرُهُ: الانْقِصَافُ الانْدِفاع. يُقَالُ: انْقَصَفُوا عَنْهُ إِذَا تَرَكُوهُ ومرُّوا؛ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَن النَّبِيِّينَ يَتَقَدَّمُونَ أُممهم فِي الْجَنَّةِ والأُمم عَلَى أَثرهم يُبَادِرُونَ دُخُولَهَا فيَقْصِفُ بعضُهم بَعْضًا أَي يَزْحَمُ بعضُهم بَعْضًا بِداراً إِلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَاهُ أَنا وَالنَّبِيُّونَ مُتَقَدِّمُونَ فِي الشَّفَاعَةِ كَثِيرِينَ مُتَدَافِعِينَ مُزْدَحِمين. وَيُقَالُ: سَمِعْتُ قَصْفَة الناسِ أَي دَفْعَتهم وزَحْمتَهم؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

كقَصْفَةِ الناسِ مِنَ المُحْرَنْجِمِ

وَرُوِيَ فِي حَدِيثٍ

عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لما يَهُمُّني مِنِ انْقِصَافِهِم عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ أَهَمُّ عِنْدِي مِنْ تَمَامِ شفاعَتي

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي أَنّ اسْتِسْعادَهم بِدُخُولِ الْجَنَّةِ وأَن يَتِمَّ لَهُمْ ذَلِكَ أَهمُّ عِنْدِي مِنْ أَن أَبلغ أَنا مَنْزِلَةَ الشَّافِعِينَ المُشَفَّعين، لأَن قَبُولَ شَفَاعَتِهِ كَرَامَةٌ لَهُ، فَوُصُولُهُمْ إِلَى مُبْتَغَاهُمْ آثَرُ عِنْدَهُ مِنْ نَيل هَذِهِ الْكَرَامَةِ لفَرْط شفَقته، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أُمته. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ يُصَلِّي ويَقرأُ الْقُرْآنَ فتَتَقَصَّفُ عَلَيْهِ نِسَاءُ الْمُشْرِكِينَ وأَبناؤهم

أَي يَزْدَحِمون. وَفِي حَدِيثِ

الْيَهُودِيِّ: لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ: تَرَكْتُ بَنِي قَيْلة يَتَقَاصَفُون عَلَى رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنه نَبِيٌّ.

وَفِي الْحَدِيثِ:

شَيَّبَتْني هُود وأَخواتُها قَصَّفْن عليَّ الأُمم

أَي ذُكر لِي فِيهَا هَلَاكُ الأُمم وقُصَّ عليَّ فِيهَا أَخبارهم حَتَّى تَقَاصَفَ بعضُها عَلَى بَعْضٍ، كأَنَّها ازْدَحَمَتْ بِتتابُعها. وَرَجُلٌ صَلِفٌ قَصِفٌ: كأَنه يُدافع بِالشَّرِّ. وانْقَصَفُوا عَلَيْهِ: تتابَعُوا. والقَصْفَةُ: رِقَّةٌ تَخْرُجُ فِي الأَرْطى، وَجَمْعُهَا قَصْفٌ، وَقَدْ أَقْصَفَ، وَقِيلَ: القَصْفَة قِطعة مِنْ رَمْلٍ تَتَقَصَّفُ مِنْ مِعْظَمِه؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، وَالْجَمْعُ قَصْف وقُصْفانٌ مِثْلَ تَمْرة وتَمْر وتُمْران، والقَصْفَة: مِرْقاة الدَّرَجَةِ مِثْلُ القَصْمة، وَتُسَمَّى المرأَة الضَّخْمة القِصَاف. وَفِي الْحَدِيثِ:

خَرَجَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى صَعْدةٍ يَتْبَعُهَا حُذاقيٌّ عَلَيْهَا قَوْصَفٌ لَمْ يَبق مِنْهُ إِلَّا قَرْقَرُها

؛ قَالَ: والصَّعْدة الأَتانُ، والحُذاقيُّ الجَحْش، والقَوصَفُ القَطِيفة، والقَرْقر ظَهْرُهَا. والقَصِيف: هَشيم الشَّجَرِ. والتَّقَصُّفُ: التكسُّر. وَيُقَالُ: قَصِفَ النبْتُ يَقْصَفُ قَصَفاً، فَهُوَ قَصِفٌ إِذَا طَالَ حَتَّى انْحَنَى مِنْ طُوله؛ قَالَ لَبِيدٍ:

حَتَّى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بفاخِرٍ ... قَصِفٍ، كأَلوان الرِّجال، عَميم

أَي نَبْتٍ فاخِر. والبَرْدِيُّ إِذَا طَالَ يُقَالُ لَهُ القَصِيفُ. وبنو قِصَافٍ: بطن.

قضف: القَضَافَةُ: قِلَّة اللَّحْمِ. والقَضَفُ: الدِّقة. والقَضِيفُ: الدَّقيق الْعَظْمِ الْقَلِيلُ اللَّحْمِ، وَالْجَمْعُ قُضَفَاء وقِضَاف. وَقَدْ قَضُفَ، بِالضَّمِّ: يَقْضُفُ قَضَافَة وقَضَفاً، فَهُوَ قَضِيف أَي نَحِيف. وَقَدْ جَاءَ القَضَفُ فِي الشِّعْرِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ الخَطِيم:

بينَ شُكولِ النِّسَاءِ خِلْقَتُها ... قَصْد، فَلَا جَبْلة وَلَا قَضَفُ

وَجَارِيَةٌ قَضِيفَة إِذَا كَانَتْ مَمْشوقة، وَجَمْعُهَا قِضَاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>