للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعَ لَا يُقَالُ قَاتِلُوهُمْ كَافَّات وَلَا كَافِّين، كَمَا أَنك إِذَا قُلْتَ قاتِلْهم عَامَّةً لَمْ تثنِّ وَلَمْ تُجْمَعْ، وَكَذَلِكَ خَاصَّةً وَهَذَا مَذْهَبُ النَّحْوِيِّينَ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُ ابْنِ رَوَاحَةَ الأَنصاري:

فسِرْنا إِلَيْهِمْ كَافَّةً فِي رِحالِهِمْ ... جَمِيعًا، عَلَيْنَا البَيْضُ لَا نَتَخَشَّعُ

فَإِنَّمَا خَفَّفَهُ ضَرُورَةً لأَنه لَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ ساكِنين فِي حَشْوِ الْبَيْتِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْآخَرِ:

جَزى اللهُ الروابَ جَزَاءَ سَوْءٍ، ... وأَلْبَسَهُنّ مِنْ بَرَصٍ قَمِيصا

وَهُوَ جَمْعُ رَابَّةٍ. وأَكافِيفُ الْجَبَلِ: حُيوده، قَالَ:

مُسْحَنْفِراً مِنْ جبالِ الرُّومِ يَسْتُره ... مِنْهَا أَكَافِيفُ، فِيمَا دُونها زَوَرُ

«٤» يَصِفُ الفُرات وجَرْيَه فِي جِبَالِ الرُّوم المُطلَّة عَلَيْهِ حَتَّى يشُق بِلَادَ الْعِرَاقِ. أَبُو سَعِيدٍ: يُقَالُ فُلَانٌ لَحْمُهُ كَفَافٌ لأَدِيمه إِذا امْتَلأ جِلْدُهُ مِنْ لَحْمِهِ، قَالَ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَب:

فُضُولٌ أَراها فِي أَديميَ بعدَ ما ... يَكُونُ كَفَافَ اللحمِ، أَو هُوَ أَجمَلُ

أَراد بِالْفُضُولِ تَغَضُّن جلده لكِبره بعد ما كَانَ مُكْتَنِزَ اللَّحْمِ، وَكَانَ الْجِلْدُ مُمْتَدًا مَعَ اللَّحْمِ لَا يَفْضُل عَنْهُ، وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

نَجُوسُ عِمارةً ونَكُفُّ أُخرى ... لَنَا، حَتَّى يُجاوزَها دَلِيلُ

رَامَ تَفْسِيرَهَا فَقَالَ: نَكُفُّ نأْخذ فِي كِفاف أُخرى، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِتَفْسِيرٍ لأَنه لَمْ يُفَسِّرِ الْكَفَافَ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْبَيْتِ: يَقُولُ نطأُ قَبِيلَةً ونتخلَّلها ونَكُفُّ أُخرى أَي نأْخذ فِي كُفَّتها، وَهِيَ نَاحِيَتُهَا، ثُمَّ ندَعها وَنَحْنُ نَقْدِرُ عَلَيْهَا. وَقَالَ الأَصمعي: يُقَالُ نفقَتُه الكَفَافُ أَيْ لَيْسَ فِيهَا فَضْلٌ إِنما عِنْدَهُ مَا يكُفُّه عَنِ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ

الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: ابْدَأْ بِمَنْ تعُولُ وَلَا تُلامُ عَلَى كَفَاف

، يَقُولُ: إِذا لَمْ يَكُنِ عِنْدَكَ فَضْل لم تُلَمْ على أَن لَا تُعْطِيَ أَحداً. الْجَوْهَرِيُّ: كَفَاف الشَّيْءِ، بِالْفَتْحِ، مِثْلُهُ وقَيْسُه، والكَفَاف أَيضاً مِنَ الرِّزق: الْقُوتُ وَهُوَ مَا كفَّ عَنِ النَّاسِ أَي أَغنى. وَفِي الْحَدِيثِ:

اللَّهُمَّ اجْعَل رِزقَ آلِ محمدٍ كَفَافاً.

والكَفَافُ مِنَ الْقُوتِ: الَّذِي عَلَى قدْر نَفَقَتِهِ لَا فَضْلَ فِيهَا وَلَا نَقْصَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الأُبَيْرِد اليَرْبوعِيّ:

أَلا لَيتَ حَظِّي مِنْ غُدانةَ أَنه ... يَكُونُ كَفَافاً: لَا عليَّ وَلَا لِيا

وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَدِدْت أَني سَلِمت مِنَ الخِلافة كَفَافاً: لَا عَلَيَّ ولا ليَ

، الْكَفَافُ: هُوَ الَّذِي لَا يفضُل عَنِ الشَّيْءِ وَيَكُونُ بقدْر الْحَاجَةِ إِليه، وَهُوَ نَصْب عَلَى الْحَالِ، وَقِيلَ: أَراد بِهِ مَكْفُوفًا عَنِّي شرُّها، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن لَا تنالَ مِنِّي وَلَا أَنالَ مِنْهَا أَي تكُفَّ عَنِّي وأَكُفَّ عَنْهَا. ابْنُ بَرِّيٍّ: والكِفَافُ الطَّورُ، قَالَ عَبْدُ بَنِي الحَسْحاس:

أَحارِ تَرَى البَرْقَ لَمْ يَغْتَمِضْ ... ، يُضِيء كِفَافاً، ويَخْبُو كِفَافا

وقال رؤبة: «٥»


(٤). هذا البيت للأخطل من قصيدته: خف القطين إلخ.
(٥). قوله [وَقَالَ رُؤْبَةُ فَلَيْتَ حَظِّي إلخ] في هامش النهاية: وقد يبنى على الكسر فيقال دعني كفاف، أنشد أبو زيد لرؤبة: فليت حظي (البيت).

<<  <  ج: ص:  >  >>